سوالف

الرواتب تجمدت والغلاء اشتدت عضلاته

| أسامة الماجد

أزمة‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬العالم،‭ ‬وتزداد‭ ‬تفاقما‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬لآخر‭ ‬وتتفاوت‭ ‬في‭ ‬الحدة‭ ‬من‭ ‬بلد‭ ‬لآخر،‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬وتحتل‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬عند‭ ‬المواطن‭ ‬“صاحب‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود”،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬الرواتب‭ ‬لم‭ ‬تتغير‭ ‬وتستبدل‭ ‬بالمقاييس‭ ‬الجديدة‭ ‬لتكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الغلاء‭ ‬الذي‭ ‬شق‭ ‬طريقه‭ ‬بتأن‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ميادين‭ ‬الحياة،‭ ‬وغطى‭ ‬جسد‭ ‬المواطن‭ ‬كاملا،‭ ‬يحسه‭ ‬في‭ ‬ركبتيه،‭ ‬في‭ ‬أعلى‭ ‬رأسه،‭ ‬في‭ ‬جبهته،‭ ‬وتحت‭ ‬قدميه‭ ‬يتسرب‭ ‬إلى‭ ‬صدره،‭ ‬إلى‭ ‬رئته‭ ‬ليسعل‭ ‬مرات‭ ‬عديدة‭. ‬

كل‭ ‬شيء‭ ‬تغير‭ ‬وكل‭ ‬سلعة‭ ‬ارتفعت‭ ‬إلا‭ ‬الرواتب‭ ‬تجمدت‭ ‬وأصبحت‭ ‬ضبابا،‭ ‬وكأنها‭ ‬شيء‭ ‬لم‭ ‬يوجد،‭ ‬شيء‭ ‬نتخيله‭ ‬ونتمناه،‭ ‬قبل‭ ‬15‭ ‬عاما‭ ‬مثلا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬“تشحن”‭ ‬العربة‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬سوبرماركت‭ ‬لشهر‭ ‬كامل‭ ‬بـ‭ ‬60‭ ‬دينارا،‭ ‬أما‭ ‬اليوم،‭ ‬فتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬300‭ ‬دينار‭ ‬بمقاييس‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬وروحه،‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬تحتاج‭ ‬أسرة‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬أفراد‭ ‬“زوج‭ ‬وزوجة‭ ‬وولد‭ ‬وبنت”‭ ‬إلى‭ ‬مبلغ‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬150‭ ‬دينارا‭ ‬لشراء‭ ‬ملابس‭ ‬العيد‭ ‬كاملة‭ ‬بالاكسسوارات،‭ ‬بينما‭ ‬اليوم‭ ‬يصرف‭ ‬الفرد‭ ‬الواحد‭ ‬نفس‭ ‬المبلغ‭ ‬ويتألم‭ ‬بذكر‭ ‬الماضي‭ ‬الجميل‭ ‬والحاضر‭ ‬بتفاصيله‭ ‬المرعبة‭.‬

عدو‭ ‬الناس‭ ‬البسطاء‭ ‬هو‭ ‬الغلاء،‭ ‬الغلاء‭ ‬الذي‭ ‬يحيط‭ ‬بهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ناحية‭ ‬ويأتي‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬متعددة،‭ ‬وهم‭ ‬مازالوا‭ ‬يكتبون‭ ‬رسائل‭ ‬شوق‭ ‬ونار‭ ‬إلى‭ ‬“الزيادة”‭ ‬لتأخذهم‭ ‬إلى‭ ‬الأفق‭ ‬الجديد‭ ‬لمقاييس‭ ‬هذا‭ ‬العصر،‭ ‬وتمسح‭ ‬همومهم‭ ‬وتسحبهم‭ ‬من‭ ‬عصف‭ ‬العواصف‭ ‬ولعبة‭ ‬التجار‭ ‬وأنواع‭ ‬المذلات،‭ ‬إنهم‭ ‬يعيشون‭ ‬مأساة‭ ‬تجمد‭ ‬الرواتب‭ ‬ويواجهون‭ ‬قوة‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬العنيفة،‭ ‬وصوته‭ ‬الذي‭ ‬يزرع‭ ‬الخوف‭ ‬في‭ ‬العيون،‭ ‬وكل‭ ‬يوم‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬ضوء‭ ‬شمس‭ ‬وموسم‭ ‬يخلصهم‭ ‬من‭ ‬ضغط‭ ‬الأعصاب،‭ ‬ولكن‭.. ‬لا‭ ‬جديد،‭ ‬الرواتب‭ ‬تسير‭ ‬بخطوات‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬والغلاء‭ ‬تصلبت‭ ‬واشتدت‭ ‬عضلاته،‭ ‬وتستمر‭ ‬الرحلة‭ ‬داخل‭ ‬النفق‭.‬