المرأة الإيرانية... المتضرر الأكبر

| فلاح هادي الجنابي

لئن‭ ‬كان‭ ‬للملا‭ ‬خميني‭ ‬ورهطه‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬المتطرفين‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬المشبوهة‭ ‬والضارة‭ ‬في‭ ‬جعبتهم،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬معاداتهم‭ ‬وكراهيتهم‭ ‬للمرأة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬تلك‭ ‬الأهداف،‭ ‬ومنذ‭ ‬الأيام‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نجاحهم‭ ‬في‭ ‬مصادرة‭ ‬الثورة‭ ‬وسرقتها‭ ‬من‭ ‬أصحابها‭ ‬الأصليين،‭ ‬بدأوا‭ ‬التشديد‭ ‬والتضييق‭ ‬على‭ ‬النساء‭ ‬الإيرانيات‭ ‬ومصادرة‭ ‬حقوقهن‭ ‬وتحجيم‭ ‬وتحديد‭ ‬حرياتهن‭ ‬وتحركاتهن،‭ ‬خصوصا‭ ‬أنهن‭ ‬لعبن‭ ‬دورا‭ ‬بارزا‭ ‬ومشهودا‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬الثورة‭ ‬الإيرانية‭ ‬وكن‭ ‬بمثابة‭ ‬الجندي‭ ‬المجهول‭ ‬المضحي‭ ‬الذي‭ ‬ساهم‭ ‬بإنجاحها‭ ‬وإسقاط‭ ‬النظام‭ ‬الملكي،‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬أرادوا‭ ‬سد‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬وعدم‭ ‬السماح‭ ‬بتكرار‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬مستقبلا،‭ ‬لذلك‭ ‬اعتقدوا‭ ‬أن‭ ‬تكبيل‭ ‬النساء‭ ‬الإيرانيات‭ ‬سيغلق‭ ‬أبواب‭ ‬الثورة‭ ‬والتغيير‭ ‬ضدهم‭.‬

في‭ ‬العام‭ ‬الأول‭ ‬بعد‭ ‬نجاح‭ ‬الثورة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وعند‭ ‬إصدار‭ ‬النظام‭ ‬أوامره‭ ‬بفرض‭ ‬الحجاب‭ ‬على‭ ‬المرأة،‭ ‬قامت‭ ‬مظاهرات‭ ‬نسوية‭ ‬حاشدة‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء،‭ ‬والملفت‭ ‬للنظر‭ ‬أن‭ ‬عضوات‭ ‬منظمة‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬شاركن‭ ‬وساهمن‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التظاهرات‭ ‬ووقفن‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء،‭ ‬حيث‭ ‬أعلنت‭ ‬منظمة‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬رفضها‭ ‬الإجراء‭ ‬ومساندتها‭ ‬مطالبات‭ ‬المتظاهرات،‭ ‬لهذا‭ ‬فإن‭ ‬النظام‭ ‬الديني‭ ‬صب‭ ‬جام‭ ‬غضبه‭ ‬وجنونه‭ ‬على‭ ‬المنظمة‭ ‬وجعلها‭ ‬هدفا‭ ‬من‭ ‬أهدافه،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬يرغب‭ ‬أبدا‭ ‬في‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬إجرائه‭ ‬هذا،‭ ‬وهذا‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬الذي‭ ‬تطور‭ ‬واتخذ‭ ‬أبعادا‭ ‬واسعة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬زاوية‭ ‬الخلاف‭ ‬فيه،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬المنظمة‭ ‬منحت‭ ‬المرأة‭ ‬الاهتمام‭ ‬الذي‭ ‬تستحقه‭ ‬ويتناسب‭ ‬مع‭ ‬مكانتها‭ ‬ودورها‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والأسري‭.‬

اليوم،‭ ‬وبعد‭ ‬أربعة‭ ‬عقود‭ ‬سوداء‭ ‬من‭ ‬حكم‭ ‬نظام‭ ‬الفاشية‭ ‬الدينية‭ ‬في‭ ‬طهران،‭ ‬فإننا‭ ‬نطالع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬النظام‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬الصادمة‭ ‬بهذا‭ ‬الصدد،‭ ‬حيث‭ ‬تؤكد‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬الإيرانية‭ ‬كانت‭ ‬ومازالت‭ ‬المتضرر‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬الملالي،‭ ‬ومن‭ ‬تلك‭ ‬النماذج‭ ‬التي‭ ‬نطالعها‭ ‬ما‭ ‬كتبته‭ ‬وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬بعنوان‭ ‬“الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬للسجينات‭ ‬في‭ ‬سجني‭ ‬إيفين‭ ‬وقرتشك‭: ‬السجن‭ ‬غير‭ ‬الربحي”،‭ ‬جاء‭ ‬فيه‭: ‬“وبينما‭ ‬نواجه‭ ‬ظاهرة‭ ‬المرأة‭ ‬المشردة‭ ‬بلا‭ ‬مأوى‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬يعلم‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬الطلاق‭ ‬والهروب‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬والإدمان‭ ‬والعنف‭ ‬ضد‭ ‬المرأة‭ ‬والفقر‭ ‬المدقع‭ ‬الأسباب‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬المتشردات‭ ‬وإيوائهن‭ ‬في‭ ‬“بيوت‭ ‬الإيواء”‭ ‬في‭ ‬ليالي‭ ‬الشتاء‭ ‬الباردة”،‭ ‬وجاء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬كيفية‭ ‬استغلال‭ ‬السجينات‭ ‬وسرقة‭ ‬جهودهن‭: ‬“وتقول‭ ‬إحدى‭ ‬السجينات‭: ‬من‭ ‬المثير‭ ‬للاهتمام‭ ‬أنهم‭ ‬يأخذون‭ ‬الملابس‭ ‬التي‭ ‬نخيطها‭ ‬بأنفسنا‭ ‬في‭ ‬مشغل‭ ‬الخياطة‭ ‬ويضعون‭ ‬عليها‭ ‬العلامة‭ ‬التجارية‭ ‬ثم‭ ‬يبيعون‭ ‬لنا‭ ‬نفس‭ ‬الملابس‭ ‬في‭ ‬متجر‭ ‬السجن‭ ‬بأسعار‭ ‬مرتفعة‭!‬”،‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ما‭ ‬أشارت‭ ‬إليه‭ ‬وكالة‭ ‬“إيلنا”‭ ‬الحكومية‭ ‬للأنباء‭ ‬في‭ ‬اعترافها‭ ‬بالوضع‭ ‬السيء‭ ‬للسجينات‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭. ‬“الحوار”‭.‬