من الأرشيف العتيد

| د. عبدالله الحواج

الحالة‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬البلاد‭ ‬والعالم‭ ‬الآن‭ ‬دفعتني‭ ‬إلى‭ ‬التفتيش‭ ‬في‭ ‬ملفات‭ ‬قديمة،‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬والتقصي‭ ‬مع‭ ‬الفكرة‭ ‬واستلهام‭ ‬العبر‭ ‬من‭ ‬الدروس‭ ‬والتجارب،‭ ‬الحِكم‭ ‬من‭ ‬الحكماء‭ ‬والزعماء‭ ‬وأصحاب‭ ‬الخبرة‭ ‬واليقين‭.‬

فإذا‭ ‬بي‭ ‬تقع‭ ‬عيناي‭ ‬على‭ ‬ملف‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية،‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬تلك‭ ‬الجوائز‭ ‬التي‭ ‬حصدها‭ ‬الرئيس‭ ‬القائد‭ ‬خليفة‭ ‬بين‭ ‬سلمان‭ ‬من‭ ‬منظمات‭ ‬عالمية‭ ‬معتبرة،‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬لفت‭ ‬انتباهي‭ ‬هي‭ ‬تلك‭ ‬الجوائز‭ ‬والتقديرات‭ ‬والنياشين‭ ‬التي‭ ‬ربطت‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬بالتنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

هذا‭ ‬الأمر‭ ‬تحديدًا‭ ‬دفعني‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬والتنقيب‭ ‬في‭ ‬بيولوجيا‭ ‬الحالة‭ ‬الراهنة‭ ‬للكون،‭ ‬وما‭ ‬علاقتها‭ ‬بالتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬عدت‭ ‬إلى‭ ‬المفهوم‭ ‬المتداول،‭ ‬إلى‭ ‬الفهم‭ ‬المتبادل،‭ ‬فإذا‭ ‬بي‭ ‬أعثر‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬النماء‭ ‬وهو‭ ‬محمول‭ ‬على‭ ‬عكاز‭ ‬ذهبي‭ ‬اسمه‭ ‬البيئة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة،‭ ‬البيئة‭ ‬بشحمها‭ ‬ولحمها،‭ ‬وليس‭ ‬بأبجدياتها‭ ‬وعدوان‭ ‬الناس‭ ‬والأمم‭ ‬عليها،‭ ‬البيئة‭ ‬كونها‭ ‬المصفاة‭ ‬التي‭ ‬تغربل‭ ‬فيروسات‭ ‬الكون،‭ ‬وتهلك‭ ‬ما‭ ‬تهلكه،‭ ‬وتطرد‭ ‬ما‭ ‬تطرده،‭ ‬ثم‭ ‬تحتفظ‭ ‬بما‭ ‬تحتفظ‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬قاع‭ ‬سحيق‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬مداه‭ ‬إلا‭ ‬الله‭.‬

حال‭ ‬البيئة‭ ‬لا‭ ‬تسر‭ ‬عدوا‭ ‬ولا‭ ‬حبيبا،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬إلينا‭ ‬بـ‭ ‬“كورونا”‭ ‬متطور‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬عدائي‭ ‬جديد،‭ ‬فيروس‭ ‬لديه‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬عبور‭ ‬الحدود،‭ ‬على‭ ‬التخفي‭ ‬والتستر‭ ‬ثم‭ ‬الظهور‭ ‬فجأة‭ ‬وكأنه‭ ‬شمشون‭ ‬الذي‭ ‬هدم‭ ‬المعبد‭ ‬ومن‭ ‬فيه،‭ ‬أو‭ ‬كأنه‭ ‬هرقل‭ ‬عظيم‭ ‬الروم‭ ‬الذي‭ ‬ضحى‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬حوله‭ ‬حتى‭ ‬يحميهم‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬وباء‭ ‬قادم‭.‬

إنها‭ ‬الحكمة‭ ‬عندما‭ ‬نقرأ‭ ‬فيها‭ ‬المستقبل،‭ ‬ونشهد‭ ‬عليها‭ ‬مع‭ ‬الطالع،‭ ‬مع‭ ‬حركة‭ ‬النجوم‭ ‬والسحب‭ ‬والأفلاك‭ ‬والأجرام‭ ‬السماوية،‭ ‬وهي‭ ‬الغد‭ ‬المنظور‭ ‬عندما‭ ‬يتلقاه‭ ‬قائد‭ ‬بصير‭ ‬فيلقي‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬ملاعب‭ ‬الآخرين‭ ‬كي‭ ‬يطلقون‭ ‬صفارات‭ ‬الإنذار‭ ‬تحذيرًا‭ ‬أو‭ ‬تصريحًا‭ ‬أو‭ ‬تلميحًا‭ ‬أو‭ ‬استعدادًا‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬أسوأ‭.‬

رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬وعافاه،‭ ‬وبشهادة‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬دافع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬إنسان‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬سليمة‭ ‬عفية،‭ ‬في‭ ‬إنسان‭ ‬قوي‭ ‬صحيًا‭ ‬وعلميًا‭ ‬وفكريًا،‭ ‬ربط‭ ‬النماء‭ ‬المستدام‭ ‬بمعدلات‭ ‬التنمية‭ ‬وخططها‭ ‬ومحاورها،‭ ‬استجار‭ ‬بالتاريخ‭ ‬واستلهم‭ ‬وصفاته‭ ‬السحرية‭ ‬واجتزأ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬اجتازؤه‭ ‬من‭ ‬دروس‭ ‬وأحكام‭ ‬وتقاليد‭ ‬وممارسات؛‭ ‬لكي‭ ‬يقول‭ ‬لأمته‭: ‬تمسكوا‭ ‬بوحدتكم‭ ‬في‭ ‬أيامكم‭ ‬العصيبة،‭ ‬لا‭ ‬تلتفتون‭ ‬لشعارات‭ ‬الفرقة‭ ‬والتشرذم‭ ‬والانكفاء‭ ‬على‭ ‬معاول‭ ‬الهدم‭ ‬والاستكانة‭ ‬وتسليم‭ ‬المقدرات‭ ‬للغير،‭ ‬دعا‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يزور‭ ‬مجلسه‭ ‬المهيب‭ ‬إلى‭ ‬كلمة‭ ‬سواء‭ ‬يراد‭ ‬بها‭ ‬حق؛‭ ‬حفاظًا‭ ‬على‭ ‬حقنا‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬وعلى‭ ‬رسالتنا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أبنائنا‭ ‬وبلادنا‭ ‬وأيامنا‭ ‬القادمة،‭ ‬بحث‭ ‬مع‭ ‬النخب‭ ‬كيفية‭ ‬تحويل‭ ‬المياه‭ ‬التنموية‭ ‬الراكدة‭ ‬إلى‭ ‬بحيرات‭ ‬نامية‭ ‬آمنة‭ ‬مطمئنة،‭ ‬تسبح‭ ‬فيها‭ ‬الكائنات‭ ‬وتُسبح‭ ‬في‭ ‬ملكوتها‭ ‬المخلوقات،‭ ‬وتدعو‭ ‬لها‭ ‬الملائكة‭ ‬في‭ ‬السماوات‭.‬

سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬لم‭ ‬يقل‭ ‬لنا‭ ‬كلمة‭ ‬ولم‭ ‬تتحقق،‭ ‬لم‭ ‬يتبصر‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬إلا‭ ‬وكنا‭ ‬معه‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬معلمًا‭ ‬لحقيقة،‭ ‬ووصفًا‭ ‬دقيقًا‭ ‬لحالة،‭ ‬وتجسيدًا‭ ‬حيًا‭ ‬لمناخ‭ ‬حياة‭.‬

إنها‭ ‬الحالة‭ ‬المتجردة‭ ‬لقائدنا‭ ‬عندما‭ ‬تتجلى‭ ‬إرادته‭ ‬فتلتقي‭ ‬بإرادة‭ ‬الشعب،‭ ‬وعندما‭ ‬يشعر‭ ‬الشعب‭ ‬بأنه‭ ‬والقائد‭ ‬كل‭ ‬في‭ ‬واحد،‭ ‬وأن‭ ‬العمل‭ ‬الجماعي‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬إلا‭ ‬بالخير،‭ ‬وأن‭ ‬الخير‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كنا‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬رجل‭ ‬واحد،‭ ‬نصيغ‭ ‬مستقبله‭ ‬معًا،‭ ‬ونضرب‭ ‬على‭ ‬تحدياته‭ ‬بيد‭ ‬من‭ ‬حديد،‭ ‬ونعمل‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬مكتسباته‭ ‬بإرادة‭ ‬فارس‭ ‬مغوار‭.‬

إنها‭ ‬الحقيقة‭ ‬وكل‭ ‬حقيقة‭ ‬عندما‭ ‬يحاورنا‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬سائلًا‭ ‬عن‭ ‬شخص‭ ‬أو‭ ‬متسائلًا‭ ‬عن‭ ‬وضع،‭ ‬أو‭ ‬مُلمحًا‭ ‬لمسألة،‭ ‬وهو‭ ‬الرئيس‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يهدأ‭ ‬طالما‭ ‬ظل‭ ‬في‭ ‬الصدر‭ ‬قلب‭ ‬ينبض،‭ ‬وفي‭ ‬العروق‭ ‬دماء‭ ‬تجري،‭ ‬وفي‭ ‬الجسد‭ ‬روح‭ ‬تعشق‭.‬