مواقف إدارية

حوار قد ينقصه الولاء

| أحمد البحر

قال‭ ‬وبشيء‭ ‬من‭ ‬الانفعال‭: ‬سمعت‭ ‬أنكم‭ ‬بصدد‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬لمؤسستكم‭ ‬وسوف‭ ‬ينتج‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬كما‭ ‬قيل‭ ‬لي،‭ ‬إلغاء‭ ‬بعض‭ ‬الوظائف‭ ‬واستحداث‭ ‬أخرى،‭ ‬وعرفت‭ ‬بأن‭ ‬وظيفتي‭ ‬ستكون‭ ‬ضمن‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬ستلغى‭. ‬أريدكم‭ ‬أن‭ ‬تعلموا‭ ‬بأني‭ ‬لن‭ ‬أسكت‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬وسأشكوكم،‭ ‬فإلغاء‭ ‬الوظيفة‭ ‬يعني‭ ‬بأن‭ ‬شاغلها‭ ‬قد‭ ‬يصبح‭ ‬خارج‭ ‬قائمة‭ ‬العاملين،‭ ‬أليس‭ ‬كذلك؟

بعد‭ ‬لحظات‭ ‬صمت‭ ‬أجبت‭ ‬صاحبي‭: ‬إعادة‭ ‬الهيكلة‭ ‬هي‭ ‬ممارسة‭ ‬تفرضها‭ ‬أحوال‭ ‬السوق‭ ‬والمتغيرات‭ ‬الحاصلة‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل،‭ ‬وهي‭ ‬ممارسة‭ ‬طبيعية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬فترة‭ ‬لتكون‭ ‬المؤسسة‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬يواكب‭ ‬تلك‭ ‬المتغيرات‭ ‬وإلا‭ ‬أصبحت‭ ‬خارج‭ ‬التنافسية‭. ‬لكن‭ ‬دعني‭ ‬أسألك‭: ‬لماذا‭ ‬ترى‭ ‬هذه‭ ‬الممارسة‭ ‬تهديدًا‭ ‬لك‭ ‬وبأنها‭ ‬ستفقدك‭ ‬وظيفتك؟

ثم‭ ‬قل‭ ‬لي،‭ ‬هل‭ ‬هذه‭ ‬الممارسة‭ ‬بدعة‭ ‬إدارية‭ ‬خارج‭ ‬المنطق‭ ‬لكي‭ ‬تشكونا،‭ ‬كما‭ ‬قلت‭ ‬مع‭ ‬أني‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬أين‭ ‬ولمن‭ ‬سترفع‭ ‬هذه‭ ‬الشكوى،‭ ‬فأنا‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬أجهل‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يقف‭ ‬أو‭ ‬يمنع‭ ‬أي‭ ‬مؤسسة‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بهذه‭ ‬الممارسة‭ ‬التنظيمية‭. ‬نظر‭ ‬إليَّ‭ ‬صاحبي‭ ‬وقد‭ ‬هبطت‭ ‬درجة‭ ‬انفعاله‭ ‬وبصوت‭ ‬هادئ‭ ‬قال‭: ‬أخبرني،‭ ‬هل‭ ‬سيتم‭ ‬إلغاء‭ ‬وظيفتي‭ ‬وإذا‭ ‬حصل‭ ‬ذلك‭ ‬هل‭ ‬سأكون‭ ‬خارج‭ ‬مؤسستكم‭ ‬هذه؟

ابتسمت‭ ‬لصاحبي‭ ‬وأجبته‭: ‬لماذا‭ ‬أنت‭ ‬متخوف‭ ‬من‭ ‬ذلك؟‭ ‬لماذا‭ ‬أنت‭ ‬بالذات‭ ‬يتملكك‭ ‬هذا‭ ‬الهاجس؟‭ ‬إلغاء‭ ‬الوظيفة،‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬بالضرورة‭ ‬تسريح‭ ‬شاغلها‭ ‬وخاصة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الكفاءات‭ ‬المنتجة‭ ‬والمنضبطة،‭ ‬فهناك‭ ‬عملية‭ ‬إعادة‭ ‬توزيع‭ ‬للكوادر‭ ‬وإعادة‭ ‬تدريب‭ ‬لبعضها‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تسكينها‭ ‬على‭ ‬الوظائف‭. ‬المتوفرة‭ ‬الأخرى،‭ ‬أنا‭ ‬ما‭ ‬زلت‭ ‬أتحدّث‭ ‬عن‭ ‬الكفاءات‭ ‬المنتجة‭ ‬والمنضبطة‭ ‬والتي‭ ‬تُعرف‭ ‬بولائها‭ ‬وانتمائها‭ ‬الصادق‭.‬

ثم‭ ‬قل‭ ‬لي،‭ ‬لماذا‭ ‬تردّد‭ ‬عبارات‭: ‬مؤسستكم،‭ ‬أنتم‭ ‬تعلمون،‭ ‬سأشكوكم،‭ ‬أنتم‭ ‬كذا‭ ‬وكذا‭.

‬يبدو‭ ‬أنك‭ ‬لا‭ ‬تحس‭ ‬بالانتماء‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬التي‭ ‬جعلها‭ ‬الله‭ ‬مصدر‭ ‬رزق‭ ‬لك‭ ‬ولعائلتك‭.! ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬البشر؟‭.‬