أنسنة

وزير العمل في مرمى النواب

| رجاء مرهون

أبعدت‭ ‬أجواء‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬التحركات‭ ‬النيابية‭ ‬لاستجواب‭ ‬وزير‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬جميل‭ ‬حميدان‭ ‬بشأن‭ ‬قضية‭ ‬البحرنة‭ ‬عن‭ ‬دائرة‭ ‬الضوء‭ ‬الإعلامي‭ ‬قليلا‭.‬

لا‭ ‬يبدو‭ ‬أي‭ ‬من‭ (‬السيناريوهين‭: ‬التمرير‭ ‬أو‭ ‬الإسقاط‭) ‬مرجحا‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة،‭ ‬فالطلب‭ ‬الذي‭ ‬وقعه‭ ‬‮٢١‬‭ ‬نائبا‭ ‬يواجه‭ ‬عثرات،‭ ‬وهناك‭ ‬أحاديث‭ ‬عن‭ ‬رغبة‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬الموقعين‭ ‬سحب‭ ‬توقيعاتهم،‭ ‬وهناك‭ ‬نواب‭ ‬غير‭ ‬موقعين،‭ ‬ولكنهم‭ ‬سينضمون‭ ‬للكتلة‭ ‬المؤيدة‭.‬

السؤال‭ ‬الأهم‭ ‬بهذه‭ ‬المسألة‭ ‬هو‭ ‬“هل‭ ‬يوجد‭ ‬‮٢٧‬‭ ‬صوتا‭ ‬لتمرير‭ ‬استجواب‭ ‬وزير‭ ‬العمل‭ ‬أم‭ ‬لا؟”،‭ ‬أما‭ ‬تقرير‭ ‬لجنة‭ ‬الجدية،‭ ‬فليس‭ ‬عنصرا‭ ‬حاسما،‭ ‬فالمجلس‭ ‬سيد‭ ‬قراره،‭ ‬وسيتابع‭ ‬البحرينيون‭ ‬بدقة‭ ‬تفاصيل‭ ‬تصويت‭ ‬ممثليهم‭ ‬خلال‭ ‬الجلسة‭ ‬المقبلة‭.‬

في‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة،‭ ‬رافقت‭ ‬التحركات‭ ‬لتمرير‭ ‬طلب‭ ‬الاستجواب،‭ ‬تصريحات‭ ‬نيابية‭ ‬مؤيدة‭ ‬ومجيشة‭ ‬تحث‭ ‬على‭ ‬الموافقة،‭ ‬فيما‭ ‬اكتفى‭ ‬وزير‭ ‬العمل‭ ‬جميل‭ ‬حميدان‭ ‬أو‭ ‬أحد‭ ‬مساعديه‭ ‬بتمرير‭ ‬“تسريب‭ ‬صحافي”‭ ‬يتهم‭ ‬فيه‭ ‬خصومه‭ ‬السياسيين‭ ‬بأن‭ ‬لهم‭ ‬مصالح‭ ‬شخصية‭ ‬وراء‭ ‬الاستجواب‭. ‬وبحسب‭ ‬التصريح‭ ‬الصحافي‭ ‬الذي‭ ‬نسب‭ ‬إلى‭ ‬مصدر‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى‭ ‬في‭ ‬الوزارة،‭ ‬فإن‭ ‬النواب‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‭ ‬تحركوا‭ ‬للاستجواب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فشلت‭ ‬جهودهم‭ ‬في‭ ‬إعطاء‭ ‬طلبات‭ ‬توظيف‭ ‬أبناء‭ ‬دوائرهم‭ ‬الانتخابية‭ ‬الأولوية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬طلبات‭ ‬عموم‭ ‬أبناء‭ ‬البحرين‭ ‬وهي‭ ‬أقدم‭.‬

لن‭ ‬أدافع‭ ‬عن‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬فيمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لدى‭ ‬بعضهم‭ ‬مصالح‭ ‬يسعون‭ ‬لتحقيقها‭ ‬قبل‭ ‬موعد‭ ‬الانتخابات‭ ‬المقبلة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تهمة‭ ‬“المصالح‭ ‬الشخصية”‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬توجهها‭ ‬أطراف‭ ‬أخرى‭ ‬للنواب‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يوقعوا،‭ ‬بحجة‭ ‬ضمان‭ ‬استمرار‭ ‬“مصالحهم”‭ ‬مع‭ ‬الوزارة‭.‬

ما‭ ‬استوقفني‭ ‬كثيرا‭ ‬هو‭ ‬حديث‭ ‬الوزارة‭ ‬عن‭ ‬ضغوط‭ ‬نيابية‭ ‬لإعطاء‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬الجدد‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬قدامى‭ ‬العاطلين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬واقعيا،‭ ‬فوزارة‭ ‬العمل‭ ‬لا‭ ‬تفرض‭ ‬المرشحين‭ ‬للوظائف‭ ‬على‭ ‬أية‭ ‬مؤسسة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬اليوم‭. ‬إن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تبذله‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬يتلخص‭ ‬في‭ ‬ترشيح‭ ‬جميع‭ ‬العاطلين‭ ‬على‭ ‬قوائمها‭ ‬ممن‭ ‬تنطبق‭ ‬عليهم‭ ‬الشروط‭ (‬مؤهلات‭ ‬وخبرة‭) ‬للشركة‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬شاغر‭ ‬وظيفي،‭ ‬وذلك‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬العاطل‭ ‬مستجدا‭ ‬أم‭ ‬أنه‭ ‬بقي‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬قوائم‭ ‬العاطلين،‭ ‬والشركات‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تختار‭ ‬العاطل‭ ‬الأنسب‭ ‬لها‭ ‬بعد‭ ‬إجراء‭ ‬الامتحانات‭ ‬والمقابلات‭ (‬أحيانا‭ ‬ترشح‭ ‬الوزارة‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الـ‭ ‬50‭ ‬عاطلا‭ ‬لوظيفة‭ ‬واحدة‭).‬

لذا‭ ‬كنت‭ ‬أتمنى‭ ‬من‭ ‬قيادة‭ ‬الوزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الواقعي‭ ‬والمنطقي‭ ‬عن‭ ‬أدائها‭ ‬عوضا‭ ‬عن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬أبناء‭ ‬دوائر‭ ‬على‭ ‬آخرين،‭ ‬بينما‭ ‬الواقع‭ ‬يشير‭ ‬لوجود‭ ‬إجماع‭ ‬شعبي‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الدوائر‭ ‬على‭ ‬مساءلة‭ ‬وزير‭ ‬العمل‭ ‬ووزراء‭ ‬آخرين‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬قضية‭ ‬البطالة‭ ‬والتوظيف‭.‬