الدخل الفردي ومستوى المعيشة

| عبدعلي الغسرة

الدخل‭ ‬الفردي‭ ‬هو‭ ‬الإيراد‭ ‬أو‭ ‬الأجر‭ ‬أو‭ ‬الربح‭ ‬الذي‭ ‬يحصل‭ ‬عليه‭ ‬الفرد‭ ‬لقاء‭ ‬وظيفته‭ ‬أو‭ ‬عمله‭ ‬أو‭ ‬إنتاجه،‭ ‬ويختلف‭ ‬هذا‭ ‬الإيراد‭ ‬من‭ ‬فرد‭ ‬لآخر‭ ‬حسب‭ ‬نوع‭ ‬وظيفته‭ ‬أو‭ ‬عمله،‭ ‬وكلما‭ ‬كان‭ ‬دخل‭ ‬الفرد‭ ‬عاليًا‭ ‬ارتفع‭ ‬مستوى‭ ‬معيشته‭ ‬والعكس‭ ‬صحيح‭. ‬ويُشير‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬الفرد‭ ‬بتوفر‭ ‬السلع‭ ‬المادية‭ ‬والسكن‭ ‬والصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬تكاليف‭ ‬ما‭ ‬يحتاج‭ ‬إليه‭ ‬للعيش،‭ ‬ويختلف‭ ‬المستوى‭ ‬المعيشي‭ ‬من‭ ‬فرد‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬الأجر،‭ ‬فالأجر‭ ‬الجيد‭ ‬والمرتفع‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬سلع‭ ‬متنوعة‭ ‬وذات‭ ‬جودة‭ ‬عالية‭ ‬وهذا‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬معيشته‭.‬

هناك‭ ‬علاقة‭ ‬طردية‭ ‬وإيجابية‭ ‬بين‭ ‬الدخل‭ ‬الجيد‭ ‬ومستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬الجيدة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬قياس‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬فقط‭ ‬بمقدار‭ ‬الأجر،‭ ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬مؤشرات‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬عدالة‭ ‬توزيع‭ ‬الثروة،‭ ‬البطالة،‭ ‬التعليم،‭ ‬عدد‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة،‭ ‬دخل‭ ‬الدولة،‭ ‬التضخم،‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الدخل‭ ‬ومستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬يعمل‭ ‬الإنسان‭ ‬جاهدًا‭ ‬لتوفير‭ ‬لقمة‭ ‬العيش‭ ‬لنفسه‭ ‬وعائلته،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬يسعى‭ ‬جاهدًا‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬طرق‭ ‬لزيادة‭ ‬دخله‭ ‬لرفع‭ ‬مستوى‭ ‬معيشته‭.‬

وليس‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬يعتمد‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬الزيادة‭ ‬الدائمة‭ ‬لدخله‭ ‬لتحسين‭ ‬وضعه‭ ‬المعيشي،‭ ‬فهناك‭ ‬وسائل‭ ‬أخرى‭ ‬يستطيع‭ ‬الفرد‭ ‬أن‭ ‬يتبعها‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬مستواه‭ ‬المعيشي‭ ‬بما‭ ‬يكسبه‭ ‬من‭ ‬أجر،‭ ‬ومنها‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬وأن‭ ‬يضع‭ ‬خططًا‭ ‬يتبعها‭ ‬ويسير‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬الإنفاق،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬وسائل‭ ‬دخل‭ ‬أخرى‭ ‬إذا‭ ‬وجد‭ ‬لذلك‭ ‬سبيلا،‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬عروض‭ ‬الأسعار‭ ‬المزيفة‭ ‬حيث‭ ‬يذهب‭ ‬ويشتري‭ ‬ما‭ ‬يحتاجه‭ ‬وما‭ ‬لا‭ ‬يحتاجه‭ ‬من‭ ‬السلع،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬عليه‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬القروض‭ ‬والسلع‭ ‬ذات‭ ‬الأقساط‭ ‬الشهرية‭. ‬إن‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات‭ ‬والحاجة‭ ‬إليها‭ ‬يحقق‭ ‬مستوى‭ ‬معيشيا‭ ‬جيدا‭ ‬للفرد‭ ‬وقد‭ ‬يُساهم‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الدخل‭ ‬في‭ ‬الادخار‭.‬

تعمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الدعم‭ ‬المادي‭ ‬لمواطنيها‭ ‬وخصوصا‭ ‬للأسر‭ ‬ذات‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود‭ ‬أو‭ ‬المنخفض،‭ ‬بجانب‭ ‬ما‭ ‬توفره‭ ‬للجميع‭ ‬من‭ ‬خدمات‭ ‬عامة‭ ‬كالصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬والتوظيف‭ ‬وغيرها،‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬مطلع‭ ‬2018م‭ ‬بدأت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬هيكلة‭ ‬منظومة‭ ‬الدعم‭ ‬الحكومي‭ ‬وتطبيق‭ ‬ضرائب‭ ‬بهدف‭ ‬خفض‭ ‬الدعم‭ ‬الحكومي‭ ‬لترشيد‭ ‬إنفاقها‭ ‬المالي،‭ ‬وعلى‭ ‬الدولة‭ ‬أن‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬مقاييس‭ ‬الفقر‭ ‬والمتوسط‭ ‬العام‭ ‬للدخل‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُحقق‭ ‬المستوى‭ ‬المعيشي‭ ‬المناسب‭ ‬الذي‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬أفراد‭ ‬كل‭ ‬أسرة‭ ‬وبحسب‭ ‬احتياجاتها‭.‬