عنفوان

لا أدخل المطبخ!

| جاسم اليوسف

لم‭ ‬يتبق‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يمضي‭ ‬شيخ‭ ‬بكامل‭ ‬وقاره‭ ‬الديني‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬زواج‭ ‬مفاده‭ ‬“أن‭ ‬ست‭ ‬الحسن‭ ‬والدلال”‭ ‬تشترط‭ ‬على‭ ‬زوجها‭ ‬المغلوب‭ ‬على‭ ‬أمره‭ ‬ألا‭ ‬“توطوط”‭ ‬عتبة‭ ‬المطبخ‭ ‬ولا‭ ‬يمسس‭ ‬ثيابها‭ ‬ذات‭ ‬الماركة‭ ‬العالمية‭ ‬رائحة‭ ‬الثوم‭ ‬والبصل،‭ ‬لتسقط‭ ‬أمام‭ ‬مرأى‭ ‬الحاضرين‭ ‬وأولهم‭ ‬حامي‭ ‬لواء‭ ‬الدين‭ ‬آخر‭ ‬ورقات‭ ‬التوت‭ ‬عن‭ ‬قوامة‭ ‬الرجل‭.‬

‭ ‬وربما‭ ‬قفز‭ ‬أحد‭ ‬المصطفين‭ ‬والمطبلين‭ ‬لفكرة‭ ‬“النسوية”‭ ‬أن‭ ‬طبخ‭ ‬المرأة‭ ‬ليس‭ ‬واجبًا‭ ‬شرعيًّا‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تؤديه،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬على‭ ‬أية‭ ‬حال‭ ‬مختلف‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬المذاهب‭ ‬الإسلامية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬المتعاطفين‭ ‬مع‭ ‬“النساء‭ ‬الجدد”‭ ‬ربما‭ ‬غاب‭ ‬عن‭ ‬ذهنهم‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬القواعد‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬التذكير‭ ‬بها‭ ‬عرفًا‭ (‬unspoken rules‭)‬،‭ ‬تمامًا‭ ‬مثلما‭ ‬يقتضي‭ ‬عليك‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المحدد‭ ‬لك‭ ‬دونما‭ ‬حاجة‭ ‬مرؤوسك‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬للاتصال‭ ‬بك‭ ‬وتذكيرك‭ ‬بضرورة‭ ‬الذهاب‭ ‬هناك‭.‬

‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬استيقظت‭ ‬أعيننا‭ ‬على‭ ‬الدنيا‭ ‬ونحن‭ ‬نرأى‭ ‬أمهاتنا‭ ‬وجداتنا‭ ‬شغلهن‭ ‬الشاغل‭ ‬مداراة‭ ‬أزواجهن،‭ ‬وأولها‭ ‬مباشرة‭ ‬عملهن‭ ‬في‭ ‬المطبخ‭ ‬منذ‭ ‬الصباح‭ ‬الباكر،‭ ‬بينما‭ ‬تغوص‭ ‬أرجل‭ ‬وأيدي‭ ‬الرجال‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬لتأمين‭ ‬لقمة‭ ‬العيش‭ ‬الكريمة‭ ‬لهن‭ ‬ولأفراد‭ ‬أسرتهن،‭ ‬فما‭ ‬الذي‭ ‬استجدّ‭ ‬حديثًا‭ ‬لتأتي‭ ‬عيِّنة‭ ‬من‭ ‬“أشباه‭ ‬النساء”‭ - ‬والذي‭ ‬ألقي‭ ‬فيه‭ ‬باللائمة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬آل‭ ‬إليه‭ ‬الوضع‭ ‬على‭ ‬الرجل‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ - ‬لتبتدع‭ ‬فكرة‭ ‬مفادها‭ ‬“ما‭ ‬أطبخ‭ ‬لك‭ ‬أو‭ ‬أعمل‭ ‬لك‭ ‬الطباخ‭ ‬على‭ ‬كيفي”،‭ ‬يا‭ ‬سلام‭! ‬إذن‭ ‬فليحفظك‭ ‬الرب‭ ‬وقرّي‭ ‬عينًا‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬“البابا”‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭.‬

‭ ‬ولا‭ ‬يفهم‭ ‬من‭ ‬كلامي‭ ‬أني‭ ‬أعارض‭ ‬طموح‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬والدراسة‭ ‬ولكن‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬اخترتِ‭ ‬أن‭ ‬تكوني‭ ‬زوجة‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬فعليك‭ ‬احترام‭ ‬تقاليد‭ ‬وأعراف‭ ‬المجتمع،‭ ‬فبمزاجه‭ ‬هو‭ ‬إن‭ ‬كافأكِ‭ ‬وأسقط‭ ‬عنكِ‭ ‬عناء‭ ‬الطباخ‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬على‭ ‬وجبات‭ ‬الغداء‭ ‬أو‭ ‬العشاء‭ ‬أو‭ ‬استفرد‭ ‬بك‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬سكينة‭ ‬رومنسية‭ ‬تحت‭ ‬سقف‭ ‬ردهات‭ ‬أحد‭ ‬المطاعم‭.‬