روح البهجة في عالي

| د. عبدالله الحواج

كأنه‭ ‬بيننا‭ ‬يناجينا،‭ ‬ويتحسس‭ ‬حاجاتنا،‭ ‬وكأن‭ ‬مسافة‭ ‬البُعد‭ ‬لم‭ ‬تحل‭ ‬دون‭ ‬لقائه‭ ‬بشعبه‭ ‬وناسه،‭ ‬بمشكلاتهم‭ ‬ومعاناتهم‭ ‬اليومية،‭ ‬بأحلامهم‭ ‬وتطلعاتهم‭ ‬المستقبلية‭.‬

عندما‭ ‬علم‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬بأن‭ ‬جمعية‭ ‬عالي‭ ‬الخيرية‭ ‬تحتاج‭ ‬مقرا‭ ‬يلائم‭ ‬عملها،‭ ‬وأنها‭ ‬تتطلع‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬حكومي‭ ‬أو‭ ‬مكرمة‭ ‬تريح‭ ‬أهاليها‭ ‬المؤمنين‭ ‬بالعمل‭ ‬الخيري،‭ ‬وأن‭ ‬حلقة‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬الحلقات‭ ‬التي‭ ‬تستكمل‭ ‬بها‭ ‬الدولة‭ ‬أدوارها‭ ‬ومسؤولياتها‭ ‬التنموية‭ ‬الكبيرة،‭ ‬قرر‭ ‬سموه‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬تخصيص‭ ‬بل‭ ‬وتسجيل‭ ‬عقار‭ ‬حكومي‭ ‬لصالح‭ ‬جمعية‭ ‬عالي‭ ‬الخيرية،‭ ‬مشكلًا‭ ‬بذلك‭ ‬استكمالًا‭ ‬قياديًا‭ ‬وطنيًا‭ ‬لمشاريع‭ ‬الدولة‭ ‬المتعددة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬المناطق‭ ‬والقرى‭.‬

هذه‭ ‬المكرمة‭ ‬السامية‭ ‬سوف‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬دار‭ ‬لرعاية‭ ‬الوالدين،‭ ‬بل‭ ‬وإقامة‭ ‬مشروع‭ ‬استثماري‭ ‬لتنمية‭ ‬موارد‭ ‬الجمعية؛‭ ‬حتى‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بواجبها‭ ‬تجاه‭ ‬المحتاجين‭ ‬والمعوزين‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬المنطقة‭.‬

البهجة‭ ‬والسعادة‭ ‬التي‭ ‬أشاعها‭ ‬قرار‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬أهالي‭ ‬عالي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لها‭ ‬نظير‭ ‬حيث‭ ‬الحاجة‭ ‬الماسة،‭ ‬والضرورة‭ ‬الحتمية،‭ ‬والأمل‭ ‬في‭ ‬القيادة‭ ‬بعد‭ ‬الله،‭ ‬وحيث‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬الساكن‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬أصحاب‭ ‬الأيادي‭ ‬البيضاء‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬بلادنا،‭ ‬والمستوطن‭ ‬مشاعرهم‭ ‬التواقة‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬هذا‭ ‬الوطن،‭ ‬وتخفيف‭ ‬الأعباء‭ ‬قد‭ ‬الإمكان‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬بمسؤولياتها‭ ‬الجسام،‭ ‬وأدوارها‭ ‬المركبة‭ ‬المتنوعة‭ ‬الممتدة،‭ ‬من‭ ‬رعاية‭ ‬المواطن‭ ‬أينما‭ ‬كان،‭ ‬وتوفير‭ ‬البنى‭ ‬الأساسية‭ ‬اللازمة‭ ‬لنمائه‭ ‬وعلاجه‭ ‬وتعليمه‭ ‬والارتقاء‭ ‬بمخرجاته‭ ‬العلمية،‭ ‬إلى‭ ‬القضايا‭ ‬الوطنية‭ ‬الكبرى‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬الذود‭ ‬عن‭ ‬الحدود،‭ ‬والارتقاء‭ ‬بالمنتج‭ ‬البشري‭ ‬البحريني‭ ‬الخالص،‭ ‬واستنهاض‭ ‬عزيمة‭ ‬المبدعين؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحديث‭ ‬المنجزات‭ ‬والبناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬فات،‭ ‬وتعميق‭ ‬أواصر‭ ‬المحبة‭ ‬بنشر‭ ‬ثقافة‭ ‬الوعي‭ ‬المؤمن‭ ‬بالتسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬واحترام‭ ‬الآخر‭ ‬وصون‭ ‬عباداته‭ ‬ومناسكه‭.‬

كل‭ ‬ذلك‭ ‬يأتي‭ ‬ضمن‭ ‬أولويات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬ثوابتها‭ ‬المؤسسية،‭ ‬والاضطلاع‭ ‬بمسؤولياتها‭ ‬اليومية،‭ ‬والارتقاء‭ ‬بمستوياتها‭ ‬المعيشية‭.‬

إن‭ ‬اللفتة‭ ‬الكريمة‭ ‬من‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬لهي‭ ‬غيض‭ ‬من‭ ‬فيض،‭ ‬حلقة‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬المدى‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬سموه‭ ‬لأعمال‭ ‬الخير‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭.‬

إنه‭ ‬القائد‭ ‬المؤمن‭ ‬بأن‭ ‬وطنه‭ ‬لا‭ ‬يُبنى‭ ‬إلا‭ ‬بسواعد‭ ‬بنيه،‭ ‬وأن‭ ‬استقراره‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أمان‭ ‬واطمئنان‭ ‬فاردًا‭ ‬ظلاله‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ربوع‭ ‬الوطن،‭ ‬لا‭ ‬شاردة‭ ‬ولا‭ ‬واردة‭ ‬يتم‭ ‬تركها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تغطية،‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬اهتمام‭ ‬ومراعاة‭ ‬ورؤية‭ ‬تتبعية‭.‬

العمل‭ ‬الخيري‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬ثقافة‭ ‬بلادنا،‭ ‬حجر‭ ‬أساس‭ ‬في‭ ‬بنيتها‭ ‬الإنسانية‭ ‬والفكرية‭ ‬والعقائدية،‭ ‬ضرورة‭ ‬ملحة‭ ‬تضع‭ ‬الدولة‭ ‬أيديها‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬في‭ ‬أيدي‭ ‬المواطن،‭ ‬تساعده‭ ‬على‭ ‬الوقوف‭ ‬إذا‭ ‬تعثر،‭ ‬وعلى‭ ‬الإبداع‭ ‬إذا‭ ‬تجلى،‭ ‬وإلى‭ ‬العودة‭ ‬سريعًا‭ ‬عندما‭ ‬يذهب‭ ‬بعيدًا‭.‬

هكذا‭ ‬هي‭ ‬البحرين‭ ‬واحة‭ ‬من‭ ‬الضمانات‭ ‬والكفايات،‭ ‬وادٍ‭ ‬من‭ ‬الأماني‭ ‬المتوهجة،‭ ‬والأحلام‭ ‬المتعددة،‭ ‬والبراكين‭ ‬المتسامحة‭ ‬الهادئة‭.‬

هكذا‭ ‬هي‭ ‬البحرين‭ ‬أعمال‭ ‬خير‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬قدوة‭ ‬حسنة‭ ‬تجسدها‭ ‬مكرمات‭ ‬قادتها،‭ ‬أسوة‭ ‬مباركة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مشروع،‭ ‬وكل‭ ‬طريق،‭ ‬وكل‭ ‬صمود‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بحرين‭ ‬غالية‭.‬

إنها‭ ‬عملتنا‭ ‬الجيدة‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالخير،‭ ‬أن‭ ‬نزرعه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بقعة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬المعطاءة،‭ ‬وأن‭ ‬نلوذ‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬عثراتنا‭ ‬ونلتحف‭ ‬بأفضاله‭ ‬في‭ ‬صولاتنا‭ ‬وجولاتنا،‭ ‬وأن‭ ‬ندعو‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬أصحابه‭ ‬رافعين‭ ‬يدينا‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭ ‬بأن‭ ‬يحفظ‭ ‬الله‭ ‬هذه‭ ‬البلاد،‭ ‬وأن‭ ‬يرزق‭ ‬أهلها‭ ‬وبنيها،‭ ‬وأن‭ ‬يمتع‭ ‬قادتها‭ ‬بنعمة‭ ‬الصحة‭ ‬والعافية‭ ‬وطول‭ ‬العمر،‭ ‬إنه‭ ‬سميع‭ ‬مجيب‭.‬