زبدة القول

ويبقى ميزان الكون بيد الله

| د. بثينة خليفة قاسم

فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬أو‭ ‬“كوفيد‭ ‬‮١٩‬”‭ ‬قطع‭ ‬أوصال‭ ‬العالم‭ ‬وحرم‭ ‬‮٣٠٠‬‭ ‬مليون‭ ‬من‭ ‬التلاميذ‭ ‬من‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬مدارسهم،‭ ‬وأحدث‭ ‬خسائر‭ ‬اقتصادية‭ ‬وأوقف‭ ‬السفر‭ ‬بين‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭.‬

ووقف‭ ‬العالم‭ ‬بكل‭ ‬إمكانياته‭ ‬وتقدمه‭ ‬العلمي‭ ‬وما‭ ‬يمتلكه‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬حرب‭ ‬وتجسس‭ ‬وسلاح‭ ‬نووي‭ ‬وسلاح‭ ‬تقليدي،‭ ‬وقف‭ ‬عاجزا‭ ‬عن‭ ‬مواجهة‭ ‬فيروس‭ ‬لا‭ ‬تراه‭ ‬العين‭. ‬

العالم‭ ‬يقتل‭ ‬بعضه‭ ‬بعضا‭ ‬وأجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬تستطيع‭ ‬بوسائل‭ ‬شتى‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬المعلومات‭ ‬وتنقذ‭ ‬عمليات‭ ‬لا‭ ‬يتخيلها‭ ‬عقل،‭ ‬والعلوم‭ ‬الطبية‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬مدى‭ ‬بعيد‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬الأمراض‭ ‬ومعرفة‭ ‬أسبابها‭ ‬وعلاجها،‭ ‬لكنها‭ ‬تقف‭ ‬عاجزة‭ ‬أمام‭ ‬فيروس‭ ‬دقيق‭ ‬الحجم‭.‬

وعندما‭ ‬يتمكن‭ ‬أهل‭ ‬العلم‭ ‬يوما‭ ‬من‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬علاج‭ ‬له‭ ‬كما‭ ‬فعلوا‭ ‬مع‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬سيظهر‭ ‬غيره‭ ‬ويكون‭ ‬أشد‭ ‬خطورة‭ ‬وفتكا‭ ‬لكي‭ ‬تبقى‭ ‬قدرة‭ ‬الله‭ ‬هي‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكون‭ ‬ويبقى‭ ‬الإنسان‭ ‬رغم‭ ‬تجبره‭ ‬كائنا‭ ‬ضعيفا‭. ‬

وحتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬الإنسان‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬البعض‭ ‬وكونه‭ ‬سلاحا‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬الحرب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الدائرة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فهو‭ ‬يبقى‭ ‬دليلا‭ ‬على‭ ‬ضعف‭ ‬الإنسان‭ ‬وعجزه‭ ‬مهما‭ ‬أوتي‭ ‬من‭ ‬قوة،‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬عن‭ ‬سيطرة‭ ‬الذين‭ ‬صنعوه‭ ‬فيصبحون‭ ‬كمن‭ ‬أخرج‭ ‬العفريت‭ ‬من‭ ‬الزجاجة‭ ‬ولم‭ ‬يستطع‭ ‬إعادته‭ ‬إليها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬

هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتوحش‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك؟‭ ‬وهل‭ ‬مجيء‭ ‬الصيف‭ ‬سيقضي‭ ‬عليه؟‭ ‬وهل‭ ‬وجدوا‭ ‬لقاحا‭ ‬أو‭ ‬علاجا؟‭ ‬أسئلة‭ ‬يطلقها‭ ‬الناس‭ ‬مئات‭ ‬المرات‭ ‬خلال‭ ‬اليوم‭ ‬الواحد‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يجدوا‭ ‬إجابة‭ ‬تريح‭ ‬قلوبهم،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬بأيدي‭ ‬الناس‭ ‬سوى‭ ‬التضرع‭ ‬لله‭ ‬الذي‭ ‬بيده‭ ‬ميزان‭ ‬هذا‭ ‬الكون‭.‬

وسيبقى‭ ‬الإنسان‭ ‬بكل‭ ‬تجبره‭ ‬وغروره‭ ‬كائنا‭ ‬ضعيفا‭ ‬ترعبه‭ ‬عطسة‭ ‬وتجعله‭ ‬يركض‭ ‬إلى‭ ‬معامل‭ ‬التحليل‭ ‬ليعرف‭ ‬هل‭ ‬أصيب‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬وتزعجه‭ ‬نوبة‭ ‬صداع‭ ‬بسيطة‭ ‬وتحرمه‭ ‬النوم،‭ ‬فكم‭ ‬نحن‭ ‬ضعفاء‭ ‬وفقراء‭ ‬إلى‭ ‬الله‭.‬