لمحات

إشكاليات درامية (2)

| د.علي الصايغ

أشكر‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تفاعل‭ ‬مع‭ ‬الجزء‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬مقال‭ ‬سابق‭ ‬بنفس‭ ‬العنوان،‭ ‬من‭ ‬فنانين‭ ‬ومبدعين،‭ ‬حيث‭ ‬أكدوا‭ ‬أن‭ ‬الوسط‭ ‬الفني،‭ ‬والعمل‭ ‬الدرامي‭ ‬يعاني‭ ‬بالفعل‭ ‬مما‭ ‬ذكرت،‭ ‬كإشكالية‭ ‬واقعية،‭ ‬وهنا‭ ‬بدوري‭ ‬أفرد‭ ‬إشكالية‭ ‬أخرى‭ ‬لعلها‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الإشكاليات،‭ ‬كما‭ ‬تبدو‭ ‬جلية‭ ‬للعاملين‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الفني،‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬جهات‭ ‬الإنتاج،‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬كميات‭ ‬ونوعيات‭ ‬ما‭ ‬يبث‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬خلال‭ ‬الوسائط‭ ‬التعبيرية‭ ‬المختلفة،‭ ‬وهنا‭ ‬تكمن‭ ‬قوة‭ ‬تأثير‭ ‬الآيديولوجيات‭ ‬المحركة‭ ‬لهذه‭ ‬الصناعة،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬أأمن‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الخاص،‭ ‬بسبب‭ ‬التزام‭ ‬الأول‭ ‬بقوانين‭ ‬معينة‭ ‬وثابتة،‭ ‬والتقيد‭ ‬بمساحات‭ ‬موضعية‭ ‬محددة،‭ ‬بينما‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬فالأهواء‭ ‬والأمزجة‭ ‬تشوب‭ ‬صناعته‭ ‬بنسب‭ ‬أكبر‭.‬

حتى‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬غربلة‭ ‬نوعية‭ ‬بمقاييس‭ ‬خاصة‭ ‬ذاتية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬مستويات‭ ‬الوعي‭ ‬والثقافة‭ ‬تحكم‭ ‬هذه‭ ‬العملية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تخلق‭ ‬فارقاً‭ ‬كبيراً‭ ‬بالمقارنة‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يقدم،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬ترسم‭ ‬فيه‭ ‬آلة‭ ‬الدراما‭ ‬الجبارة‭ ‬تصوراتها‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬الأجيال،‭ ‬وتسهم‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬آراء‭ ‬وانطباعات‭ ‬المجتمعات‭ ‬حول‭ ‬مختلف‭ ‬القضايا،‭ ‬وهنا‭ ‬يكمن‭ ‬أصل‭ ‬المشكلة؛‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬النتيجة‭ ‬صور‭ ‬ذهنية،‭ ‬ومعلومات‭ ‬متفاوتة،‭ ‬تغذت‭ ‬بها‭ ‬أذهان‭ ‬الناس،‭ ‬يصعب‭ ‬أن‭ ‬تعاد‭ ‬ترجمتها،‭ ‬أو‭ ‬تصحيحها،‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬خطأ،‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬الكم‭ ‬الهائل‭ ‬والغزير‭ ‬من‭ ‬الرسائل‭ ‬اليومية‭ ‬التي‭ ‬تنهال‭ ‬على‭ ‬المتلقين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬عامل‭ ‬جهة‭ ‬الإنتاج‭ ‬الواعية،‭ ‬وقدرتها‭ ‬العالية،‭ ‬ووعيها‭ ‬الكبير،‭ ‬هو‭ ‬الرهان‭ ‬الأقدر‭ ‬على‭ ‬توظيف‭ ‬الدراما‭ ‬بشكلها‭ ‬الصحيح،‭ ‬لتخدم‭ ‬المجتمعات،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬تضللها،‭ ‬أو‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬انحدارها‭.‬