سوالف

أعمال الشغب بالهند ستنتهي بتعاليم “غاندي”

| أسامة الماجد

حصلت‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬وشغب‭ ‬بين‭ ‬المسلمين‭ ‬والهندوس‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الهندية‭ ‬نيودلهي،‭ ‬وهي‭ ‬أعمال‭ ‬تعيد‭ ‬إلى‭ ‬الذاكرة‭ ‬أحداث‭ ‬الثمانينات‭ ‬والتسعينات،‭ ‬لكن‭ ‬الهند،‭ ‬بلاد‭ ‬الحضارات‭ ‬والملاحم‭ ‬الخالدة‭ ‬والتقاليد‭ ‬العريقة،‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬اجتياز‭ ‬الأزمة‭ ‬وسيعود‭ ‬الطرفان‭ ‬إلى‭ ‬تعاليم‭ ‬المعلم‭ ‬الخالد‭ ‬“غاندي”‭ ‬وبخشوع،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬لكلماته‭ ‬سحرا‭ ‬وتخلص‭ ‬النفس‭ ‬من‭ ‬شباك‭ ‬الطائفية‭ ‬والعنف،‭ ‬وعلى‭ ‬مر‭ ‬التاريخ‭ ‬لم‭ ‬تذبل‭ ‬زهور‭ ‬السلام‭ ‬والمحبة‭ ‬التي‭ ‬أوجدها‭ ‬غاندي‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الشعب‭ ‬الهندي‭.‬

كتب‭ ‬التاريخ‭ ‬تحدثنا‭  ‬أن‭ ‬“غاندي”‭ ‬أنشأ‭ ‬معاهد‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬مهمتها‭ ‬تدريب‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬علوم‭ ‬“عدم‭ ‬العنف”،‭ ‬كان‭ ‬الهندوس،‭ ‬والمسلمون،‭ ‬والسيخ،‭ ‬والمجوس،‭ ‬والمسيحيون،‭ ‬واليهود،‭ ‬يعيشون‭ ‬فيها‭ ‬ويؤدون‭ ‬عباداتهم‭ ‬في‭ ‬أخوة‭ ‬كاملة‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬كل‭ ‬دين‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأديان‭ ‬ممثلا‭ ‬في‭ ‬المعهد،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬صباح‭ ‬ومساء‭ ‬تبدأ‭ ‬الصلاة‭ ‬بتلاوة‭ ‬من‭ ‬آيات‭ ‬الذكر‭ ‬الحكيم،‭ ‬ومن‭ ‬البهاجافاد‭ ‬جيتا‭ ‬“تعاليم‭ ‬الهندوس”،‭ ‬ومن‭ ‬جرانتا‭ ‬صاحب‭ ‬“كتاب‭ ‬السيخ‭ ‬الديني”،‭ ‬ومن‭ ‬الإنجيل،‭ ‬ومن‭ ‬كتب‭ ‬البوذيين،‭ ‬كما‭ ‬ترتل‭ ‬الترانيم‭ ‬الدينية،‭ ‬وهكذا‭ ‬كان‭ ‬المعهد‭ ‬رمزا‭ ‬مصغرا‭ ‬للوحدة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬ينشدها‭ ‬غاندي‭ ‬وأسلوبا‭ ‬من‭ ‬أساليب‭ ‬التدريب‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يريد‭ ‬تلقينها‭ ‬لكل‭ ‬فرد‭ ‬وهو‭ ‬يعده‭ ‬لممارسة‭ ‬العمل‭ ‬المنزه‭ ‬عن‭ ‬العنف‭.‬

غاندي‭ ‬كان‭ ‬يؤمن‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬النفس‭ ‬الإنسانية‭ ‬من‭ ‬طيبة‭ ‬كامنة‭ ‬وكان‭ ‬يهدف‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الظروف‭ ‬إلى‭ ‬استثارة‭ ‬الخير‭ ‬الكامن‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬خصمه،‭ ‬أما‭ ‬حين‭ ‬يعرض‭ ‬الخصم‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يقابله‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الطريق،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬واجب‭ ‬أتباعه‭ ‬“أي‭ ‬أتباع‭ ‬غاندي‭ ‬والملقبين‭ ‬بـالساتياجراهي”‭ ‬أن‭ ‬يحفظوا‭ ‬عليه‭ ‬كرامته‭ ‬وأن‭ ‬ينقذوا‭ ‬ماء‭ ‬وجهه‭ ‬بأن‭ ‬يوافقوه‭ ‬على‭ ‬رغبته‭ ‬دون‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬موقفهم‭ ‬الأصلي‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬السينما‭ ‬الهندية‭ ‬قدمت‭ ‬لنا‭ ‬أفلاما‭ ‬عظيمة‭ ‬عن‭ ‬الوحدة‭ ‬ونبذ‭ ‬الطائفية‭ ‬ووقوف‭ ‬أبناء‭ ‬الهند‭ ‬تحت‭ ‬راية‭ ‬واحدة‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬ديانتهم،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬الرائع‭ ‬“كرانتي”‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬أسطورة‭ ‬بوليوود‭ ‬دليب‭ ‬كومار‭ ‬بداية‭ ‬الثمانينات‭.‬

يقول‭ ‬غاندي‭ ‬“لا‭ ‬أعرف‭ ‬خطيئة‭ ‬أعظم‭ ‬من‭ ‬اضطهاد‭ ‬بريء‭ ‬باسم‭ ‬الله”،‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬حلم‭ ‬المناضل‭ ‬الكبير‭ ‬غاندي‭ ‬وكفاحه‭ ‬المرير‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وحدة‭ ‬الهند‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬طوائفها‭.‬