“التربية للمواطنة” ليست بالكتب!

| د. جاسم المحاري

“القانون‭ ‬ينظم‭ ‬أوجه‭ ‬العناية‭ ‬بالتربية‭ ‬الدينية‭ ‬والوطنية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مراحل‭ ‬التعليم‭ ‬وأنواعه،‭ ‬كما‭ ‬يعنى‭ ‬فيها‭ ‬جميعاً‭ ‬بتقوية‭ ‬شخصية‭ ‬المواطن‭ ‬واعتزازه‭ ‬بعروبته”‭.. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬نصّت‭ ‬عليه‭ ‬الفقرة‭ (‬ب‭) ‬من‭ ‬المادة‭ ‬السابعة‭ ‬في‭ ‬الدستور،‭ ‬والتي‭ ‬أشارت‭ ‬إليها‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬في‭ ‬أدبياتها‭ ‬لتدريس‭ ‬مادة‭ ‬“التربية‭ ‬للمواطنة”‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مراحل‭ ‬الدراسة‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬قطاعي‭ ‬التعليم‭ ‬الحكومي‭ ‬والخاص،‭ ‬بما‭ ‬يُعدّ‭ ‬استجابة‭ ‬للقيم‭ ‬التي‭ ‬تضمنها‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬واستلهاماً‭ ‬لمرتكزات‭ ‬الدستور‭ ‬وميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬سعت‭ ‬فيه‭ ‬–‭ ‬هذه‭ ‬الوزارة‭ - ‬إلى‭ ‬غرس‭ ‬المفاهيم‭ ‬الأصيلة‭ ‬وتعميق‭ ‬المعاني‭ ‬السامية‭ ‬في‭ ‬صنوف‭ ‬التسامح‭ ‬الإنساني‭ ‬والتعايش‭ ‬الوطني‭ ‬وتقبل‭ ‬الآخر،‭ ‬بل‭ ‬محاولة‭ ‬التطبيق‭ ‬والممارسة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنّ‭ ‬تنميتها‭ ‬–‭ ‬أي‭ ‬المواطنة‭ ‬–‭ ‬من‭ ‬المسائل‭ ‬التربوية‭ ‬بالغة‭ ‬الأهمية‭ ‬والأداة‭ ‬الفعالة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬الحسّ‭ ‬المجتمعي‭ ‬وترسيخ‭ ‬الانتماء‭ ‬الوطني‭ ‬والمشاركة‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬الخطط‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬التنموية‭ ‬الشاملة‭.‬

إنّ‭ ‬جملة‭ ‬ما‭ ‬تعلمناه‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ - ‬التربية‭ ‬للمواطنة‭ - ‬فكراً‭ ‬وممارسة،‭ ‬سعي‭ (‬الجميع‭) ‬للألفة‭ ‬والتسامح‭ ‬والوسطية‭ ‬والاعتدال‭ ‬والاستقامة‭ ‬وتشاركية‭ ‬العيش‭ ‬والتّقبل‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬الآخر‭ - ‬دون‭ ‬الالتفات‭ ‬لاختلافات‭ ‬الأصول‭ ‬والمذاهب‭ ‬والطوائف‭ ‬والنِحل‭ ‬والفرق‭ - ‬بل‭ ‬الاعتزاز‭ ‬بحيوية‭ ‬الدور‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬قيّم‭ ‬الولاء‭ ‬والانتماء‭ ‬بالممارسات‭ ‬الحيّة‭ ‬والسلوكيات‭ ‬اليومية‭ ‬تنتفي‭ ‬فيها‭ ‬الحاجة‭ ‬للمناهج‭ ‬والورقيات‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬يعوا‭ ‬ما‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬واجبات‭ ‬وما‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬حقوق‭. ‬وكم‭ ‬يكفينا‭ ‬أنْ‭ ‬نلحظ‭ ‬هذا‭ ‬“البرودكاست”‭ ‬المُوجز‭ ‬في‭ ‬كلماته،‭ ‬المُسهب‭ ‬في‭ ‬دلالاته‭: (‬يا‭ ‬شعب‭ ‬البحرين‭ ‬الكريم‭: ‬ندعوا‭ ‬الباري‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬العصيبة،‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عابرة‭ ‬بسلام،‭ ‬وأنْ‭ ‬يحفظنا‭ ‬جميعاً‭ ‬من‭ ‬شرّ‭ ‬المرض،‭ ‬فعليكم‭ ‬بالصدقة؛‭ ‬فإنها‭ ‬تدفع‭ ‬الأذى‭ ‬والبلاء،‭ ‬ولتكن‭ ‬بنية‭ ‬الشفاء‭ ‬من‭ ‬الأسقام‭ ‬للجميع‭.. ‬يا‭ ‬ربّ‭ ‬ندعوك‭ ‬ونرجوك‭ ‬أنْ‭ ‬تحفظ‭ ‬البحرين‭ ‬وأطفالها‭ ‬ونساءها‭ ‬ورجالها‭ ‬وشيوخها‭ ‬جميعاً،‭ ‬وكل‭ ‬مَنْ‭ ‬يمشي‭ ‬على‭ ‬أرضها‭ ‬يا‭ ‬عزيز‭ ‬يا‭ ‬جبّار‭). ‬هذا‭ ‬البرودكاست‭ ‬بمفرداته‭ ‬الدعائية‭ ‬الخالصة،‭ ‬الذي‭ ‬لفّ‭ ‬أرجاء‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬أقصاها‭ ‬إلى‭ ‬أقصاها،‭ ‬قد‭ ‬صِيغَت‭ ‬مفرداته‭ ‬بالجمع‭ ‬في‭ ‬مجمل‭ ‬أحوالها‭.‬

نافلة‭: ‬

دونما‭ ‬ريب،‭ ‬أعطتْ‭ ‬أزمة‭ ‬“كورونا”‭ ‬درساً‭ ‬بارز‭ ‬المعالم‭ ‬في‭ ‬التربية‭ ‬للمواطنة‭ ‬Citizenship،‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬جملة‭ ‬المواقف‭ ‬الوطنية‭ ‬الجامعة‭ ‬التي‭ ‬استحضرنا‭ ‬فيها‭ ‬البهجة‭ ‬التي‭ ‬عمّت‭ ‬أرجاء‭ ‬البلاد‭ ‬مؤخراً‭ ‬بعد‭ ‬فوز‭ ‬منتخبنا‭ ‬الوطني‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬في‭ ‬“خليجي‭ ‬24”،‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬المتناهي‭ ‬الصغر،‭ ‬أفاض‭ ‬علينا‭ ‬بمواقف‭ ‬وطنية‭ ‬عالية‭ ‬الكِبَر،‭ ‬غيرَ‭ ‬مكترثٍ‭ ‬بنشوز‭ ‬بِضْع‭ ‬أصواتٍ‭ ‬يئسِتْ‭ ‬مِنْ‭ ‬أنْ‭ ‬تَفُتّ‭ ‬عَضُدَ‭ ‬جناحي‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬المعطاء‭ ‬بطائفتيه‭ ‬الكريمتين،‭ ‬وعلّة‭ ‬ذلك‭ ‬أنّ‭ ‬سفينة‭ ‬“البحرين”‭ ‬مرصوصّة‭ ‬البنيان،‭ ‬حكيمة‭ ‬الرّبان‭.‬