طريق الحرير

| د. عبدالله الحواج

رغم‭ ‬مسافة‭ ‬البعد‭ ‬التي‭ ‬على‭ ‬قدرها،‭ ‬فإن‭ ‬روح‭ ‬التعافي،‭ ‬ومنسك‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬شؤون‭ ‬وشجون‭ ‬الدولة‭ ‬يتم‭ ‬الأخذ‭ ‬به‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬مازال‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬للمعايشة‭ ‬مع‭ ‬الاستشفاء،‭ ‬ورغم‭ ‬المسؤوليات‭ ‬الجسام‭ ‬التي‭ ‬يتطلبها‭ ‬موقفه‭ ‬القيادي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬سموه‭ ‬يقف‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬التحديات،‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬والقضايا‭ ‬وسحابات‭ ‬الأجواء‭ ‬الرمادية‭.‬

قبل‭ ‬أيام‭ ‬قلائل‭ ‬وتواصلًا‭ ‬مع‭ ‬نشاط‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬خارج‭ ‬الديار‭ ‬استقبل‭ ‬شفاه‭ ‬الله‭ ‬وعافاه‭ ‬مستشار‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬للشؤون‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الشيخ‭ ‬خالد‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬كما‭ ‬استقبل‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الدكتور‭ ‬عبداللطيف‭ ‬الزياني‭.‬

كان‭ ‬وقع‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬مطمئنًا،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬سموه‭ ‬قد‭ ‬استقبل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬الحاكمة‭ ‬الكريمة‭ ‬وولي‭ ‬العهد‭ ‬نائب‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬الدوليين‭ ‬والأمميين،‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬تمتع‭ ‬الرئيس‭ ‬القائد‭ ‬بموفور‭ ‬الصحة‭ ‬وتمام‭ ‬العافية‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬الزيارات‭ ‬الميمونة‭ ‬التي‭ ‬يستقبل‭ ‬خلالها‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬محبيه‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬يعيش‭ ‬أجمل‭ ‬أيامه‭ ‬في‭ ‬الود‭ ‬والصفاء،‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬والتجرد‭ ‬واستعادة‭ ‬فصل‭ ‬تاريخي‭ ‬من‭ ‬فصول‭ ‬عاداتنا‭ ‬وتقاليدنا‭ ‬ووشائج‭ ‬صلاتنا،‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬ألمانيا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ألقبه‭ ‬بـ‭ ‬“طريق‭ ‬الحرير”‭ ‬إلى‭ ‬الرئيس،‭ ‬بالخارطة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تضل‭ ‬ريشتها،‭ ‬وبالبوصلة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تجهل‭ ‬عقارب‭ ‬الساعة،‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭ ‬وجهان‭ ‬لعملة‭ ‬وطنية‭ ‬واحدة،‭ ‬أحدها‭ ‬يكتب‭ ‬التاريخ،‭ ‬والآخر‭ ‬يوجه‭ ‬صاحبه،‭ ‬أحدها‭ ‬يستعين‭ ‬بالذاكرة‭ ‬الحديدية‭ ‬والثاني‭ ‬يسأل‭ ‬عندما‭ ‬يتوه‭ ‬بين‭ ‬الحنايا‭ ‬والثنايا‭ ‬والمفترقات‭.‬

إن‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬مقر‭ ‬الرئيس‭ ‬أصبح‭ ‬مكتظًا‭ ‬بقوافل‭ ‬السير‭ ‬التي‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬النهل‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬النهر‭ ‬الفياض‭ ‬بالحكمة،‭ ‬ومن‭ ‬تلك‭ ‬الموسوعة‭ ‬القيادية‭ ‬التي‭ ‬ملأها‭ ‬أبا‭ ‬علي‭ ‬ديمومة‭ ‬وحركة،‭ ‬إخلاصًا‭ ‬ووفاءً‭ ‬وصرامةً‭ ‬وإصرارًا،‭ ‬وجهان‭ ‬لعملة‭ ‬واحدة،‭ ‬لا‭ ‬يدل‭ ‬أي‭ ‬وجه‭ ‬منهما‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬ساطعة‭ ‬ناصعة،‭ ‬ولا‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬حرف‭ ‬فيهما‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬وجهة‭ ‬مفعمة‭ ‬بالصدق‭ ‬والوطنية‭ ‬واستلهام‭ ‬العبر‭ ‬والدروس‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬ومحاكاة‭ ‬الزمن‭.‬

إن‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬رغم‭ ‬استراحة‭ ‬التعافي‭ ‬التي‭ ‬تتعانق‭ ‬واستراحة‭ ‬المحارب‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬ينام‭ ‬إلا‭ ‬وقد‭ ‬اطمأن‭ ‬بأن‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬قد‭ ‬ناموا‭ ‬آمنين‭ ‬مطمئنين‭ ‬سالمين،‭ ‬وأن‭ ‬أحدًا‭ ‬فيهم‭ ‬لا‭ ‬يشكو‭ ‬إلا‭ ‬وقد‭ ‬استجاب‭ ‬سموه‭ ‬لشكواه،‭ ‬وأن‭ ‬أحدًا‭ ‬منهم‭ ‬لا‭ ‬يطلق‭ ‬صيحة‭ ‬إلا‭ ‬وكان‭ ‬سموه‭ ‬ملبيًا‭ ‬النداء‭ ‬واقفًا‭ ‬على‭ ‬الحقيقة،‭ ‬متعاطيًا‭ ‬مع‭ ‬مفرداتها،‭ ‬ومتعرفًا‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬تفاصيلها‭.‬

نجد‭ ‬سموه‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬لقاءاته‭ ‬البروتوكولية‭ ‬الحميمية‭ ‬يصدر‭ ‬القرارات‭ ‬المُسيرة‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬ويتعامل‭ ‬مع‭ ‬قضايا‭ ‬الشارع‭ ‬وكأنه‭ ‬قلب‭ ‬الشارع‭ ‬النابض،‭ ‬يمضي‭ ‬مع‭ ‬مواطنيه‭ ‬متفقدًا‭ ‬مشروع،‭ ‬أو‭ ‬واقفًا‭ ‬على‭ ‬مشكلة،‭ ‬أو‭ ‬متجليًا‭ ‬فيها‭ ‬مع‭ ‬بنيه‭.‬

حالة‭ ‬نادرة‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬الكلل‭ ‬أو‭ ‬الملل،‭ ‬تعمل‭ ‬وهي‭ ‬على‭ ‬الفراش،‭ ‬وتتجاسر‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬خارج‭ ‬الديار،‭ ‬وتلبي‭ ‬رغم‭ ‬صعوبة‭ ‬المشاهد،‭ ‬ووعرة‭ ‬التضاريس‭.‬

خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حالة‭ ‬استثنائية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الزمان،‭ ‬ولن‭ ‬أقول‭ ‬المكان‭ ‬حيث‭ ‬الحواجز‭ ‬وقد‭ ‬تضاءلت،‭ ‬والشواهق‭ ‬وقد‭ ‬تقزمت،‭ ‬والمسافات‭ ‬وقد‭ ‬ابتلعتها‭ ‬إرادة‭ ‬محارب‭.‬