سوالف

“المحل للبيع”... لافتة في كل مكان!

| أسامة الماجد

عندما‭ ‬تدخل‭ ‬مواد‭ ‬غريبة‭ ‬إلى‭ ‬الجسم،‭ ‬يسارع‭ ‬بشهر‭ ‬أسلحته‭ ‬الدفاعية‭ ‬بإفراز‭ ‬مواد‭ ‬مضادة‭ ‬وأخرى‭ ‬مجهزة‭ ‬خصيصا‭ ‬طبقا‭ ‬لمواصفات‭ ‬المادة‭ ‬الداخلة،‭ ‬وتسارع‭ ‬أسلحة‭ ‬الجسم‭ ‬الدفاعية‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬وتنسيق‭ ‬مذهل‭ ‬بالالتصاق‭ ‬بالمواد‭ ‬الغريبة‭ ‬ومحاصرتها‭ ‬وبطريقة‭ ‬ما‭ ‬تحل‭ ‬المشكلة،‭ ‬لكن‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنطبق‭ ‬تلك‭ ‬النظرية‭ ‬على‭ ‬الركود‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والخسائر‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬المحلات‭ ‬وأدت‭ ‬إلى‭ ‬إعلانها‭ ‬البيع‭. ‬“البلاد”‭ ‬نشرت‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬الماضي‭ ‬موضوعا‭ ‬عن‭ ‬داء‭ ‬الركود‭ ‬الذي‭ ‬انتشر‭ ‬بين‭ ‬المحلات‭ ‬والمقاهي‭ ‬نتيجة‭ ‬رفع‭ ‬سلعتي‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬حتى‭ ‬فاق‭ ‬سعرها‭ ‬حاليا‭ ‬سعرها‭ ‬السابق‭ ‬بواقع‭ ‬يفوق‭ ‬500‭ %‬،‭ ‬فزادت‭ ‬وتضاعفت‭ ‬التكاليف‭ ‬التشغيلية‭ ‬بسبب‭ ‬الضرائب،‭ ‬وأدى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬إرباك‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تشغيل‭ ‬المحلات،‭ ‬ولفت‭ ‬أحد‭ ‬النواب‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ظاهرة‭ ‬خلو‭ ‬المحلات‭ ‬التجارية‭ ‬وتحول‭ ‬العديد‭ ‬منها‭ ‬للبيع‭ ‬أو‭ ‬الإيجار‭ ‬يضع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬علامات‭ ‬الاستفهام‭.‬

أينما‭ ‬تتجول‭ ‬تجد‭ ‬أمامك‭ ‬لافتة‭ ‬“المحل‭ ‬للبيع”،‭ ‬خصوصا‭ ‬المحلات‭ ‬الصغيرة،‭ ‬كمحلات‭ ‬بيع‭ ‬الملابس،‭ ‬والمطاعم،‭ ‬والبرادات،‭ ‬والكراجات،‭ ‬والسبب‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬الخسائر‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬ألمت‭ ‬بأصحابها‭ ‬نتيجة‭ ‬ازدياد‭ ‬التكاليف‭ ‬وضعف‭ ‬المدخول،‭ ‬ربما‭ ‬حاول‭ ‬البعض‭ ‬الارتواء‭ ‬من‭ ‬مياه‭ ‬الصبر‭ ‬وإقناع‭ ‬نفسه‭ ‬بتحسن‭ ‬الأمور‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬لكن‭ ‬دون‭ ‬فائدة،‭ ‬وهناك‭ ‬محلات‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬أندية‭ ‬ومجمعات‭ ‬مازالت‭ ‬تلبس‭ ‬حذاء‭ ‬الانتظار‭ ‬حتى‭ ‬إشعار‭ ‬آخر،‭ ‬لأن‭ ‬المسألة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬حسابات‭ ‬وميزان‭ ‬مدفوعات‭ ‬وتخطيط‭ ‬طويل‭ ‬عريض،‭ ‬وهي‭ ‬قضية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬وارتفاع‭ ‬الرسوم‭ ‬البلدية‭ ‬ورسوم‭ ‬التجديد‭ ‬بوزارة‭ ‬التجارة،‭ ‬حتى‭ ‬العمارات‭ ‬التجارية‭ ‬“شقق‭ ‬ومكاتب”،‭ ‬تعرضت‭ ‬إلى‭ ‬أزمة‭ ‬خانقة‭ ‬ورفعت‭ ‬عن‭ ‬نوافذها‭ ‬الستائر‭ ‬ليبرق‭ ‬نور‭ ‬الشمس‭ ‬في‭ ‬الغرف‭ ‬كدليل‭ ‬على‭ ‬خروج‭ ‬المستأجرين‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬زوبعة‭ ‬الأسعار‭.‬

لا‭ ‬نعرف‭ ‬كمواطنين‭ ‬قراءة‭ ‬وتقييم‭ ‬الوضع‭ ‬القائم‭ ‬ولا‭ ‬ما‭ ‬سيحدث‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬لكن‭ ‬الصخور‭ ‬التي‭ ‬ترمى‭ ‬أمامنا‭ ‬تنذر‭ ‬بوضع‭ ‬خطير‭ ‬وحالة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬من‭ ‬الركود‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وأول‭ ‬من‭ ‬سيبتلعه‭ ‬البحر‭ ‬هم‭ ‬العاديون‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود‭.‬