ياسمينيات

لا تشهير في الموت أو المرض

| ياسمين خلف

الموت‭ ‬والمرض،‭ ‬لا‭ ‬شماتة‭ ‬فيهما‭ ‬ولا‭ ‬عيب‭ ‬ولا‭ ‬عار،‭ ‬وكذلك‭ ‬الإعلان‭ ‬عنهما‭ ‬والجهر‭ ‬بالإصابة‭ ‬بهما‭ ‬لا‭ ‬تشهير‭ ‬فيهما،‭ ‬فالموت‭ ‬قضاء‭ ‬الله‭ ‬وقدره،‭ ‬والمرض‭ ‬كذلك،‭ ‬وأعجب‭ ‬من‭ ‬ذاك‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬مرضه‭ ‬عارا‭ ‬أو‭ ‬عيبا‭ ‬يستدعي‭ ‬منه‭ ‬الكتمان،‭ ‬والحرج‭ ‬أو‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬أحدهم‭ ‬عنه،‭ ‬نعم‭ ‬بعض‭ ‬الأمراض‭ ‬قد‭ ‬تدفع‭ ‬المصاب‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬الخزي‭ ‬والعار‭ ‬كونها‭ ‬أمراضا‭ ‬تصيب‭ ‬المنحرفين‭ ‬أخلاقياً‭ ‬وسلوكياً،‭ ‬لكن‭ ‬جملة‭ ‬الأمراض‭ ‬هي‭ ‬قضاء‭ ‬وقدر‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل،‭ ‬فلا‭ ‬مبرر‭ ‬للشعور‭ ‬بالعار‭ ‬من‭ ‬الإصابة‭ ‬بها‭.‬

الشعور‭ ‬بالحرج‭ ‬ربما،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬الناس‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬المسافرين‭ ‬الذين‭ ‬جاءوا‭ ‬مؤخراً‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬للفحوصات‭ ‬الطارئة‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬خلوهم‭ ‬من‭ ‬الإصابة‭ ‬بفايروس‭ ‬كورونا‭ (‬كوفيد‭ ‬19‭)!! ‬فالإحساس‭ ‬بأنهم‭ ‬محط‭ ‬أنظار‭ ‬الناس‭ ‬كونهم‭ ‬سيسجلون‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬المصابين‭ ‬بالمرض،‭ ‬أو‭ ‬خوفهم‭ ‬من‭ ‬التعرض‭ ‬للتشهير‭ (‬كما‭ ‬يجده‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭) ‬جعلهم‭ ‬يترددون‭ ‬بل‭ ‬ويتقاعسون‭ ‬عن‭ ‬الخضوع‭ ‬لهذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬المهمة‭!!‬

الفحوصات‭ ‬والخضوع‭ ‬للعلاج‭ ‬إن‭ ‬استدعى‭ ‬الأمر،‭ ‬أهون‭ ‬من‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬قلق‭ ‬وخوف‭ ‬من‭ ‬الإصابة‭ ‬بالمرض‭ ‬وإخفاء‭ ‬الأمر‭ ‬والتستر‭ ‬عليه،‭ ‬أو‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬انتقاله‭ ‬لمن‭ ‬نحب،‭ ‬فمواجهة‭ ‬المرض‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬الهروب‭ ‬منه‭.‬

الرهاب‭ ‬المجتمعي،‭ ‬أقل‭ ‬وطأة‭ ‬وبكثير‭ ‬من‭ ‬الوقوع‭ ‬بالمحظور،‭ ‬فالخوف‭ ‬من‭ ‬نظرة‭ ‬المجتمع‭ ‬لا‭ ‬تقارن‭ ‬أبدا‭ ‬بالإصابة‭ ‬بمرض‭ ‬وبائي،‭ ‬يتسلل‭ ‬كالمجرم‭ ‬الخفي‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬من‭ ‬تحب،‭ ‬أولهم‭ ‬أسرتك،‭ ‬وأهلك،‭ ‬وأصدقاؤك،‭ ‬وأحباؤك‭ ‬وجيرانك،‭ ‬لتتسع‭ ‬الدائرة‭ ‬وتشمل‭ ‬البعيد‭ ‬بعد‭ ‬القريب،‭ ‬ولا‭ ‬تعلم‭ ‬من‭ ‬منهم‭ ‬ينجو‭ ‬ومن‭ ‬منهم‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬سبباً‭ ‬في‭ ‬موته‭ ‬لا‭ ‬قدر‭ ‬الله،‭ ‬كونه‭ ‬لم‭ ‬يتحمل‭ ‬قوة‭ ‬الفايروس‭ ‬فلم‭ ‬يقاومه،‭ ‬وتجده‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬أمامك‭ ‬مطالباً‭ ‬بدمه‭! ‬فمن‭ ‬حولك‭ ‬كبار‭ ‬في‭ ‬سن،‭ ‬وأطفال،‭ ‬ومرضى‭ ‬بأمراض‭ ‬مزمنة‭ ‬وآخرون‭ ‬ذوو‭ ‬مناعة‭ ‬ضعيفة‭ ‬يلتقطون‭ ‬الأمراض‭ ‬بسرعة،‭ ‬ولا‭ ‬يتخلصون‭ ‬للأسف‭ ‬كذلك‭ ‬منها‭ ‬إلا‭ ‬بصعوبة،‭ ‬هذا‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تفتك‭ ‬بهم‭. ‬وحماية‭ ‬نفسك‭ ‬والآخرين‭ ‬مسؤولية‭ ‬تحاسب‭ ‬عليها‭ ‬أمام‭ ‬الله‭.‬

 

ياسمينة‭: ‬

سلامتكم‭ ‬وصحتكم‭ ‬هي‭ ‬الهدف‭.‬