برنارد شو... وفلسفة صناعة المجد الذاتي

| أميرة صليبيخ

من‭ ‬يصدق‭ ‬أن‭ ‬الطفل‭ ‬الذي‭ ‬أجبر‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬المدرسة‭ ‬في‭ ‬الـ‭ ‬15‭ ‬من‭ ‬عمره‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬أدباء‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬وسينال‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬للأدب‭ ‬والأوسكار،‭ ‬مع‭ ‬إرث‭ ‬أدبي‭ ‬يفوق‭ ‬الستين‭ ‬مسرحية؟‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬الكاتب‭ ‬المسرحي‭ ‬والفيلسوف‭ ‬والناقد‭ ‬الإيرلندي‭ ‬“برنارد‭ ‬شو”‭.‬

شرع‭ ‬شو‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تعليم‭ ‬ذاتي‭ ‬صارمة،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬المدرسة،‭ ‬وغرق‭ ‬بين‭ ‬الكتب‭ ‬ليقرأ‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬استطاع،‭ ‬كما‭ ‬علم‭ ‬نفسه‭ ‬اللاتينية‭ ‬والإغريقية‭ ‬والفرنسية،‭ ‬واهتمت‭ ‬والدته‭ ‬به‭ ‬وأثمرت‭ ‬الزيارات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تصطحبه‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬المعارض‭ ‬عن‭ ‬اكتشافه‭ ‬عوالم‭ ‬الفنون‭ ‬والموسيقى‭ ‬والأدب‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أكسبه‭ ‬شخصيته‭ ‬الأدبية‭ ‬الفذة‭ ‬وعبقريته‭ ‬الفردية‭ ‬نظرا‭ ‬لسعة‭ ‬اطلاعه‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬شتى‭ ‬تضم‭ ‬الأدب‭ ‬والفلسفة‭ ‬والفنون‭ ‬والموسيقى‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والسياسة‭. ‬يصنفه‭ ‬النقاد‭ ‬بأنه‭ ‬ثاني‭ ‬أهم‭ ‬كاتب‭ ‬بعد‭ ‬شكسبير،‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬بالغ‭ ‬على‭ ‬المجتمع،‭ ‬نظرا‭ ‬لتركيزه‭ ‬على‭ ‬قضايا‭ ‬جوهرية‭ ‬كحقوق‭ ‬المرأة‭ ‬والدعوة‭ ‬للمساواة‭.‬

في‭ ‬بداياته،‭ ‬رُفضت‭ ‬رواياته‭ ‬الخمس‭ ‬الأولى،‭ ‬ولم‭ ‬يكسب‭ ‬من‭ ‬كتاباته‭ ‬شيئا،‭ ‬حيث‭ ‬عاش‭ ‬بفقر‭ ‬شديد‭ ‬لم‭ ‬يمكنه‭ ‬من‭ ‬استبدال‭ ‬حذائه‭ ‬البالي‭ ‬أو‭ ‬بدلاته‭ ‬الممزقة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬استمر‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬المتاحف‭ ‬الفنية‭ ‬ومطالعة‭ ‬الكتب‭ ‬والقراءة،‭ ‬حتى‭ ‬ابتسم‭ ‬له‭ ‬الحظ‭ ‬وبدأ‭ ‬يحظى‭ ‬باهتمام‭ ‬دور‭ ‬النشر،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬شق‭ ‬طريقه‭ ‬نحو‭ ‬المجد‭ ‬والعالمية،‭ ‬وامتازت‭ ‬كتابات‭ ‬شو‭ ‬بالصراحة‭ ‬والواقعية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الحس‭ ‬الفكاهي،‭ ‬وقد‭ ‬اكتسب‭ ‬من‭ ‬والده‭ ‬مرحه‭ ‬وخفة‭ ‬دمه،‭ ‬ومن‭ ‬والدته‭ ‬حبها‭ ‬الفنون‭ ‬والموسيقى‭.‬

 

لم‭ ‬يكن‭ ‬شو‭ ‬يؤمن‭ ‬نهائيا‭ ‬بالظروف،‭ ‬وكان‭ ‬يقول‭ ‬دائما‭ ‬إن‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬يتقدّمون‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬هم‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يستيقظون‭ ‬في‭ ‬الصباح‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬يريدونها،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬منحه‭ ‬الخلود‭. ‬فهل‭ ‬مازلت‭ ‬بانتظار‭ ‬تحسن‭ ‬ظروفك‭ ‬لتسعى‭ ‬نحو‭ ‬حلمك‭ ‬الخاص؟‭.‬