تفسير العقد

| د. عبدالقادر ورسمه

العقد‭ ‬شريعة‭ ‬المتعاقدين،‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬قواعد‭ ‬التعاقد‭ ‬من‭ ‬البداية‭ ‬وأثناء‭ ‬التنفيذ‭ ‬بواسطة‭ ‬الأطراف‭ ‬المتعاقدة‭. ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬النية‭ ‬لإكمال‭ ‬العقد‭ ‬يكون‭ ‬عبر‭ ‬عدة‭ ‬وسائل‭ ‬كالكتابة‭ ‬أو‭ ‬الشفاهة‭. ‬لكن‭ ‬القانون،‭ ‬يشترط‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العقد‭ ‬مكتوبًا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭. ‬ومن‭ ‬العقود‭ ‬التي‭ ‬تتم‭ ‬كتابتها،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬تفاصيل‭ ‬ويتكون‭ ‬العقد‭ ‬من‭ ‬مئات‭ ‬الصفحات‭ ‬والملاحق‭ ‬والمرفقات‭. ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬صياغة‭ ‬العقد‭ ‬بصورة‭ ‬سليمة‭ ‬وواضحة‭ ‬ومبرأة‭ ‬من‭ ‬العيوب‭ ‬والكتابة‭ ‬غير‭ ‬الواضحة‭ ‬والحشو‭ ‬غير‭ ‬المفيد‭. ‬وبالطبع،‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬لديهم‭ ‬الكفاءة‭ ‬والخبرة‭ ‬للقيام‭ ‬بالصياغة‭ ‬وإعدادها‭ ‬في‭ ‬أفضل‭ ‬شكل‭ ‬وانسجام‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬ورغبة‭ ‬الأطراف‭. ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يتمتع‭ ‬بهذه‭ ‬الصفات‭ ‬ويكون‭ ‬العقد‭ ‬“وثيقة”‭ ‬خطرة‭ ‬على‭ ‬أطراف‭ ‬التعاقد‭ ‬ويؤدي‭ ‬لمخاطر‭ ‬قانونية،‭ ‬لا‭ ‬محالة‭. ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬تأتي‭ ‬نتائج‭ ‬مخالفة‭ ‬لنية‭ ‬الأطراف‭.‬

‭ ‬نلاحظ‭ ‬ظهور‭ ‬خلافات‭ ‬تتعلّق‭ ‬بتفسير‭ ‬مواد‭ ‬أو‭ ‬بنود‭ ‬العقد‭ ‬المبرم‭. ‬ووفق‭ ‬أحكام‭ ‬القانون‭ ‬المدني،‭ ‬هناك‭ ‬مبادئ‭ ‬قانونية‭ ‬لتفسير‭ ‬العقود‭ ‬منها،‭ ‬“إذا‭ ‬كانت‭ ‬عبارة‭ ‬العقد‭ ‬واضحة‭ ‬فلا‭ ‬يجوز‭ ‬الانحراف‭ ‬عنها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تفسيرها‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬إرادة‭ ‬المتعاقدين”،‭ ‬

‭ ‬و”أما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬محل‭ ‬لتفسير‭ ‬العقد،‭ ‬فيجب‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬النية‭ ‬المشتركة‭ ‬للمتعاقدين‭ ‬دون‭ ‬الوقوف‭ ‬عند‭ ‬المعنى‭ ‬الحرفي‭ ‬للألفاظ،‭ ‬مع‭ ‬الاستهداء‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بطبيعة‭ ‬التعامل،‭ ‬وبما‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يتوافر‭ ‬من‭ ‬أمانة‭ ‬وثقة‭ ‬بين‭ ‬المتعاقدين،‭ ‬وفقًا‭ ‬للعرف‭ ‬الجاري‭ ‬في‭ ‬المعاملات”،‭ ‬وأيضًا‭ ‬“يفسر‭ ‬الشك‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬لمصلحة‭ ‬المتعاقد‭ ‬الذي‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬إعمال‭ ‬الشرط‭ ‬أن‭ ‬يضره،‭ ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬يفسر‭ ‬الشك‭ ‬لمصلحة‭ ‬المدين‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬إعمال‭ ‬الشرط‭ ‬أن‭ ‬يحمله‭ ‬الالتـزام،‭ ‬أو‭ ‬يجعل‭ ‬عبأه‭ ‬عليه‭ ‬أكثر‭ ‬ثقلاً”‭. ‬

يجب‭ ‬الالتزام‭ ‬بهذه‭ ‬القواعد‭ ‬الجوهرية‭ ‬التي‭ ‬يتضمنها‭ ‬القانون،‭ ‬عند‭ ‬الحاجة‭ ‬لتفسير‭ ‬العقد‭ ‬الذي‭ ‬يحكم‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭. ‬ولكن‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬أطراف‭ ‬العقد،‭ ‬والذي‭ ‬يعتبر‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬الآخر،‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تفسير‭ ‬العقد‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬رغباته‭ ‬الذاتية‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الطرف‭ ‬الشريك‭ ‬في‭ ‬العقد‭. ‬إن‭ ‬القانون‭ ‬يضع‭ ‬طرفي‭ ‬العقد‭ ‬في‭ ‬مرتبة‭ ‬واحدة،‭ ‬لذا‭ ‬يجب‭ ‬تنفيذه‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬فيه،‭ ‬وعند‭ ‬الاختلاف‭ ‬حول‭ ‬النصوص،‭ ‬يجب‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬تفسيرها‭ ‬وفق‭ ‬القواعد‭ ‬القانونية‭ ‬حتى‭ ‬يظل‭ ‬العقد‭ ‬شريعة‭ ‬المتعاقدين‭.‬