تركيا ومعضلة إدلب

| بدور عدنان

بعد‭ ‬أن‭ ‬تجاهلت‭ ‬أوروبا‭ ‬النظام‭ ‬التركي‭ ‬ولم‭ ‬تقف‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬معركته‭ ‬التي‭ ‬يخوضها‭ ‬في‭ ‬إدلب،‭ ‬لوحت‭ ‬تركيا‭ ‬مجدداً‭ ‬بورقة‭ ‬اللاجئين،‭ ‬فهاهي‭ ‬تركيا‭ ‬تهدد‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬بأنها‭ ‬ستفتح‭ ‬حدودها‭ ‬لتسمح‭ ‬لآلاف‭ ‬المهاجرين‭ ‬بعبور‭ ‬الحدود‭ ‬التركية‭ ‬لينتشروا‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬أوروبا،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يخشاه‭ ‬القادة‭ ‬الأوروبيون‭ ‬ولذلك‭ ‬عقدوا‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬التركي‭ ‬اتفاقية‭ ‬بروكسل‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬التي‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬بقاء‭ ‬المهاجرين‭ ‬واللاجئين‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬مقابل‭ ‬مبالغ‭ ‬مادية‭ ‬ضخمة‭ ‬تقدمها‭ ‬أوروبا‭ ‬لتركيا‭.‬

النظام‭ ‬التركي‭ ‬حاول‭ ‬جاهداً‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬الأوروبي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ (‬الناتو‭) ‬في‭ ‬معركته‭ ‬ضد‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬في‭ ‬إدلب‭ ‬خصوصاً‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فقد‭ ‬دعم‭ ‬حليفه‭ ‬الروسي‭ ‬الذي‭ ‬فضل‭ ‬دعم‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬وأمن‭ ‬له‭ ‬الغطاء‭ ‬الجوي‭ ‬والاستشارات‭ ‬العسكرية،‭ ‬لذلك‭ ‬لجأ‭ ‬لمحاولة‭ ‬لي‭ ‬ذراع‭ ‬الأوروبيين‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التلويح‭ ‬بورقة‭ ‬اللاجئين‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإجبارهم‭ ‬على‭ ‬مناصرته‭.‬

المعضلة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تركيا‭ ‬راهنت‭ ‬بقوة‭ ‬على‭ ‬الحليف‭ ‬الروسي‭ ‬وأدارت‭ ‬ظهرها‭ ‬لحلفائها‭ ‬في‭ ‬الناتو،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬بلغ‭ ‬ذروته‭ ‬باقتنائها‭ ‬منظومة‭ ‬صواريخ‭ ‬أس‭ ‬400‭ ‬روسية‭ ‬الصنع،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬سياسات‭ ‬الناتو‭ ‬والذي‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬غضب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬منها‭ ‬وإيقاف‭ ‬خطة‭ ‬تزويدها‭ ‬بصواريخ‭ ‬باتريوت‭ ‬الأميركية‭.‬

تركيا‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الأكيد‭ ‬أنها‭ ‬خسرت‭ ‬الروس‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬إدلب‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭ ‬عادت‭ ‬مجدداً‭ ‬لطلب‭ ‬المساعدة‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬وقدمت‭ ‬طلبا‭ ‬رسميا‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬منظومة‭ ‬الباتريوت،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬مازالت‭ ‬غاضبة‭ ‬من‭ ‬تركيا،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تبد‭ ‬ذلك‭ ‬لكن‭ ‬دائماً‭ ‬ما‭ ‬امتازت‭ ‬واشنطن‭ ‬بحب‭ ‬المناورة،‭ ‬فما‭ ‬يحدث‭ ‬بين‭ ‬حليفي‭ ‬الأمس‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬مصلحتها‭.‬

من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يقابل‭ ‬الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬المقبلة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يغير‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬موقفه‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬إدلب،‭ ‬خسائر‭ ‬الأتراك‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬باتت‭ ‬جلية‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬خياراتهم‭ ‬باتت‭ ‬شبه‭ ‬معدومة‭ ‬وعلى‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يعلن‭ ‬عنه‭ ‬الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬بعد‭ ‬لقائه‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬هو‭ ‬انسحاب‭ ‬تركي‭ ‬من‭ ‬إدلب‭ ‬بعد‭ ‬تفاهمات‭ ‬مع‭ ‬الجانب‭ ‬الروسي‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لحفظ‭ ‬ماء‭ ‬الوجه‭.‬