ستة على ستة

ووهان الثانية والدولة الكاذبة

| عطا السيد الشعراوي

رغم‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬أكثر‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬وفيات‭ ‬جراء‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬ورغم‭ ‬ما‭ ‬أثارته‭ ‬من‭ ‬مخاوف‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬معزولة‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬مصير‭ ‬أول‭ ‬بؤرة‭ ‬انتشر‭ ‬فيها‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬وهي‭ ‬مدينة‭ ‬“ووهان”‭ ‬بالصين‭ ‬التي‭ ‬أصيبت‭ ‬بالشلل‭ ‬التام‭ ‬وباتت‭ ‬منقطعة‭ ‬عن‭ ‬خارجها‭ ‬وتحولت‭ ‬لمدينة‭ ‬أشباح،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬السلطات‭ ‬الإيرانية‭ ‬اعتمدت‭ ‬نهج‭ ‬الخداع‭ ‬والتضليل‭ ‬والكذب‭ ‬على‭ ‬شعبها‭ ‬والعالم‭ ‬في‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الكوارث‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬حل‭ ‬لها‭ ‬إلا‭ ‬بالشفافية‭ ‬والوضوح‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬الجميع‭.‬

ورغم‭ ‬إصابة‭ ‬مسؤولين‭ ‬بالفيروس‭ ‬وكان‭ ‬أولهم‭ ‬مرتضى‭ ‬رحمان‭ ‬زادة،‭ ‬رئيس‭ ‬بلدية‭ ‬المنطقة‭ ‬13‭ ‬بطهران،‭ ‬والذي‭ ‬نُقل‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى‭ ‬مصابا‭ ‬بأعراض‭ ‬كورونا‭ ‬وفقًا‭ ‬للتلفزيون‭ ‬الإيراني‭ ‬نفسه،‭ ‬لم‭ ‬يتخل‭ ‬النظام‭ ‬عن‭ ‬كذبه‭ ‬إلا‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬أعداد‭ ‬المسؤولين‭ ‬المصابين‭ ‬للدرجة‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬إخفاؤها،‭ ‬حيث‭ ‬امتدت‭ ‬لتشمل‭ ‬رجال‭ ‬دين‭ ‬ودبلوماسيين‭ ‬وبرلمانيين‭ ‬ونوابا‭ ‬وزراء‭ ‬إلى‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬البلاد‭ ‬لشؤون‭ ‬المرأة‭.‬

الكذب‭ ‬صفة‭ ‬متأصلة‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬تعاملاته‭ ‬وسياساته‭ ‬مع‭ ‬جيرانه‭ ‬وفي‭ ‬جميع‭ ‬القضايا‭ ‬المشتركة‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬وتسعى‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬لتحقيق‭ ‬مطامعها‭ ‬في‭ ‬التوسع‭ ‬والهيمنة‭ ‬وإثارة‭ ‬الفوضى‭ ‬والقلاقل،‭ ‬فهي‭ ‬تضع‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬عداء‭ ‬مع‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬طالما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تحت‭ ‬إمرتها‭ ‬وسطوتها‭.‬

لكن‭ ‬حين‭ ‬يمارس‭ ‬النظام‭ ‬الكذب‭ ‬على‭ ‬شعبه‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬تتعلق‭ ‬بصحته‭ ‬وحياته،‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬مواطنيه‭ ‬وكأنهم‭ ‬أعداء‭ ‬لا‭ ‬يعنيه‭ ‬أمرهم‭ ‬ولا‭ ‬يهتم‭ ‬بشؤونهم‭.‬

وحين‭ ‬لا‭ ‬يقوى‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬على‭ ‬الصدق‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المحنة‭ ‬العالمية،‭ ‬فلأنه‭ ‬مدرك‭ ‬تمامًا‭ ‬أن‭ ‬الثقة‭ ‬مفقودة‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬الخارج‭ ‬بسبب‭ ‬تصرفاته‭ ‬وممارساته‭ ‬غير‭ ‬الملتزمة‭ ‬بالقوانين‭ ‬والمنافية‭ ‬للقيم‭ ‬والأخلاق‭ ‬والتي‭ ‬تلحق‭ ‬الضرر‭ ‬بالدول‭ ‬والشعوب‭ ‬الأخرى‭.‬