العدالة الاجتماعية

| عبدعلي الغسرة

تنطلق‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬مبدأ‭ ‬تحقيق‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬وبين‭ ‬الجنسين‭ ‬وتعزيز‭ ‬حقوق‭ ‬الشعوب‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬تفاوت‭ ‬أو‭ ‬إقصاء‭ ‬وتهميش‭ ‬للآخر،‭ ‬وتبتغي‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬إزالة‭ ‬الحواجز‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬وغرس‭ ‬ثقافة‭ ‬المواطنة‭ ‬الإنسانية‭ ‬بينهم،‭ ‬والدول‭ ‬العادلة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬حصول‭ ‬جميع‭ ‬مواطنيها‭ ‬على‭ ‬حصة‭ ‬عادلة‭ ‬من‭ ‬ثمار‭ ‬العدالة‭ ‬والحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬حيث‭ ‬تنص‭ ‬المادة‭ (‬1‭) ‬من‭ ‬الإعلان‭ ‬العالمي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬المبدأ‭ ‬الخاص‭ ‬بالمساواة‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬الناس‭.‬

ولأهمية‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتحقيق‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬وتحقيق‭ ‬مستوى‭ ‬معيشي‭ ‬للجميع،‭ ‬أعلنت‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يوما‭ ‬عالميًا‭ ‬للعدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬فبراير،‭ ‬ويتذكر‭ ‬العالم‭ ‬ودوله‭ ‬ومنظماته‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬أهمية‭ ‬العدالة‭ ‬للناس،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬ذات‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬الحادة‭ ‬والتي‭ ‬ينعدم‭ ‬فيها‭ ‬الأمن‭ ‬والمساواة‭ ‬ويزداد‭ ‬فيها‭ ‬ثراء‭ ‬البعض‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬المعتدل‭ ‬أو‭ ‬المقذع‭ ‬والبطالة‭.‬

“جسر‭ ‬هوة‭ ‬التفاوت‭ ‬لتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية”‭ ‬شعار‭ ‬الاحتفاء‭ ‬بيوم‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬2020م،‭ ‬ومع‭ ‬استمرار‭ ‬الاحتفاء‭ ‬السنوي‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬تزداد‭ ‬الحروب‭ ‬ويرتفع‭ ‬عدد‭ ‬القتلى‭ ‬والجرحى‭ ‬والمشوهين‭ ‬واللاجئين،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬يزداد‭ ‬عدد‭ ‬الأثرياء‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬زيادة‭ ‬الفقراء،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬تنتكس‭ ‬التنمية‭ ‬ويكثر‭ ‬عدد‭ ‬العاطلين‭ ‬الباحثًين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬والرزق‭ ‬الكريم،‭ ‬ويتمنى‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬تحقيق‭ ‬أحلامهم‭ ‬في‭ ‬الرخاء‭ ‬والبلدان‭ ‬في‭ ‬النماء،‭ ‬وبدلا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬يتحقق‭ ‬تراجع‭ ‬اقتصادي‭ ‬واجتماعي‭ ‬وإنساني،‭ ‬التراجع‭ ‬الذي‭ ‬يضعف‭ ‬الإنسان‭ ‬ودوله،‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬الناس‭ ‬تحقيق‭ ‬بعض‭ ‬أحلامهم‭ ‬لقلة‭ ‬إمكانياتهم‭ ‬التي‭ ‬تكاد‭ ‬تسد‭ ‬رمقهم‭ ‬المعيشي‭.‬

كثيرة‭ ‬هي‭ ‬السياسات‭ ‬الموضوعة‭ ‬والمواثيق‭ ‬المصفوفة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬ولحث‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬التنفيذ،‭ ‬وتنفيذها‭ ‬يتطلب‭ ‬الإرادة‭ ‬والرغبة‭ ‬الإنسانية‭ ‬لبناء‭ ‬حياة‭ ‬أفضل‭ ‬للناس‭. ‬إن‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬تحقق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمنيات‭ ‬التي‭ ‬يتمناها‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬الحياة‭.‬