لمحات

إشكاليات درامية

| د.علي الصايغ

بعض‭ ‬من‭ ‬ينعتون‭ ‬الأعمال‭ ‬الدرامية‭ ‬في‭ ‬الزمن‭ ‬الجميل،‭ ‬ويمتدحون‭ ‬الممثلين‭ ‬الذين‭ ‬قدموا‭ ‬تلك‭ ‬الأعمال،‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يدركون‭ ‬تماماً‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الرأي،‭ ‬ولعل‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ - ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬كأحد‭ ‬صناع‭ ‬الدراما‭ - ‬أن‭ ‬نوعية‭ ‬الممثلين‭ ‬والممثلات،‭ ‬وحتى‭ ‬عناصر‭ ‬الطاقم‭ ‬الفني‭ ‬ككل،‭ ‬تشكل‭ ‬فارقاً‭ ‬كبيراً‭.‬

فليست‭ ‬الموهبة‭ ‬المعنية‭ ‬فقط‭ ‬بما‭ ‬يقدم‭ ‬من‭ ‬مستويات،‭ ‬بل‭ ‬ماهية‭ ‬الأهداف‭ ‬والرسائل‭ ‬التي‭ ‬يريد‭ ‬إيصالها‭ ‬الفنان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فنه،‭ ‬واحترامه‭ ‬عمله،‭ ‬وإخلاصه‭ ‬فيه،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنه‭ ‬يقدم‭ ‬رسائل‭ ‬سامية‭ ‬للمجتمعات،‭ ‬بهدف‭ ‬التطوير،‭ ‬أو‭ ‬تصحيح‭ ‬المسار،‭ ‬لا‭ ‬اعتناق‭ ‬الشهرة،‭ ‬أو‭ ‬المال،‭ ‬أو‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أهداف‭ ‬شخصية‭ ‬تافهة‭ ‬في‭ ‬المعيار‭ ‬الحقيقي‭.‬

إنَّ‭ ‬إخلاص‭ ‬الفنان،‭ ‬وشغفه‭ ‬بما‭ ‬يقدمه،‭ ‬وامتلاكه‭ ‬ثقافة‭ ‬رصينة،‭ ‬وإيمانه‭ ‬برسائل‭ ‬هادفة،‭ ‬واحترامه‭ ‬عقليات‭ ‬الجمهور،‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬ميّز‭ ‬الفنانين‭ ‬المبدعين،‭ ‬وأبقاهم‭ ‬في‭ ‬صدر‭ ‬الصورة‭ ‬الفنية‭ ‬المتكاملة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تعيه‭ ‬تماماً‭ ‬غالبية‭ ‬الجمهور‭ ‬الواعي‭ ‬المتابع،‭ ‬باستثناء‭ ‬القلة‭ ‬القليلة‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬يمتلكون‭ ‬هذا‭ ‬الإدراك‭ ‬المهم‭ ‬لدور‭ ‬وقيمة‭ ‬ما‭ ‬يقدم‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬فنية‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المجتمعات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إكمال‭ ‬الصورة‭ ‬أو‭ ‬توضيح‭ ‬تكاملها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬نفتقده‭ ‬كثيراً‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬قل،‭ ‬من‭ ‬كوادر‭ ‬فنية‭ ‬مؤمنة‭ ‬برسالة‭ ‬الفن،‭ ‬وليست‭ ‬متطفلة‭ ‬عليه،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬تعاني‭ ‬منه‭ ‬الدراما‭ ‬في‭ ‬وقتنا‭ ‬الحاضر‭ ‬بشكل‭ ‬ملفت،‭ ‬وتمثل‭ ‬خطورة‭ ‬على‭ ‬المجتمعات؛‭ ‬لأنها‭ ‬منصة‭ ‬تصعب‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬تأثيراتها‭ ‬السلبية‭ ‬أو‭ ‬الإيجابية،‭ ‬ويسهل‭ ‬أن‭ ‬يطلق‭ ‬فيها‭ ‬أي‭ ‬فرد‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬لقب‭ ‬فنان،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الفن‭ ‬بريء‭ ‬منه،‭ ‬هنا‭ ‬تكمن‭ ‬إحدى‭ ‬الإشكاليات،‭ ‬ولإشكاليات‭ ‬أخرى‭ ‬حديث‭ ‬آخر‭.‬