سوالف

صراع الإنسان مع الفيروسات

| أسامة الماجد

يا‭ ‬سبحان‭ ‬الله،‭ ‬فيروس‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬إلا‭ ‬بالمجهر‭ ‬فعل‭ ‬فعلته‭ ‬في‭ ‬البشرية‭ ‬وجعل‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬تعيش‭ ‬حالة‭ ‬طوارئ،‭ ‬بل‭ ‬أكاد‭ ‬أجزم‭ ‬أن‭ ‬فيروس‭ ‬“كورونا”‭ ‬وحد‭ ‬البشرية‭ ‬وجعل‭ ‬الناس‭ ‬وكأنهم‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬دراسي‭ ‬واحد‭ ‬يستمعون‭ ‬إلى‭ ‬الشرح‭ ‬والطريقة‭ ‬المثلى‭ ‬لمحاربته،‭ ‬لأن‭ ‬المعركة‭ ‬واحدة‭ ‬وليست‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬بعرق‭ ‬أو‭ ‬دين‭ ‬أو‭ ‬دولة‭.‬

لطالما‭ ‬وقفت‭ ‬كثيرا‭ ‬عند‭ ‬هذه‭ ‬الآية‭ ‬العظيمة‭ ‬“وَمَا‭ ‬أُوتِيتُم‭ ‬مِّنَ‭ ‬الْعِلْمِ‭ ‬إِلَّا‭ ‬قَلِيلًا”،‭ ‬لأن‭ ‬فيها‭ ‬عبرا‭ ‬ودروسا‭ ‬وتأكيدا‭ ‬على‭ ‬ضعف‭ ‬الإنسان‭ ‬ومحدودية‭ ‬علمه،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نعيشه‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬تقدم‭ ‬علمي‭ ‬نحسبه‭ ‬كبيرا،‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يزن‭ ‬جناح‭ ‬بعوضة‭.‬

وقع‭ ‬بين‭ ‬يدي‭ ‬كتاب‭ ‬صغير‭ ‬جدا‭ ‬عنوانه‭ ‬“معارك‭ ‬وخطوط‭ ‬دفاعية‭ ‬في‭ ‬جسمك”،‭ ‬للدكتور‭ ‬عبدالمحسن‭ ‬صالح،‭ ‬صادر‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬وجدته‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬الوالد،‭ ‬وأرى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المناسب‭ ‬نقل‭ ‬مقتطفات‭ ‬منه‭ ‬كوننا‭ ‬نعيش‭ ‬أزمة‭ ‬“كورونا”،‭ ‬يقول‭ ‬الدكتور‭ ‬صالح‭: ‬الغزو‭ ‬يأتينا‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬الدقيقة‭ ‬التي‭ ‬تحوم‭ ‬حولنا،‭ ‬وتتحين‭ ‬الفرصة‭ ‬للفتك‭ ‬بأجسامنا،‭ ‬وعيوننا‭ ‬قاصرة‭ ‬عن‭ ‬رؤية‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الغريب‭ ‬المتطاحن،‭ ‬لهذا‭ ‬أطلقنا‭ ‬عليه‭ ‬اسم‭ ‬الكائنات‭ ‬غير‭ ‬المنظورة،‭ ‬وقانوننا‭ ‬الأزلي‭.. ‬اضرب‭ ‬حياة‭ ‬بحياة،‭ ‬أو‭ ‬سلط‭ ‬مخلوقا‭ ‬على‭ ‬مخلوق‭ ‬آخر،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تفسد‭ ‬الأرض‭. ‬ويضيف‭... ‬مازلنا‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬مع‭ ‬الفيروسات‭ ‬التي‭ ‬تحطم‭ ‬أحيانا‭ ‬حياة‭ ‬البشر‭ ‬وتحطم‭ ‬ثرواتهم‭ ‬الحيوانية‭ ‬والنباتية‭ ‬ولنا‭ ‬معها‭ ‬صولات‭ ‬وجولات‭.‬

ويقول‭ ‬أيضا‭.. ‬هناك‭ ‬سر‭ ‬عظيم‭ ‬داخل‭ ‬خلايا‭ ‬أجسامنا،‭ ‬فخلية‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تتفاهم‭ ‬مع‭ ‬خلية‭ ‬أخرى،‭ ‬أعنى،‭ ‬إذا‭ ‬دخلت‭ ‬خلية‭ ‬غريبة‭ ‬إلى‭ ‬الجسم‭ ‬الحي،‭ ‬فإن‭ ‬خلايا‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬أجسامنا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تستخلص‭ ‬السر‭ ‬الذي‭ ‬عجزنا‭ ‬نحن‭ ‬عن‭ ‬استخلاصه،‭ ‬ثم‭ ‬تجهز‭ ‬لها‭ ‬–‭ ‬للغريبة‭- ‬سلاحا‭ ‬سريا‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬ينال‭ ‬منها،‭ ‬أما‭ ‬كيف‭ ‬تدرس‭ ‬هذه‭ ‬تلك‭ ‬وكيف‭ ‬تصنع‭ ‬لها‭ ‬السلاح‭ ‬الفتاك،‭ ‬فلا‭ ‬علم‭ ‬لنا‭ ‬به‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭. ‬هناك‭ ‬خطوط‭ ‬رائعة‭ ‬تحميك‭ ‬من‭ ‬أخطار‭ ‬كثيرة‭ ‬تحوم‭ ‬حولك‭ ‬ليلا‭ ‬ونهارا،‭ ‬ولولاها‭ ‬لما‭ ‬ظهر‭ ‬مخلوق‭ ‬واحد‭ ‬يجري‭ ‬أمامك‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب،‭ ‬وجسم‭ ‬الإنسان‭ ‬بمثابة‭ ‬حصن‭ ‬منيع‭ ‬يقاوم‭ ‬ويتصارع‭ ‬ويصد‭ ‬العدوان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استحكامات‭ ‬رائعة‭ ‬في‭ ‬جسمه،‭ ‬فإذا‭ ‬انهارت‭ ‬تهدم‭ ‬الحصن‭ ‬أمام‭ ‬ضربات‭ ‬معاول‭ ‬الفيروسات‭.‬