إيران... “الانقلاب العسكري” ومتطلبات المرحلة الجديدة (2)

| صالح القلاب

معروف‭ ‬أن‭ ‬مكونات‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬متعددة‭ ‬وكثيرة،‭ ‬إنْ‭ ‬قومية‭ ‬وإنْ‭ ‬مذهبية‭ ‬وأيضاً‭ ‬دينية،‭ ‬لكن‭ ‬المفترض‭ ‬ألا‭ ‬تضيع‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة‭ ‬التاريخية،‭ ‬فهذا‭ ‬النظام،‭ ‬بعد‭ ‬مهزلة‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬بات‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬طغمة‭ ‬عسكرية‭ ‬منبوذة‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬وللأسف‭ ‬علي‭ ‬خامنئي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الشاه‭ ‬محمد‭ ‬رضا‭ ‬بهلوي‭ ‬أحد‭ ‬رموز‭ ‬المعارضة‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يلتقي‭ ‬في‭ ‬إطارها‭ ‬الجميع‭ ‬وعلى‭ ‬أساس‭ ‬حزب‭ ‬“توده”‭ ‬الشيوعي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الملالي،‭ ‬فهذه‭ ‬الفرصة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يستغلها‭ ‬كل‭ ‬الذين‭ ‬تقع‭ ‬عليهم‭ ‬مسؤولية‭ ‬التغيير‭ ‬المطلوب‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يريده‭ ‬الإيرانيون‭ ‬بغالبيتهم‭ ‬المطلقة‭ ‬وهذا‭ ‬إنْ‭ ‬ليس‭ ‬كلهم‭.‬

إن‭ ‬كثيرين‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬قد‭ ‬راهنوا‭ ‬على‭ ‬آية‭ ‬الله‭ ‬الخميني،‭ ‬ولاحقاً‭ ‬على‭ ‬علي‭ ‬خامنئي،‭ ‬أصبحوا‭ ‬مطارَدين‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الطغمة‭ ‬العسكرية‭ ‬الحاكمة‭ ‬ومن‭ ‬بينهم‭ ‬الرئيس‭ ‬هاشمي‭ ‬رفسنجاني‭. ‬وحقيقةً،‭ ‬إنه‭ ‬ثبت‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الثورات‭ ‬كالقطط‭ ‬تأكل‭ ‬أبناءها،‭ ‬وهذا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الثورة‭ ‬سابقاً‭ ‬ومنذ‭ ‬الأيام‭ ‬الأولى‭ ‬ولاحقاً‭ ‬وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ - ‬مرة‭ ‬أخرى‭ - ‬أنه‭ ‬على‭ ‬قوى‭ ‬المعارضة،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬عقدت‭ ‬مؤتمراً‭ ‬توحيدياً‭ ‬في‭ ‬بروكسل‭ ‬قبل‭ ‬فترة،‭ ‬أن‭ ‬تنتقل‭ ‬فعلياً‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬إلى‭ ‬الداخل،‭ ‬وأن‭ ‬تستغل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬غدت‭ ‬سانحة‭ ‬لتستبدل‭ ‬بنضال‭ ‬البيانات‭ ‬والأقوال‭ ‬الأفعال،‭ ‬ولتغلب‭ ‬العام‭ ‬الوطني‭ ‬على‭ ‬الخاص‭ ‬الشخصي،‭ ‬وهنا‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬المسؤولية‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬حركة‭ ‬“مجاهدي‭ ‬خلق”‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنها‭ ‬المعارضة‭ ‬الإيرانية‭ ‬الرئيسية‭.‬

ثم‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬أيضاً‭ ‬يجب‭ ‬أنْ‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬ضغط‭ ‬عربي‭ ‬ودولي‭ ‬فعلي‭ ‬لإنهاء‭ ‬هذا‭ ‬التمدد‭ ‬الإيراني‭ ‬العسكري‭ ‬والسياسي‭ ‬والمذهبي‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬واقع‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬وأيضاً‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ (‬الحوثية‭)‬،‭ ‬فهذا‭ ‬التمدد‭ ‬يعني‭ ‬تصديراً‭ ‬للأزمة‭ ‬الإيرانية‭ ‬الداخلية‭ ‬إلى‭ ‬الخارج،‭ ‬ويعني‭ ‬إلهاءً‭ ‬للشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬بقضايا‭ ‬هي‭ ‬ليست‭ ‬قضاياه،‭ ‬وحقيقة‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬الإيرانيين‭ ‬ومعهم‭ ‬بعض‭ ‬العرب‭ ‬أيضاً‭ ‬يصدقون‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬التدخل‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬آنفة‭ ‬الذكر‭ ‬هدفه‭ ‬تحرير‭ ‬فلسطين‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬“العدو‭ ‬الصهيوني”‭!.‬

وكل‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬بقيت‭ ‬وعلى‭ ‬مدى‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬الطويلة‭ ‬تستهدف‭ ‬قوى‭ ‬المعارضة‭ ‬السورية،‭ ‬ولم‭ ‬ترُد‭ ‬حتى‭ ‬ولا‭ ‬بطلقة‭ ‬واحدة‭ ‬على‭ ‬استهداف‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬شبه‭ ‬يومي،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬الآن‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬وجود‭ ‬الإيرانيين‭ ‬فيه،‭ ‬إنْ‭ ‬مباشرةً‭ ‬وإنْ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بعض‭ ‬التنظيمات‭ ‬المذهبية‭ ‬التابعة‭ ‬لهم،‭ ‬يشكل‭ ‬احتلالاً‭ ‬فعلياً‭ ‬لهذه‭ ‬الدولة‭ ‬العربية،‭ ‬والدليل‭ ‬أن‭ ‬الجنرال‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬الحاكم‭ ‬الفعلي‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الرافدين‭ ‬وأنه‭ ‬كان‭ ‬عائداً‭ ‬من‭ ‬دمشق‭ ‬إلى‭ ‬بغداد‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬مقتله‭. ‬“الشرق‭ ‬الأوسط”‭.‬