نقطة

كما ترانا الكورونا

| رانيا الحاطي

في‭ ‬ظل‭ ‬ماترتب‭ ‬عليه‭ ‬تفشي‭ ‬فايروس‭ ‬كورونا‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬العزل‭ ‬والانعزال‭ ‬قبعت‭ ‬وقاية‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬،‭ ‬وأصبحت‭ ‬أكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للعالم‭  ‬مما‭ ‬لو‭ ‬كنت‭ ‬بالخارج،‭ ‬فما‭ ‬نقرأه‭ ‬من‭ ‬أخبار‭ ‬وأحداث‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬صحيحة‭ ‬كانت‭ ‬أو‭ ‬مغلوطة‭ ‬تجعل‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬الصغير،‭ ‬يبدو‭ ‬وكأنه‭ ‬حاصر‭ ‬العالم‭ ‬وجعله‭ ‬أضيق‭ ‬من‭ ‬غرفتي‭.‬

الشاهد‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬أهل‭ ‬الأرض‭ ‬بمختلف‭ ‬أعراقهم‭ ‬وأجناسهم‭ ‬وطوائفهم‭ ‬وأديانهم‭ ‬وألوانهم‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬عين‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬متساوون،‭ ‬لا‭ ‬يصيب‭ ‬أحدنا‭ ‬ويترك‭ ‬الآخر‭ ‬إلا‭ ‬بمشيئة‭ ‬الله‭.‬

وبينما‭ ‬مازال‭ ‬البعض‭ ‬مصرا‭ ‬على‭ ‬التحفظ‭ ‬على‭ ‬حقائق‭ ‬يجرم‭ ‬حفظها،‭ ‬بهدف‭ ‬عنصرة‭ ‬الأحداث‭ ‬والتربح‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬الابتلاء،‭ ‬وتوزيع‭ ‬الإشاعات‭ ‬والاتهامات‭ ‬وخلق‭ ‬مدن‭ ‬من‭ ‬الأشباح،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬النجاة‭ ‬من‭ ‬الموت‭ ‬والتمسك‭ ‬بالحياة‭ ‬النزعة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬تومئ‭ ‬عندها‭ ‬جميع‭ ‬الرؤوس‭ ‬وفي‭ ‬ظلها‭ ‬ترى‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬استغنى‭ ‬عن‭ ‬الكماليات‭ ‬والبدع‭ ‬والتصنيفات‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬البشرية‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬ولا‭ ‬يتمسك‭ ‬سوى‭ ‬بأساسيات‭ ‬الحياة‭ ‬وهذه‭ ‬حقيقة‭ ‬ساخرة‭ ‬لا‭ ‬تثبت‭ ‬سوى‭ ‬تفاهة‭ ‬بني‭ ‬البشر‭ ‬أمام‭ ‬أقدار‭ ‬الله‭. ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الحقائق،‭ ‬نحن‭ ‬ندركها‭ ‬ولا‭ ‬نختلف‭ ‬فيها‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬صار‭ ‬مسلما‭ ‬بها،‭ ‬وقابعة‭ ‬في‭ ‬مؤخرة‭ ‬العقل‭ ‬اللاواعي،‭ ‬لذا‭ ‬حري‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬أن‭ ‬تستجلبها‭ ‬من‭ ‬مخبئها‭. ‬

وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬المثالية‭ ‬ونزولا‭ ‬إلى‭ ‬الواقع؛‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬اطلعنا‭ ‬على‭ ‬تاريخ‭ ‬الأوبئة‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العصور‭ ‬سنرى‭ ‬أنه‭ ‬يعكس‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭ ‬تكرار‭ ‬السلوك‭ ‬البشري‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬يبدأ‭ ‬بالتخبط‭ ‬والشائعات‭ ‬المغرضة‭ ‬جنبا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬الترنح‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وانحسار‭ ‬حركات‭ ‬التنقل‭ ‬والتواصل‭ ‬العالمي‭ ‬درءا‭ ‬لانتشار‭ ‬الوباء‭ ‬الذي‭ ‬يقودهم‭ ‬قصرا‭ ‬إلى‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬المسألة‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬موضوعي‭ ‬وإنساني‭ ‬بحت‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأرواح،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬نراه‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬بوادر‭ ‬التعاون‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تنشأ‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬وتجنيب‭ ‬الخلافات‭ ‬بهدف‭ ‬التصدي‭ ‬لهذه‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية‭.‬

في‭ ‬عمري‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يساوي‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬البشرية‭ ‬شيئا،‭ ‬علمني‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬عن‭ ‬البشر‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يستغرق‭ ‬عمرا‭ ‬كاملا‭ ‬لأتعلمه،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬موجة‭ ‬فايروس‭ ‬كورونا‭ ‬لم‭ ‬تحسم‭ ‬عواقبها‭ ‬بعد،‭ ‬ولا‭ ‬توجد‭ ‬أية‭ ‬مؤشرات‭ ‬رئيسية‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬بإذن‭ ‬الله،‭ ‬وحتى‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬أرجو‭ ‬أن‭ ‬“نقر”‭ ‬ونستكين‭ ‬وأن‭ ‬تعود‭ ‬البشرية‭ ‬إلى‭ ‬صوابها،‭ ‬إلى‭ ‬معتقدات‭ ‬تذكرها‭ ‬الأديان‭ ‬ولا‭ ‬يذكرها‭ ‬تاريخ‭ ‬البشر‭ ‬حيث‭ ‬نرى‭ ‬بعضنا‭ ‬سواسية‭ ‬تمامًا‭ ‬كما‭ ‬ترانا‭ ‬الكورونا‭(‬نقطة‭)‬