اتصال سمو رئيس الوزراء أثلج صدورنا

| زكريا الكاظم

يوم‭ ‬الاثنين‭ ‬الماضي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بالعادي‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الشخصي،‭ ‬إذ‭ ‬تلقيت‭ ‬اتصالًا‭ ‬كريمًا‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬سيدي‭ ‬الوالد‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬ولا‭ ‬زالت‭ ‬يداي‭ ‬ترجف‭ ‬فرحًا‭ ‬غير‭ ‬مصدقة‭ ‬هذا‭ ‬الاتصال‭ ‬والحديث‭ ‬الأبوي‭.‬

إنها‭ ‬لحظات‭ ‬لا‭ ‬توصف،‭ ‬فقد‭ ‬دونت‭ ‬في‭ ‬سجل‭ ‬السعادة‭ ‬وبيت‭ ‬الحكمة،‭ ‬الصوت‭ ‬كعادته‭ ‬جهوري‭ ‬مفعم‭ ‬بالحياة‭ ‬والصحة‭ ‬والعافية،‭ ‬صوت‭ ‬جمع‭ ‬بين‭ ‬القوة‭ ‬والحنان‭ ‬والرحمة،‭ ‬صوت‭ ‬والد‭ ‬مشفق‭ ‬على‭ ‬عياله‭.‬

ذلك‭ ‬الإحساس‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬وصفه‭ ‬بالكتابة‭ ‬وتعابير‭ ‬الدفاتر‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تعيشه‭ ‬وتختبره‭ ‬بنفسك،‭ ‬شحنات‭ ‬السعادة‭ ‬والحماسة‭ ‬والتفاؤل‭ ‬والأمل‭ ‬تتدفق‭ ‬إلى‭ ‬قلبي‭ ‬ومنه‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬جسدي‭.‬

إنه‭ ‬الأب‭ ‬وبهجة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الصعاب،‭ ‬رغم‭ ‬المسافات‭ ‬الجغرافية‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬منشغل‭ ‬بتفقد‭ ‬أحوال‭ ‬عياله‭ ‬ورعيته‭.‬

ولأني‭ ‬راعٍ‭ ‬لعيالي‭ ‬محاربي‭ ‬السكلر‭ ‬كان‭ ‬سؤاله‭ ‬عنهم‭: ‬كيف‭ ‬هم‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬أحوالهم‭ ‬خبرني‭ ‬عنهم‭ ‬ماذا‭ ‬يفتقدون؟‭ ‬أخبرت‭ ‬سموه‭: ‬إنهم‭ ‬يفتقدون‭ ‬والدهم،‭ ‬ينتظرون‭ ‬وصول‭ ‬سموكم،‭ ‬فالبحرين‭ ‬جميعها‭ ‬تنشد‭ ‬عن‭ ‬والدها‭ ‬ومعزها‭ ‬ورافع‭ ‬قدرها،‭ ‬يعدون‭ ‬الأيام‭ ‬والساعات‭ ‬واللحظات‭ ‬عن‭ ‬موعد‭ ‬أن‭ ‬يطل‭ ‬سيدي‭ ‬بوجهه‭ ‬الكريم‭ ‬على‭ ‬صباح‭ ‬البحرين‭ ‬ومسائها‭.‬

سألني‭ ‬عن‭ ‬حال‭ ‬صحتي‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬عادة‭ ‬سموه‭ ‬وتفقد‭ ‬حال‭ ‬والدتي‭ ‬ووالدي‭ ‬وحال‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬من‭ ‬أهالي‭ ‬منطقتنا‭ ‬داركليب‭ ‬السعداء‭.‬

في‭ ‬كلام‭ ‬سيدي‭ ‬درس،‭ ‬وفي‭ ‬درسه‭ ‬حكمة،‭ ‬وفي‭ ‬حكمته‭ ‬أدب،‭ ‬وفي‭ ‬أدبه‭ ‬حب،‭ ‬فأي‭ ‬حب‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬يخصني‭ ‬فيه‭ ‬سيدي‭ ‬بوقت‭ ‬لشخص‭ ‬بسيط‭ ‬من‭ ‬رعاياه‭ ‬يتفقد‭ ‬حاله،‭ ‬إنه‭ ‬ترجمان‭ ‬نهج‭ ‬سموه‭ ‬في‭ ‬الحياة‭.‬

هذا‭ ‬القائد‭ ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬للزمان‭ ‬عذر‭ ‬ألا‭ ‬يغفل‭ ‬فنون‭ ‬إجادته‭ ‬للقيادة،‭ ‬وتأبى‭ ‬عفوية‭ ‬سموه‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تترك‭ ‬فصلا‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬الحكمة‭ ‬المعاصرة‭ ‬وقد‭ ‬أثراها‭ ‬مجدا‭ ‬وأضاف‭ ‬فيها‭ ‬إحسانًا‭.‬

أخبرت‭ ‬سموه‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬أفاض‭ ‬علينا‭ ‬من‭ ‬مجده‭ ‬وأمتعنا‭ ‬بقربه،‭ ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬دار‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬والشعوب‭ ‬يبحثون‭ ‬عنا‭ ‬بما‭ ‬خطه‭ ‬سموه‭ ‬في‭ ‬سجل‭ ‬الدنيا‭ ‬بالرعاية‭ ‬الصحية،‭ ‬إذ‭ ‬يقول‭ ‬البروفيسور‭ ‬ايسهاق‭ ‬اودامي‭ ‬المحاضر‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬تورينتو‭ ‬كندا‭ ‬واستشاري‭ ‬علم‭ ‬أمراض‭ ‬الدم‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الدولي‭ ‬لرعاية‭ ‬الأطفال‭ ‬بكندا‭ ‬“إن‭ ‬هذا‭ ‬القائد‭ ‬صبور‭ ‬على‭ ‬الجلوس‭ ‬والاستماع‭ ‬بحكمة،‭ ‬لهو‭ ‬جدير‭ ‬بالقيادة؛‭ ‬لأنه‭ ‬يسمع‭ ‬شعبه‭ ‬بصبر‭ ‬شديد‭ ‬وشغف‭ ‬متميز‭ ‬بحثا‭ ‬معهم‭ ‬عن‭ ‬طريقة‭ ‬لمساعدتهم‭ ‬على‭ ‬النجاح‭ ‬والتميز”‭.‬

ففعْل‭ ‬سيدي‭ ‬بيان؛‭ ‬فهو‭ ‬الذي‭ ‬أحسن‭ ‬تغيير‭ ‬جدول‭ ‬الأولويات‭ ‬لصالح‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض،‭ ‬وغيّر‭ ‬مفاهيم‭ ‬الرعاية،‭ ‬وعقد‭ ‬رحلات‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الممكن‭ ‬في‭ ‬صدور‭ ‬رعاياه‭ ‬وإشراك‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬القرار‭ ‬وتحسين‭ ‬مستوى‭ ‬الرعاية،‭ ‬فما‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬لدى‭ ‬سموه‭ ‬أن‭ ‬أصحاب‭ ‬المحنة‭ ‬أعلم‭ ‬بالمخارج،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬إشراكهم‭ ‬في‭ ‬محو‭ ‬الآلام‭ ‬عن‭ ‬كاهل‭ ‬المجتمعات،‭ ‬لقد‭ ‬وضع‭ ‬الإنسان،‭ ‬أي‭ ‬إنسان،‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬الأولوية‭ ‬المطلقة،‭ ‬وما‭ ‬زال‭ ‬يردد‭: ‬ما‭ ‬عندنا‭ ‬أغلى‭ ‬منكم‭ ‬ولا‭ ‬عندنا‭ ‬أحسن‭ ‬منكم‭.. ‬لم‭ ‬يعلُ‭ ‬قدر‭ ‬عياله‭ ‬مرضى‭ ‬السكلر‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬فقط،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬أفكاره‭ ‬سامية،‭ ‬وما‭ ‬كتبه‭ ‬من‭ ‬نهج‭ ‬ومارسه‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬لصالح‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأوطان‭ ‬فهو‭ ‬يصنع‭ ‬الإنسان‭ ‬ويحثه‭ ‬لخدمة‭ ‬أخيه‭ ‬لتعمر‭ ‬الأوطان،‭ ‬إنه‭ ‬صانع‭ ‬سلام‭.‬

ختاما‭... ‬تحية‭ ‬محبة‭ ‬من‭ ‬والدكم‭ ‬سيدي‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬البحرين‭.‬