زبدة القول

منظمة الأمم المختلفة

| د. بثينة خليفة قاسم

أمر‭ ‬غريب‭ ‬أن‭ ‬تسمى‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بهذا‭ ‬الاسم‭ ‬وبين‭ ‬أعضائها‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الخلافات‭ ‬العميقة،‭ ‬ومن‭ ‬العجيب‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬يسمى‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬بهذا‭ ‬الاسم‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬جزء‭ ‬منه‭. ‬هل‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭ ‬يختلف‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬ويفشل‭ ‬في‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬مسودة‭ ‬أو‭ ‬إعلان‭ ‬خطر‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬عدو‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬المرض؟

هذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬حيث‭ ‬حدثت‭ ‬خلافات‭ ‬على‭ ‬صياغات‭ ‬ومفردات‭ ‬معينة‭ ‬استخدمت‭ ‬في‭ ‬نص‭ ‬المسودة‭ ‬التي‭ ‬أعدت‭ ‬حول‭ ‬خطورة‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬وضرورة‭ ‬أن‭ ‬يتعاون‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬مواجهته‭ ‬ودعم‭ ‬الدولة‭ ‬الفقيرة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬المال‭ ‬والأنظمة‭ ‬الصحية‭ ‬القوية‭ ‬لمواجهته‭.‬

تعودنا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تختلف‭ ‬الدول‭ ‬وتتصادم‭ ‬داخل‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬وتستخدم‭ ‬الفيتو‭ ‬حول‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬بينها،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬الصراع‭ ‬الجاري‭ ‬بين‭ ‬عدو‭ ‬خفي‭ ‬وبين‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬غنيه‭ ‬وفقيره،‭ ‬عدو‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬بالحدود‭ ‬ولا‭ ‬يهمه‭ ‬غني‭ ‬أو‭ ‬فقير،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬لم‭ ‬يتحد‭ ‬العالم‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭.‬

آه‭ ‬أيها‭ ‬العالم‭ ‬الغريب‭! ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬الدول‭ ‬قد‭ ‬استخدمت‭ ‬فوائضها‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مستشفيات‭ ‬وصناعة‭ ‬أجهزة‭ ‬التنفس‭ ‬الصناعي‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬صناعة‭ ‬الإرهاب‭ ‬وصناعة‭ ‬السلاح‭ ‬لكان‭ ‬العالم‭ ‬أحسن‭ ‬حالا‭ ‬ولما‭ ‬كان‭ ‬للبشر‭ ‬أن‭ ‬يناموا‭ ‬في‭ ‬طرقات‭ ‬المستشفيات‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭!‬

إلى‭ ‬متى‭ ‬ستمضي‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬الصراع‭ ‬والتناحر؟‭ ‬وإلى‭ ‬متى‭ ‬سيستمر‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬البر‭ ‬والبحر؟‭ ‬هل‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬المريرة‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬عدو‭ ‬لا‭ ‬تراه‭ ‬العين‭ ‬ستجعل‭ ‬عالم‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‭ ‬مختلفا‭ ‬عن‭ ‬عالم‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬كورونا؟‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬سيحدث،‭ ‬واسألوا‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬“الأمن”‭... ‬على‭ ‬ماذا‭ ‬اختلفتم؟‭.‬