نواب أو قطع شطرنج!

| بدور عدنان

أتابع‭ ‬باهتمام‭ ‬بالغ‭ ‬مجريات‭ ‬الأحداث‭ ‬وبالتحديد‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تونس‭ ‬ولبنان‭ ‬والعراق،‭ ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬اختلاف‭ ‬ظروف‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬كل‭ ‬دولة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬تونس‭ ‬تشهد‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬الرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬الذي‭ ‬انتخب‭ ‬رئيسا‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬العراق‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬حكومته‭ ‬بعد‭ ‬تنحي‭ ‬عادل‭ ‬عبدالمهدي‭ ‬عن‭ ‬رئاسة‭ ‬الوزراء‭ ‬بعد‭ ‬تظاهر‭ ‬العراقيين‭. ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬أيضا‭ ‬متشابهة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬مع‭ ‬العراق‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قدم‭ ‬سعد‭ ‬الحريري‭ ‬استقالته‭ ‬كرئيس‭ ‬للوزراء‭ ‬تضامنا‭ ‬مع‭ ‬المتظاهرين‭ ‬اللبنانيين‭ ‬الذين‭ ‬خرجوا‭ ‬في‭ ‬مسيرات‭ ‬حاشدة‭ ‬ضد‭ ‬الفساد‭.‬

اليوم‭ ‬وفي‭ ‬خضم‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومات‭ ‬جديدة‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬يمكن‭ ‬للمتتبعين‭ ‬لأحداثها‭ ‬أن‭ ‬يجمعوا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عوامل‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬رغم‭ ‬التباين‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬والمحددات‭ ‬لكن‭ ‬تبقى‭ ‬الملاحظة‭ ‬الأبرز‭ ‬هي‭ ‬الدور‭ ‬المحوري‭ ‬للبرلمانات‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬ضغط‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬أعضاء‭ ‬حكومته‭ ‬سواء‭ ‬بالسلب‭ ‬أو‭ ‬الإيجاب‭.‬

ذلك‭ ‬ما‭ ‬يتحدد‭ ‬وينبع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قناعة‭ ‬الأحزاب‭ ‬والتكتلات‭ ‬الفاعلة‭ ‬والمؤثرة‭ ‬داخل‭ ‬البرلمانات‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أنها‭ ‬تعكس‭ ‬رأي‭ ‬ووجهة‭ ‬نظر‭ ‬الشارع‭ ‬الذي‭ ‬انتخبها‭ ‬وأوصلها‭ ‬لقبة‭ ‬البرلمان،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة‭ ‬المشكلة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬لابد‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬يحظىوا‭ ‬بثقة‭ ‬البرلمان‭ ‬وتأييده‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬ثقة‭ ‬وتأييد‭ ‬الشعب‭.‬

لكن‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬مغاير‭ ‬للقاعدة‭ ‬الأساسية،‭ ‬فالأحزاب‭ ‬والكتل‭ ‬البرلمانية‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬تلك‭ ‬الشريحة‭ ‬المحلية‭ ‬التي‭ ‬انتخبتها‭ ‬بل‭ ‬تمثل‭ ‬مصالحها‭ ‬الخاصة‭ ‬والتي‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬مرتبطة‭ ‬بأجندات‭ ‬خارجية‭ ‬لها‭ ‬مصالح‭ ‬ومطامع‭ ‬داخل‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬فتقوم‭ ‬باستمالة‭ ‬وشراء‭ ‬تلك‭ ‬الأحزاب‭ ‬التي‭ ‬ظاهرياً‭ ‬تلتقي‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬الآيديولوجيا‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬ما‭ ‬يربط‭ ‬هذه‭ ‬الأحزاب‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬مصالح‭ ‬مشتركة‭ ‬بعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬مصلحة‭ ‬الشعب‭ ‬والوطن‭.‬

يمكن‭ ‬اختصار‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قراءة‭ ‬توجهات‭ ‬الأحزاب‭ ‬أو‭ ‬الكتل‭ ‬التي‭ ‬تلتقي‭ ‬آيديولوجيا‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬أو‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬داخل‭ ‬البرلمانات‭ ‬العربية‭ ‬كي‭ ‬نعرف‭ ‬من‭ ‬تمثل‭ ‬تلك‭ ‬الأحزاب،‭ ‬الشعب‭ ‬أم‭ ‬من‭ ‬يعملون‭ ‬لهم‭ ‬بالوكالة‭.‬