النجاح توأم الضمير.. والنظير ليوم الضمير لأمير الضمير

| عادل عيسى المرزوق

أمر‭ ‬مُستبعد‭.. ‬وشبه‭ ‬مُحال‭.. ‬ومن‭ ‬ضرب‭ ‬الخيال‭..! ‬أن‭ ‬يدُرْ‭ ‬بِخَلَدِ‭ ‬أيٍّ‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬أو‭ ‬يَخْطُرَ‭ ‬ببال‭ ‬أحدٍ‭ ‬من‭ ‬النُّخَب،‭ ‬نجاح‭ ‬بزوغ‭ ‬فجرٍ‭ ‬جديدٍ‭ ‬للضمير‭ ‬بعد‭ ‬إنعاشِه‭ ‬“كإنعاش‭ ‬القلب‭ ‬في‭ ‬الجسد”،‭ ‬مُتمثلاً‭ ‬في‭ ‬منقبةٍ‭ ‬لمبادرة‭ ‬عظيمة‭ ‬وكبيرة‭ ‬بعظمة‭ ‬راعيها‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬باسم‭ ‬يوم‭ ‬الضمير‭ ‬العالمي،‭ ‬التي‭ ‬استقبلته‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بِثِقَةِ‭ ‬منِ‭ ‬اختطت‭ ‬يَداهُ‭ ‬إيَّاه،‭ ‬فتبنته‭ ‬وأطلقته،‭ ‬فخَرج‭ ‬قويًّا‭ ‬مُزلزلاً‭ ‬النفوس،‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬اضمحل‭ ‬فيه‭ ‬الضمير‭ ‬واختلت‭ ‬فيه‭ ‬النفوس،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬الضمير‭ ‬خبرًا‭ ‬لمبتدأ،‭ ‬وتَحَوَّل‭ ‬لِفِعلٍ‭ ‬ماضٍ‭ ‬مع‭ ‬طوارق‭ ‬الزمن‭ ‬السحيق‭.. ‬يرتجيه‭ ‬كلَّ‭ ‬مُتألِّم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ابتعد‭ ‬واختفى‭ ‬في‭ ‬دروب‭ ‬الهجير،‭ ‬وينشُد‭ ‬نزوله‭ ‬كُلَّ‭ ‬طالِبِ‭ ‬حَقٍّ‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬الضمير‭ ‬أملٌ‭ ‬قد‭ ‬يتحقق‭ ‬ويصير‭..‬

“فتحققت‭ ‬ليوم‭ ‬الضمير‭ ‬تراتيب‭ ‬نزوله‭.. ‬واستقبلته‭ ‬الدنيا‭ ‬بِمَحَبَّةٍ‭ ‬وسهولة‭.. ‬وارتوت‭ ‬الأرض‭ ‬بماءئهِ‭ ‬العذب‭ ‬وتدفُّقِ‭ ‬سيوله‭.. ‬مُخَلِّفًا‭ ‬وراءه‭ ‬الفشل‭ ‬وذيوله‭.. ‬وباسطًا‭ ‬يديه‭ ‬لأمير‭ ‬الضمير‭.. ‬مُبَرْهِنًا‭ ‬أن‭ ‬الضمير‭ ‬لا‭ ‬تحميه‭ ‬إلَّا‭ ‬الرُّجولة”‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬المناقب‭ ‬المتجسدة‭ ‬في‭ ‬شخصية‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬حفظه‭ ‬الله،‭ ‬وتَحْمِلُ‭ ‬أجملَ‭ ‬صفات‭ ‬السمو‭ ‬والرفعة‭ ‬والعظمة‭ ‬في‭ ‬شخصه‭ ‬الكريم؛‭ ‬“هي‭ ‬أن‭ ‬الحس‭ ‬التنويري‭ ‬للضمير‭ ‬المتأصل‭ ‬في‭ ‬ذاته‭ ‬يتجدد‭ ‬بذاتِه،‭ ‬ويرتوي‭ ‬من‭ ‬نبع‭ ‬الإيمان‭ ‬حُبًّا‭ ‬لله‭ ‬عزّ‭ ‬وجلّ‭ ‬بكل‭ ‬أسمائه‭ ‬وصفاته،‭ ‬ويتأسى‭ ‬بالرسول‭ {‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭} ‬في‭ ‬سائر‭ ‬حركاته‭ ‬وسكناته،‭ ‬ويتحرك‭ ‬يَشُق‭ ‬طريقه‭ ‬نحو‭ ‬الإيمان‭ ‬بفلسفة‭ ‬الوجود‭ ‬في‭ ‬أجمل‭ ‬معانيه‭ ‬وتجلياته”؛‭ ‬التي‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬وحدة‭ ‬حقيقة‭ ‬الوجود‭ ‬ووحدة‭ ‬الوجود‭ ‬وفي‭ ‬انحصار‭ ‬الوجود‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬كما‭ ‬يفسرها‭ ‬العلماء‭.‬

‭ ‬وِحْدَةٌ‭ ‬حقيقية‭ ‬يتضمنها‭ ‬معنى‭ ‬التحقق‭ ‬في‭ ‬محدودية‭ ‬درجة‭ ‬الوجود‭ ‬الفانية‭ ‬للمخلوق‭ ‬مقابل‭ ‬أبدية‭ ‬الوجود‭ ‬للخالق‭ ‬عز‭ ‬وجل‭.. ‬وفي‭ ‬تصنيف‭ ‬وحدة‭ ‬الموجود‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الوجود‭ ‬الواجبي‭ ‬للخالق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬والوجود‭ ‬الإمكاني‭ ‬للمخلوق‭.. ‬وما‭ ‬بين‭ ‬الوجود‭ ‬الحقيقي‭ ‬الخالص‭ ‬للخالق‭ ‬عزّ‭ ‬وجلّ‭ ‬والوجود‭ ‬المجازي‭ ‬للمخلوق‭.‬

القراءة‭ ‬المتمعنة‭ ‬للتاريخ‭ ‬وللأحداث‭ ‬المُتَغَيِّرة‭ ‬والمُغيِّرة‭ ‬لواقع‭ ‬المجتمعات،‭ ‬التي‭ ‬تترك‭ ‬بعد‭ ‬رحيلها‭ ‬وأُفولَها‭ ‬بصمات‭ ‬إيجابية‭ ‬مؤثرة‭ ‬وباقية‭ ‬كبقاء‭ ‬المعتقدات‭ ‬والقيم‭ ‬الدينية،‭ ‬وتُظهِر‭ ‬قُدْرَتها‭ ‬لكشف‭ ‬الموروثات‭ ‬الإيجابية‭ ‬من‭ ‬السلبية‭ ‬المتسلقة‭ ‬على‭ ‬المعتقدات‭ ‬الدينية،‭ ‬تُعد‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬المُعقدة‭ ‬الصعبة‭ ‬في‭ ‬اجتيازها‭ ‬لاحتياجها‭ ‬لتفكيك‭ ‬تحليلي‭ ‬تسلسلي‭ ‬علمي‭ ‬تاريخي‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬التوثيق‭ ‬والصدق‭ ‬والوضوح‭ ‬والشفافية،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نجاح‭ ‬هدف‭ ‬البحث‭ ‬ومتانة‭ ‬وغزارة‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفكري‭ ‬الذي‭ ‬يقصده‭ ‬الباحث‭ ‬والمفكر‭ ‬والفيلسوف‭.‬

‭ ‬ومُعايشة‭ ‬الواقع‭ ‬بدقة‭ ‬واستشراف‭ ‬المستقبل‭ ‬بذكاء‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬القراءة‭ ‬المتعمقة‭ ‬والمتمعنة‭ ‬للتاريخ؛‭ ‬فيها‭ ‬استدلال‭ ‬حقيقي‭ ‬أعمق‭ ‬للفكرة‭ ‬ونضوجها‭ ‬قبل‭ ‬خروجها،‭ ‬وستعطي‭ ‬الفكرة‭ ‬وقعًا‭ ‬أكثر‭ ‬سلاسة‭ ‬في‭ ‬الفهم‭ ‬والاستيعاب‭ ‬لتكامل‭ ‬أو‭ ‬لشبه‭ ‬تكامل‭ ‬استنباطها‭ ‬المبني‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬أعمدة؛‭ ‬الماضي‭ ‬والحاضر‭ ‬والمستقبل،‭ ‬وسيكون‭ ‬تفكيكها‭ ‬وتجزئتها‭ ‬بِيُسْر‭ ‬لأجل‭ ‬تحليلها‭ ‬في‭ ‬وقتها‭ ‬وما‭ ‬بعده؛‭ ‬فضيلة‭ ‬ومِيزة‭ ‬وقُدْرَة‭ ‬لها‭ ‬لإبقاء‭ ‬المعنى‭ ‬متماسكًا‭ ‬قويًّا‭ ‬بلا‭ ‬تشويش‭ ‬عند‭ ‬أيِّ‭ ‬متصدٍّ‭ ‬للتدقيق‭ ‬وباحثٍ‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬مرجعيتها‭ ‬العلمية‭.‬

‭ ‬ولننظر‭ ‬بتجرد‭ ‬في‭ ‬شخصية‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬الضمير‭ ‬الحِسِّي‭ ‬الإنساني،‭ ‬الذي‭ ‬يملكه‭ ‬مُلكا‭ ‬روحيا‭ ‬متوازنا‭ ‬ومتوازيا‭ ‬مع‭ ‬الفكر‭ ‬الفلسفي‭ ‬لديه،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬القراءة‭ ‬العميقة‭ ‬العلمية‭ ‬الغزيرة‭ ‬للتاريخ‭ ‬والهجينة‭ ‬مع‭ ‬الواقع‭ ‬المعاصر‭ ‬والمستقبل‭ ‬الاستشرافي‭ ‬التي‭ ‬ينتهجها‭ ‬سموه؛‭ ‬“فلا‭ ‬خلاف‭ ‬ولا‭ ‬اختلاف‭ ‬في‭ ‬تَمَيُّز‭ ‬قدرتِه‭ ‬وتَوَحُّدِه‭ ‬وتَربُّعِه‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬الحدث‭ ‬التنويري‭ ‬العالمي‭ ‬للضمير،‭ ‬ودِقَّتِه‭ ‬في‭ ‬انتشارِه‭ ‬وتغلغلِه‭ ‬واستدامته‭ ‬وبقاءئه‭ ‬نابضًا‭ ‬بالحياة،‭ ‬ومُؤصِّلا‭ ‬لمعنى‭ ‬الحياة”،‭ ‬ومُمَهِّدًا‭ ‬الطريق‭ ‬والسُّبُل‭ ‬الواضحة‭ ‬نحو‭ ‬النجاح‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تعنيه‭ ‬قاعدة‭ ‬النجاح،‭ ‬التي‭ ‬تُعتبر‭ ‬“التوأم‭ ‬والنظير‭ ‬للضمير‭ ‬وليوم‭ ‬الضمير‭ ‬لأمير‭ ‬الضمير”‭.. ‬ليس‭ ‬مجازًا‭ ‬ولا‭ ‬خيالاً‭ ‬فلسفيًّا‭ ‬يتم‭ ‬ربطُه‭ ‬وسردُه؛‭ ‬بل‭ ‬حقيقة‭ ‬تكرسها‭ ‬وحدة‭ ‬الوجود‭ ‬الإنساني‭ ‬الإمكاني،‭ ‬ودوره‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬استحضار‭ ‬القيم‭ ‬الأخلاقية‭ ‬وتنميتها‭ ‬وتطبيقها‭ ‬لتجسيد‭ ‬معنى‭ ‬العبودية‭ ‬لله‭ ‬عزّ‭ ‬وجلّ‭ ‬في‭ ‬أجمل‭ ‬صورها‭ ‬ومعانيها‭.‬

‭ ‬من‭ ‬المفارقات‭ ‬التاريخية‭ ‬القديمة‭ ‬للفكر‭ ‬الفلسفي‭ ‬لمعنى‭ ‬الضمير‭ ‬وأهمية‭ ‬بيان‭ ‬الفرق‭ ‬بمن‭ ‬يتهمه‭ ‬ويربطه‭ ‬بالفشل‭ ‬وبين‭ ‬من‭ ‬يرى‭ ‬توأمته‭ ‬بالنجاح؛‭ ‬وجود‭ ‬معتقدات‭ ‬قديمة‭ ‬تكرّس‭ ‬مفهوم‭ ‬الضمير‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬وظيفته‭ ‬“ذات‭ ‬الصناعة‭ ‬الإنسانية”‭ ‬في‭ ‬جلد‭ ‬الذات‭ ‬للملذات،‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬يؤمن‭ ‬بها‭ ‬بعض‭ ‬الفلاسفة‭ ‬ومنهم‭ ‬“نيتشه”‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬حياته‭ ‬حتى‭ ‬تَنَبَّهَ‭ ‬وانتبه‭ ‬وصححها‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬حياته،‭ ‬وكانت‭ ‬في‭ ‬حقيقتها‭ ‬تحمل‭ ‬خطًّا‭ ‬فكريًّا‭ ‬مضمونه‭ ‬ارتباط‭ ‬الضمير‭ ‬بالفشل،‭ ‬“لأن‭ ‬جلد‭ ‬الذات‭ ‬يورث‭ ‬الخوف‭ ‬والقلق،‭ ‬فيتبعه‭ ‬الفشل”‭..‬

‭ ‬والتحليل‭ ‬المنطقي‭ ‬والعلمي‭ ‬لماهِيَّة‭ ‬مفهوم‭ ‬الضمير‭ ‬الذي‭ ‬يراه‭ ‬ويؤمن‭ ‬به‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬بثقة‭ ‬تامة،‭ ‬ومتوافقًا‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يراه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬والمفكرين‭ ‬والفلاسفة‭ ‬المتقدمين‭ ‬والمتأخرين؛‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الضمير‭ ‬الحي‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬تشخيصي‭ ‬عظيم‭ ‬وتنبيهي‭ ‬وتوجيهي‭ ‬دقيق‭ ‬لسلك‭ ‬طريق‭ ‬الحق‭ ‬المُوصلِ‭ ‬للنجاح،‭ ‬وترك‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مُغرِقٌ‭ ‬في‭ ‬الفشل‭ ‬والضياع‭.. ‬فلولا‭ ‬استحثاث‭ ‬وتشجيع‭ ‬الضمير‭ ‬للتفكير‭ ‬المُوَجَّه‭ ‬في‭ ‬العقل‭ ‬الواعي،‭ ‬لما‭ ‬اتجه‭ ‬وتجرأ‭ ‬الأشخاص‭ ‬الناجحون‭ ‬لكسر‭ ‬بعض‭ ‬القواعد‭ ‬الدنيوية‭ ‬المتغيرة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬نتائج‭ ‬مختلفة،‭ ‬كما‭ ‬تؤكدها‭ ‬الدراسات‭ ‬ويذكرها‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬“مايكل‭ ‬هيبيل”‭ ‬“التفكير‭ ‬بطريقة‭ ‬مغايرة”‭.‬