لمحات

سينما الفيروسات

| د.علي الصايغ

لعلنا‭ ‬كنا‭ ‬نعتقد‭ ‬بسطوة‭ ‬عنصر‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬أحداث‭ ‬ووقائع‭ ‬قصص‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬السينمائية،‭ ‬خصوصا‭ ‬الأميركية‭ ‬منها،‭ ‬لكننا‭ ‬اليوم،‭ ‬وبعد‭ ‬إعلان‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ (‬كوبيد‭ ‬19‭) ‬وباءً‭ ‬عالمياً،‭ ‬واتباع‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تدابير‭ ‬وقائية‭ ‬مشددة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬الفيروس‭ ‬الذي‭ ‬يقلق‭ ‬العالم،‭ ‬ويبث‭ ‬الرعب‭ ‬في‭ ‬النفوس،‭ ‬فإننا‭ ‬ننظر‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬الواقعية‭ ‬للأعمال‭ ‬التي‭ ‬تناولت‭ ‬قساوة‭ ‬الفيروسات‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬الأفلام‭ ‬السينمائية،‭ ‬وبكثير‭ ‬من‭ ‬التصديق‭ ‬للأحداث‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬السينما‭ ‬طوال‭ ‬السنوات‭ ‬الطويلة‭ ‬الماضية‭.‬

هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬تناولت‭ ‬غزو‭ ‬الفيروسات‭ ‬للعالم،‭ ‬ومحاولة‭ ‬أبطالها‭ ‬محاربتها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تنتشر‭ ‬أكثر،‭ ‬وتقضي‭ ‬على‭ ‬البشرية،‭ ‬ومنها‭ ‬قائمة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الأفلام،‭ ‬مثل‭ ‬فيلم‭ (‬الفيروس‭ ‬القاتل‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬عرض‭ ‬عام‭ ‬2010،‭ ‬والفيلم‭ ‬البريطاني‭ (‬يوم‭ ‬القيامة‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬عرض‭ ‬عام‭ ‬2008،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الأفلام‭ ‬قرباً‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬من‭ ‬أحداث،‭ ‬هو‭ ‬الفيلم‭ ‬الأميركي‭ (‬كونتجين‭) ‬أو‭ (‬عدوى‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬عرض‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬للمخرج‭ ‬ستيفن‭ ‬سودربرغ؛‭ ‬إذ‭ ‬يحكي‭ ‬قصة‭ ‬انتشار‭ ‬فيروس‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬اللمس،‭ ‬ويتم‭ ‬فحص‭ ‬العينات‭ ‬من‭ ‬الأنف‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬طريقة‭ ‬فحص‭ ‬فيروس‭ (‬كورونا‭)‬،‭ ‬والغريب‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التطابق‭ ‬أن‭ ‬سبب‭ ‬انتشار‭ ‬الفيروس‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬الخفاش‭ ‬تحديداً،‭ ‬وينتقل‭ ‬بدوره‭ ‬إلى‭ ‬الخنزير؛‭ ‬إذ‭ ‬يشتري‭ ‬أحدهم‭ ‬الخنزير،‭ ‬وبعد‭ ‬ملامسة‭ ‬الطباخ‭ ‬الصيني‭ ‬فم‭ ‬الخنزير‭ ‬وهو‭ ‬مذبوح،‭ ‬يسلم‭ ‬على‭ ‬امرأة‭ ‬أميركية‭ ‬دون‭ ‬غسل‭ ‬يديه‭ ‬فينقل‭ ‬إليها‭ ‬العدوى،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تنتشر‭ ‬بين‭ ‬الملايين‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭!‬

إنَّ‭ ‬أصل‭ ‬الفيروسات‭ ‬وضراوتها،‭ ‬والتاريخ‭ ‬الطويل‭ ‬للتعامل‭ ‬الصعب‭ ‬معها‭ ‬ليس‭ ‬محض‭ ‬خيال،‭ ‬أو‭ ‬مبالغة،‭ ‬فالعلم‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مجاهداً‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬فك‭ ‬طلاسم‭ ‬مخلوق‭ ‬يصغر‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬البكتيريا‭ ‬بعشرات‭ ‬المرات،‭ ‬كائن‭ ‬مراوغ‭ ‬شرس،‭ ‬يتحور‭ ‬حتى‭ ‬يجدد‭ ‬هجومه‭ ‬بطرق‭ ‬مختلفة‭ ‬ومفاجئة،‭ ‬وهنا‭ ‬تكمن‭ ‬صعوبة‭ ‬التعامل‭ ‬معه،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعلنا‭ ‬اليوم‭ ‬جميعاً‭ ‬مدركين‭ ‬لأهمية‭ ‬الالتزام‭ ‬بكل‭ ‬الإرشادات‭ ‬الصحية‭ ‬التي‭ ‬توجهها‭ ‬إلينا‭ ‬الحكومة‭ ‬حتى‭ ‬نكون‭ ‬في‭ ‬مأمن،‭ ‬ونسلم‭ ‬من‭ ‬شراسة‭ ‬العدو‭ ‬الأول‭ ‬اليوم‭ ‬للبشرية‭.‬