لو سكت من لا يعرف لقلَّ الخلاف
| أحمد البحر
أعجبت كثيرا بشخصية إمام أحد المساجد، فأصبحت أنتظر حديثه شبه اليومي، والذي كان عادة ما يتناول فيه القيم الأخلاقية والممارسات الحياتية في ظلال القول الحق، القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف. مصدر إعجابي بهذا الإمام كان لسببين، أحدهما يتعلق بعلمه وثقافته وأسلوبه السهل في إيصال المعرفة لمتابعيه. أما السبب الآخر، فكان شجاعته الأدبية وأمانته وثقته في نفسه.
فهذا الإمام الجليل لم يكن يتردد أبدا في أن يعترف عندما يُسأل عن موضوع ما وهو لا يمتلك المعلومة الصحيحة أن يقول وأمام الجميع وبصوت واضح ومسموع: أعتذر عن الرد، فأنا لا أعرف الجواب الصحيح الآن، ولكني سأبحث في هذا، وقد أكسبه هذا احترام وتقدير الحضور.
استذكرت موقف وسلوكيات ذلك الإمام الجليل وأنا أتابع ما كان يدور في أحد المجالس من حديث حول فيروس الكورونا. فقد تحول نفر من الحضور إلى أطباء متخصصين دون وجه حق، هذا يجتهد في وصف أدوية شعبية للعلاج، وذاك يضيف أعراضا (مستحدثة) كما أسماها، تظهر على المصاب، وثالث (يوصي) بعدم أكل كذا وكذا، ورابع يفند أسباب ظهور هذا الفيروس بالمؤامرة، وآخر يعلق وبشيء من الجهل بأن هناك مبالغة شديدة، وأنه قد أعطي اهتماما أكبر من اللازم.
هكذا كان الوضع في ذاك المجلس، فما بالك سيدي القارئ بما تقذفه لنا وعلينا وسائل التواصل الاجتماعي من توصيات، وعلاجات، واجتهادات لا أساس علمي لبعضها ولا يملك بعض أصحابها الحق فيما يصرّحون به، فهم غير مؤهلين لذلك كما يقول الاختصاصيون. رحم الله ابن رشد، فقد وضع لنا مبدأ ذهبيا في هذا الشأن حين قال: ’’لو سكت من لا يعرف لقل الخلاف‘‘.
قي لقاء معاليه مع نخبة من أبناء الوطن حول الإجراءات الوطنية لمكافحة انتشار فيروس كورونا قال الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية ’’إن عدم الاكتراث والجهل، يساعد على انتشار العدوى، لكن المجتمعات المنضبطة والمثقفة. تقلل من خطورة الانتشار، والمجتمع البحريني ولله الحمد متعلم ومنضبط‘‘.
مارأيك سيدي القارئ في مقولة ابن الرشد؟