زبدة القول

المسافة البعيدة... عبدالحليم حافظ وشاكوش

| د. بثينة خليفة قاسم

قبل‭ ‬أيام‭ ‬ثارت‭ ‬ضجة‭ ‬كبيرة‭ ‬بوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المصرية‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬“مطربو‭ ‬المهرجانات”،‭ ‬ووسط‭ ‬هذه‭ ‬الضجة‭ ‬وحالة‭ ‬السخرية‭ ‬والتهكم‭ ‬التي‭ ‬اجتاحت‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬حول‭ ‬هؤلاء‭ (‬المطربين‭)‬،‭ ‬قامت‭ ‬نقابة‭ ‬المهن‭ ‬الموسيقية‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬بمنع‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بمطربي‭ ‬المهرجانات،‭ ‬ونبهت‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يهمه‭ ‬الأمر‭ ‬بعدم‭ ‬التعامل‭ ‬معهم‭.‬

وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الدقة‭ ‬اللغوية‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬كلمة‭ ‬“مطربين”،‭ ‬أو‭ ‬كلمة‭ ‬مهرجانات،‭ ‬فقد‭ ‬استخدمت‭ ‬عبارة‭ ‬“مطربو‭ ‬المهرجانات”‭ ‬لوصف‭ ‬أصحاب‭ ‬الغناء‭ ‬الهابط‭ ‬الذي‭ ‬يستخدم‭ ‬مفردات‭ ‬رديئة‭ ‬تهبط‭ ‬بالذوق‭ ‬العام‭ ‬وتسفه‭ ‬لغة‭ ‬الشارع‭ ‬في‭ ‬مصر‭.‬

وقد‭ ‬اتخذت‭ ‬نقابة‭ ‬المهن‭ ‬الموسيقية‭ ‬قرارها‭ ‬هذا‭ ‬عقب‭ ‬قيام‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬بإطلاق‭ ‬أغنية‭ ‬رديئة‭ ‬في‭ ‬أستاد‭ ‬القاهرة‭ ‬في‭ ‬مناسبة‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بعيد‭ ‬الحب،‭ ‬وهي‭ ‬أغنية‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬عرفنا‭ ‬من‭ ‬الإخوة‭ ‬المصريين‭ ‬تمجد‭ ‬الحشيش‭ ‬والخمر‭ ‬وتستخدم‭ ‬لغة‭ ‬رديئة‭.‬

تابعت‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬بدهشة،‭ ‬بل‭ ‬بصدمة‭ ‬كبيرة،‭ ‬وسألت‭ ‬نفسي‭: ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬يمضي‭ ‬الفن‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬الشقيقة‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬قلعة‭ ‬الفن‭ ‬وتعد‭ ‬نقطة‭ ‬الانطلاق‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬المطربين‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬يريدون‭ ‬تحقيق‭ ‬الشهرة‭ ‬والذيوع؟‭ ‬ورجعت‭ ‬بذاكرتي‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬الفن‭ ‬الجميل‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬وعبدالحليم‭ ‬حافظ‭ ‬ووجدت‭ ‬أن‭ ‬المسافة‭ ‬أصبحت‭ ‬بعيدة‭ ‬بين‭ ‬عبدالحليم‭ ‬حافظ‭ ‬وبين‭ ‬شاكوش‭ ‬وغيره‭.‬

لقد‭ ‬حكى‭ ‬لي‭ ‬أحد‭ ‬الإخوة‭ ‬المصريين‭ ‬أن‭ ‬مصطفى‭ ‬باشا‭ ‬النحاس‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬مصر‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٥٠‬‭ ‬أمر‭ ‬بمنع‭ ‬أغنية‭ ‬فريد‭ ‬الأطرش،‭ (‬ما‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬وقلت‭ ‬له‭... ‬يا‭ ‬عواذل‭ ‬فلفلوا‭)‬،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬جملة‭ ‬“يا‭ ‬عواذل‭ ‬فلفلوا”‭ ‬تهبط‭ ‬بالذوق‭ ‬العام‭! ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بأغاني‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬التي‭ ‬نخجل‭ ‬أن‭ ‬نذكرها‭ ‬هنا‭.‬