المسؤول غير المسؤول

| بدور عدنان

مجدداً‭ ‬تتكرر‭ ‬حوادث‭ ‬تفوه‭ ‬المسؤولين‭ ‬ببيانات‭ ‬وتصريحات‭ ‬تشعل‭ ‬غضب‭ ‬الشارع‭ ‬البحريني‭ ‬واستياءه،‭ ‬فظاهرة‭ ‬المسؤول‭ ‬غير‭ ‬المسؤول‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬أصبحت‭ ‬تتكرر‭ ‬كثيراً،‭ ‬فما‭ ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى‭ ‬يطل‭ ‬علينا‭ ‬ذلك‭ ‬المسؤول‭ ‬ليتفوه‭ ‬بكلمات‭ ‬يمعن‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬في‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬وقدر‭ ‬المواطن‭ ‬الكادح‭ ‬الساعي‭ ‬للقمة‭ ‬عيشه‭ ‬بكل‭ ‬جد‭ ‬وشرف‭ ‬واجتهاد،‭ ‬لتستشعر‭ ‬من‭ ‬حديثه‭ ‬وكأنه‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬ولا‭ ‬يبخص‭ ‬الشأن‭ ‬المحلي‭. ‬هفوات‭ ‬تلك‭ ‬الفئة‭ ‬أصبحت‭ ‬كثيرة‭ ‬وباتت‭ ‬لا‭ ‬تطاق‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الشارع‭ ‬العام،‭ ‬وهنا‭ ‬لا‭ ‬أعلم‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نطلق‭ ‬عليها‭ ‬تعبير‭ ‬“هفوات”‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يوحي‭ ‬بأن‭ ‬تلك‭ ‬التصريحات‭ ‬غير‭ ‬مقصودة‭ ‬وناتجة‭ ‬عن‭ ‬تعبير‭ ‬خاطئ‭ ‬أو‭ ‬جهل‭ ‬وعدم‭ ‬اطلاع‭ ‬وهو‭ ‬عذر‭ ‬يأبى‭ ‬الشعب‭ ‬قبوله‭ ‬خصوصاً‭ ‬أنه‭ ‬صدر‭ ‬من‭ ‬شخصيات‭ ‬يفترض‭ ‬منها‭ ‬الرقي‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬المفردات‭ ‬والذكاء‭ ‬في‭ ‬اختيارها‭.‬

أما‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تصريحاتهم‭ ‬تنم‭ ‬عن‭ ‬قناعة‭ ‬راسخة‭ ‬ومتجذرة‭ ‬فتلك‭ ‬مصيبة‭ ‬عظمى‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ترجمتها‭ ‬إلا‭ ‬بانعزالهم‭ ‬عن‭ ‬المجتمع‭ ‬وعدم‭ ‬تلمس‭ ‬حاجات‭ ‬ومتطلبات‭ ‬الفئات‭ ‬والطبقات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬واجبهم‭ ‬بحكم‭ ‬مناصبهم‭ ‬الوقوف‭ ‬على‭ ‬احتياجاتها‭ ‬دائما‭. ‬الحس‭ ‬الإعلامي‭ ‬من‭ ‬المهارات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتحلى‭ ‬بها‭ ‬أي‭ ‬مسؤول‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬وخطاباته،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬أعني‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يتقلد‭ ‬منصبا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬خطيباً‭ ‬مفوهاً‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬فتقنين‭ ‬وتنقيح‭ ‬ومراجعة‭ ‬التصريحات‭ ‬والظهور‭ ‬الإعلامي‭ ‬دائماً‭ ‬ما‭ ‬يعود‭ ‬بالفائدة‭ ‬الإيجابية‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬تحضيرا‭ ‬وتدقيقا‭ ‬وتمحيصا‭ ‬في‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬سيدلي‭ ‬بها‭ ‬المسؤول،‭ ‬أما‭ ‬التعليقات‭ ‬الجانبية‭ ‬والتندر‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الإدلاء‭ ‬بآرائهم‭ ‬الشخصية‭ ‬وتحليلاتهم‭ ‬السيكولوجية‭ ‬لشخصية‭ ‬المواطن‭ ‬أتمنى‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بها‭ ‬لأنفسهم‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬صميم‭ ‬عملهم‭.‬

لا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬مدى‭ ‬ذكاء‭ ‬ووعي‭ ‬وتحضر‭ ‬وكفاح‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬والذي‭ ‬يشار‭ ‬له‭ ‬بالبنان‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة،‭ ‬لكن‭ ‬الغريب‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الصفات‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬غير‭ ‬مرئية‭ ‬لدى‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين،‭ ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬تكرموا‭ ‬بالنزول‭ ‬إلى‭ ‬الطبقات‭ ‬الدنيا‭ ‬لربما‭ ‬استطاعوا‭ ‬إبصار‭ ‬ما‭ ‬أبصره‭ ‬الجميع‭ ‬سواهم‭.‬