لماذا يا وزارة الأشغال؟

| عباس العمران

ينقدحُ‭ ‬في‭ ‬الذهن‭ ‬سؤال‭ ‬جوهري‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نشرت‭ ‬لجنة‭ ‬بحرنة‭ ‬الوظائف‭ ‬المنبثقة‭ ‬من‭ ‬“مجلس‭ ‬الشعب”‭ ‬تقريرها‭ ‬الذي‭ ‬أخذ‭ ‬منها‭ ‬قرابة‭ ‬العام،‭ ‬والذي‭ ‬بينت‭ ‬فيه‭ ‬مدى‭ ‬التزام‭ ‬الجهات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬بتوظيف‭ ‬المواطنين‭ ‬وإعطائهم‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬الفرص‭ ‬الوظيفية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬كنا‭ ‬نظنُ‭ ‬أن‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬في‭ ‬تمكين‭ ‬المواطنين‭ ‬تنسجمُ‭ ‬مع‭ ‬استراتيجيتنا‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأرقام‭ ‬أثبتت‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭.‬

نعم،‭ ‬تقرير‭ ‬اللجنة‭ ‬البرلمانية‭ ‬لبحرنة‭ ‬الوظائف‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬مؤخراً‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬أثلج‭ ‬صدور‭ ‬المواطنين،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬سبب‭ ‬لهم‭ ‬صدمةً‭ ‬وحزناً‭ ‬كبيرين‭ ‬جراء‭ ‬الأرقام‭ ‬التي‭ ‬بينتها‭ ‬جداول‭ ‬التقرير،‭ ‬وحجم‭ ‬المخالفات‭ ‬الفاضحة‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬جهات‭ ‬حكومية‭ ‬في‭ ‬التعيينات‭ ‬والتوظيف‭.. ‬فرص‭ ‬وظيفية‭ ‬جمة‭ ‬تمت‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬وافدين‭ ‬في‭ ‬وضح‭ ‬النهار‭ ‬وبعلم‭ ‬المسؤول‭ ‬وموافقته‭ ‬يا‭ ‬للأسف‭!‬

وزارة‭ ‬الأشغال‭ ‬وشؤون‭ ‬البلديات‭ ‬والتخطيط‭ ‬العمراني‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬نصيبُ‭ ‬الأسد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الملاحظات‭ ‬فلديها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسمئة‭ ‬موظف‭ ‬أجنبي‭ ‬بمتوسط‭ ‬راتب‭ ‬يفوق‭ ‬السبعمئة‭ ‬دينار،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬العشرين‭ ‬مواطنا‭ ‬يعملون‭ ‬لديها‭ ‬بعقود‭ ‬مؤقتة‭. ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬البحرنة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الوزارة‭ ‬متذبذبة‭ ‬ولم‭ ‬تشهد‭ ‬طوال‭ ‬السبع‭ ‬سنوات‭ ‬الماضية‭ ‬أية‭ ‬قفزة‭ ‬تُذكر،‭ ‬والأدهى‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬النسبة‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬التراجع‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاث‭ ‬الماضية،‭ ‬لماذا‭ ‬يا‭ ‬وزارة‭ ‬الأشغال؟

الآن‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬لدينا‭ ‬تقريران‭ ‬احترافيان‭ (‬تقرير‭ ‬لجنة‭ ‬بحرنة‭ ‬الوظائف‭ ‬وتقرير‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭) ‬لا‭ ‬يشوبهما‭ ‬أي‭ ‬خلل‭ ‬ومحايدان‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬جهات‭ ‬رسمية‭ ‬موثوقة،‭ ‬فقد‭ ‬كشفا‭ ‬لنا‭ ‬حجم‭ ‬المخالفات‭ ‬الإدارية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬في‭ ‬مؤسساتنا‭ ‬الوطنية‭.‬

‭ ‬الحقائق‭ ‬الجمة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬ذكرها‭ ‬أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬مادة‭ ‬يتناقلها‭ ‬الناس‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭ ‬ومعروفة‭ ‬للجميع‭ ‬ومتاحة،‭ ‬فالتقرير‭ ‬بنسختيه‭ ‬الورقية‭ ‬والإلكترونية‭ ‬متوافر‭ ‬للجمهور،‭ ‬أتساءل‭ ‬في‭ ‬نفسي‭: ‬هل‭ ‬يا‭ ‬ترى‭ ‬نحنُ‭ ‬بحاجةٍ‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬التقارير؟‭.‬