القروض الاستهلاكية

| عبدعلي الغسرة

تشكل‭ ‬القروض‭ ‬الشخصية‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬أنواعها‭ ‬وضماناتها‭ ‬حوالي‭ (‬4.5‭ %) ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬القروض‭ ‬والتسهيلات‭ ‬الممنوحة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مصارف‭ ‬قطاع‭ ‬التجزئة‭ ‬بالبحرين،‭ ‬وتعتبر‭ ‬القروض‭ ‬ملجأ‭ ‬للأفراد‭ ‬المحتاجين‭ ‬للمال،‭ ‬ويطرقون‭ ‬أبواب‭ ‬المصارف‭ ‬والأفراد‭ ‬لعلهم‭ ‬يحصلون‭ ‬ولو‭ ‬على‭ ‬جزء‭ ‬مما‭ ‬يحتاجون‭ ‬إليه،‭ ‬فما‭ ‬هي‭ ‬أسباب‭ ‬زيادة‭ ‬الاقتراض‭ ‬الاستهلاكي؟‭ ‬أضعف‭ ‬الراتب‭ ‬أم‭ ‬غياب‭ ‬قدرة‭ ‬الأفراد‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬سياسة‭ ‬نقدية‭ ‬ترشيدية‭ ‬لدخلهم؟‭ ‬أم‭ ‬تجاهلهم‭ ‬مخاطر‭ ‬الاقتراض؟

هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مسببات‭ ‬الاقتراض‭ ‬الاستهلاكي،‭ ‬كضعف‭ ‬الراتب‭ ‬لدى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأفراد،‭ ‬ما‭ ‬يجعلهم‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مصدر‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬المال‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬المصادر‭ ‬الاقتراض،‭ ‬ارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬الحياة‭ ‬وغلاء‭ ‬الأسعار‭ ‬أمر‭ ‬يتطلب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المال،‭ ‬وتوجه‭ ‬البعض‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭ ‬التعليمية‭ ‬لأبنائهم‭ ‬والخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬ورغبتهم‭ ‬في‭ ‬اقتناء‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬السيارات‭ ‬والأمتعة،‭ ‬السفر‭ ‬وترميم‭ ‬المنازل،‭ ‬بدء‭ ‬الحياة‭ ‬لدى‭ ‬الشباب،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬المستلزمات‭ ‬التي‭ ‬يحتاجها‭ ‬الأفراد‭ ‬لتعديل‭ ‬مستوى‭ ‬حياتهم‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬القرض‭ ‬طريق‭ ‬الخلاص‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬المالية‭ ‬العسيرة،‭ ‬فالقرض‭ ‬في‭ ‬مقدمته‭ ‬فرحة‭ ‬بالمال‭ ‬وبعده‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬عبء‭ ‬على‭ ‬الدخل‭ ‬الحقيقي‭ ‬للمقترض،‭ ‬فتسديد‭ ‬فوائد‭ ‬تلك‭ ‬القروض‭ ‬يعد‭ ‬إنفاقا‭ ‬أيضًا؛‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تدني‭ ‬مؤشر‭ ‬الدخل‭ ‬الحقيقي‭ ‬للمقترض‭.‬

على‭ ‬المصارف‭ ‬مسؤولية‭ ‬اجتماعية‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬توعية‭ ‬زبائنها‭ ‬ومساعدتهم‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬مالية‭ ‬صائبة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الدخل‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬ضرورية‭ ‬للقرض‭.‬

وتشير‭ ‬الدراسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬“زيادة‭ ‬الاقتراض‭ ‬الشخصي‭ ‬عائدة‭ ‬إلى‭ ‬طغيان‭ ‬الثقافة‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬وتوافر‭ ‬مستويات‭ ‬مرتفعة‭ ‬من‭ ‬السيولة‭ ‬لدى‭ ‬المصارف‭ ‬وانخفاض‭ ‬تكلفة‭ ‬الإقراض،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الاقتراض‭ ‬غير‭ ‬المدروس‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬قدرة‭ ‬المقترض‭ ‬على‭ ‬الالتزام‭ ‬والوفاء‭ ‬بخدمة‭ ‬الديون‭ ‬التي‭ ‬تتراكم‭ ‬عليه”،‭ ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬القرض‭ ‬لا‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬مستوى‭ ‬الدخل،‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬لتعثر‭ ‬المقترض،‭ ‬وزيادة‭ ‬عدد‭ ‬المتعثرين‭ ‬ستؤدي‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬المخاطر‭ ‬الائتمانية‭ ‬لدى‭ ‬المصارف‭.‬

على‭ ‬الفرد‭ ‬أن‭ ‬يتحلى‭ ‬بالوعي‭ ‬الاستهلاكي‭ ‬وثقافة‭ ‬استهلاكية‭ ‬إيجابية،‭ ‬ولجمعيات‭ ‬حماية‭ ‬المستهلك‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬معايير‭ ‬وضوابط‭ ‬لعملية‭ ‬الاقتراض‭ ‬ومراقبة‭ ‬صياغة‭ ‬العقود‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المصارف‭ ‬والأفراد‭ ‬لحماية‭ ‬مصالح‭ ‬وحقوق‭ ‬الطرفين‭ ‬بشكل‭ ‬متوازن‭.‬