نقطة

استثمروا في وقت آخر

| رانيا الحاطي

منذ‭ ‬بداية‭ ‬أزمة‭ ‬“كورونا”‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬كانت‭ ‬راحة‭ ‬المواطن‭ ‬وأمنه‭ ‬وسلامته‭ ‬الهم‭ ‬الأكبر‭ ‬للقيادة‭ ‬الرشيدة‭ ‬للمملكة،‭ ‬وتبعا‭ ‬لذلك‭ ‬صدرت‭ ‬التوجيهات‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬المواطنين‭ ‬لتخفيف‭ ‬التبعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتوقعة‭ ‬لهذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬وفي‭ ‬خطوة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬شهدنا‭ ‬تجاوب‭ ‬البنوك‭ ‬التجارية‭ ‬وشركات‭ ‬التمويل‭ ‬الأهلية‭ ‬من‭ ‬تأجيل‭ ‬وتجميد‭ ‬للقروض‭ ‬الشخصية‭ ‬للمواطنين،‭ ‬ومواكبة‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية‭ ‬لتسهيل‭ ‬التعاملات‭ ‬البنكية‭ ‬والمالية‭ ‬عن‭ ‬بعد‭.‬

لكن‭ ‬للأسف‭ ‬هناك‭ ‬صورة‭ ‬أخرى‭ ‬مغايرة‭ ‬لهذه‭ ‬الصورة‭ ‬المشرفة،‭ ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يفكر‭ ‬بعقلية‭ ‬الاستثمار‭ ‬والاستغلال‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬الأزمات،‭ ‬فبعض‭ ‬شركات‭ ‬الاتصال‭ ‬مازالت‭ ‬تمطرنا‭ ‬بمكالمات‭ ‬“العروض‭ ‬الخاصة”‭ ‬و”الباقات‭ ‬المتميزة”‭! ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬زادت‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬استغلالا‭ ‬للوضع‭ ‬الحالي‭ ‬لانعزال‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬بيوتهم‭ ‬وانكبابهم‭ ‬على‭ ‬الهواتف‭ ‬لمتابعة‭ ‬الأخبار‭ ‬العالمية‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬وفي‭ ‬الحقيقة‭ ‬لا‭ ‬أرى‭ ‬أية‭ ‬ميزة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يتلقى‭ ‬مواطن‭ ‬اتصالات‭ ‬عدة‭ ‬يوميا‭ ‬لإقناعه‭ ‬بدفع‭ ‬مبالغ‭ ‬إضافية‭ ‬على‭ ‬فاتورته‭ ‬الشهرية‭ ‬التي‭ ‬لربما‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يفكر‭ ‬كيف‭ ‬سيقوم‭ ‬بسدادها‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬صعب‭ ‬مثل‭ ‬هذا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬مازالت‭ ‬فواتير‭ ‬الهواتف‭ ‬على‭ ‬تسعيرتها‭ ‬الأساسية،‭ ‬بلا‭ ‬تأجيل‭ ‬أو‭ ‬تخفيض‭ ‬أو‭ ‬مراعاة‭. ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬المتوقع‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬أن‭ ‬تمتثل‭ ‬لمبادرة‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬الأخذ‭ ‬بيد‭ ‬المواطن‭ ‬والوقوف‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المحنة،‭ ‬خصوصا‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬توجيهات‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬بتكفل‭ ‬الدولة‭ ‬برواتب‭ ‬المواطنين‭ ‬خلال‭ ‬الشهور‭ ‬القادمة‭.‬

لم‭ ‬تقتصر‭ ‬محاولات‭ ‬الاستثمار‭ ‬الاستغلالي‭ ‬عند‭ ‬عتبات‭ ‬فواتير‭ ‬الاتصالات‭ ‬بل‭ ‬امتدت‭ ‬إلى‭ ‬رفوف‭ ‬الأغذية‭ ‬والخضروات‭ ‬والفواكه،‭ ‬لنشهد‭ ‬ارتفاعا‭ ‬غير‭ ‬منطقي‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬أغلب‭ ‬أصناف‭ ‬الخضروات‭ ‬والفواكه‭ ‬ومحاولات‭ ‬للاحتكار،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الموردين‭ ‬للعب‭ ‬لعبة‭ ‬“التاجر‭ ‬الشاطر”‭ ‬الذي‭ ‬يعرف‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬تؤكل‭ ‬الكتف‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬كتف‭ ‬أخيه‭.‬

هذه‭ ‬المحاولات‭ ‬باءت‭ ‬بالفشل‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬توجيهات‭ ‬حاسمة‭ ‬من‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقر‭ ‬بتكثيف‭ ‬حملات‭ ‬التفتيش‭ ‬ومراقبة‭ ‬الأسعار‭ ‬وملاحقة‭ ‬كل‭ ‬محاولات‭ ‬الاحتكار‭ ‬والتلاعب‭ ‬واستغلال‭ ‬المواطن،‭ ‬بل‭ ‬وإطالة‭ ‬عمر‭ ‬المخازن‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لضمان‭ ‬وفرة‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬والسلع‭ ‬في‭ ‬السوق‭.‬

هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬والتوجيهات‭ ‬الكريمة‭ ‬من‭ ‬حكومتنا‭ ‬ليست‭ ‬محاولات‭ ‬لرفع‭ ‬العتب،‭ ‬بل‭ ‬نهج‭ ‬قويم‭ ‬أسست‭ ‬عليه‭ ‬هذه‭ ‬المملكة‭ ‬لضمان‭ ‬حق‭ ‬المواطنين‭ ‬وديمومة‭ ‬الاستقرار‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬للتجار‭ ‬وأصحاب‭ ‬المؤسسات‭ ‬والمصالح‭ ‬التجارية‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬ليس‭ ‬وقتاً‭ ‬للاستثمار‭ ‬واستغلال‭ ‬حاجة‭ ‬المواطنين‭ ‬وهلعهم‭ ‬والطبطبة‭ ‬عليهم‭ ‬بمبادرات‭ ‬خجولة،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬وقت‭ ‬للتكاتف‭ ‬وتسطير‭ ‬مواقف‭ ‬يشاد‭ ‬بها‭ ‬ودعوة‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬يدهم‭ ‬بيد‭ ‬الحكومة‭ ‬لتتخطى‭ ‬البلاد‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬الحرجة‭ ‬بسلام‭.‬