زبدة القول

استاء من الطرابيش فغادر منصبه

| د. بثينة خليفة قاسم

الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬ناصر‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬القطري‭ ‬استقال‭ ‬أو‭ ‬أقيل‭ ‬من‭ ‬منصبه‭ ‬وسط‭ ‬تكهنات‭ ‬وتحليلات‭ ‬كثيرة‭ ‬حول‭ ‬سبب‭ ‬الإقالة‭ ‬أو‭ ‬الاستقالة،‭ ‬والتكهنات‭ ‬والتأويلات‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحال‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬جدا،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬سبب‭ ‬وجيه‭ ‬لترك‭ ‬الرجل‭ ‬منصبه،‭ ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬كهلا‭ ‬أو‭ ‬مسنا،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬منصبه‭ ‬ليحصل‭ ‬على‭ ‬منصب‭ ‬أعلى‭ ‬منه،‭ ‬وليس‭ ‬هناك‭ ‬منصب‭ ‬أعلى‭ ‬سوى‭ ‬منصب‭ ‬الأمير‭ ‬نفسه‭.‬

كان‭ ‬لابد‭ ‬إذا‭ ‬من‭ ‬التأويلات،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬المستقيل‭ ‬قد‭ ‬نسبت‭ ‬إليه‭ ‬تغريدة‭ ‬على‭ ‬تويتر‭ ‬شكر‭ ‬فيها‭ ‬الأمير‭ ‬على‭ ‬ثقته‭ ‬فيه‭ ‬خلال‭ ‬المدة‭ ‬التي‭ ‬قضاها‭ ‬في‭ ‬منصبه،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الأمير‭ ‬رد‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬التغريدة‭ ‬بتغريدة‭ ‬مثلها‭ ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬ناصر‭ ‬كان‭ ‬جنديا‭ ‬من‭ ‬جنود‭ ‬قطر‭ ‬وسيبقى‭ ‬كذلك‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬التأويلات‭ ‬التي‭ ‬قرأناها‭ ‬أن‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬ناصر‭ ‬عبر‭ ‬عن‭ ‬استيائه‭ ‬خلال‭ ‬مجلس‭ ‬خاص‭ ‬من‭ ‬قيام‭ ‬جنود‭ ‬أتراك‭ ‬موجودين‭ ‬في‭ ‬القاعدة‭ ‬التركية‭ ‬بالاعتداء‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬القطريين،‭ ‬حيث‭ ‬عبر‭ ‬عن‭ ‬خوفه‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تندم‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬على‭ (‬جية‭) ‬الأتراك‭ ‬حسب‭ ‬التعبير‭ ‬الذي‭ ‬قرأناه‭.‬

وهناك‭ ‬رواية‭ ‬أخرى‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬بن‭ ‬ناصر‭ ‬رفض‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بلاده‭ ‬بدفع‭ ‬مبلغ‭ ‬‮٣٧٠‬‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لتركيا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تسليح‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬طرابلس‭ ‬ليبيا‭. ‬وهناك‭ ‬رواية‭ ‬ثالثة‭ ‬أن‭ ‬بن‭ ‬ناصر‭ ‬غضب‭ ‬عليه‭ ‬أمير‭ ‬البلاد‭ ‬بعد‭ ‬عودته‭ ‬من‭ ‬زيارته‭ ‬الأخيرة‭ ‬للسعودية‭ ‬التي‭ ‬قوبل‭ ‬خلالها‭ ‬بحفاوة‭ ‬كبيرة‭ ‬هناك‭.‬

كل‭ ‬هذه‭ ‬الروايات‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬ليست‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬فكلها‭ ‬تتصل‭ ‬بالسياسة‭ ‬القطرية‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬تأخذ‭ ‬الشعب‭ ‬القطري‭ ‬نحو‭ ‬مستقبل‭ ‬مظلم،‭ ‬فهذه‭ ‬السياسة‭ ‬لا‭ ‬تؤدي‭ ‬فقط‭ ‬نحو‭ ‬عزل‭ ‬الشعب‭ ‬القطري‭ ‬وتبديد‭ ‬أرصدته‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬الإرهاب،‭ ‬لكنها‭ ‬تجعله‭ ‬وتجعل‭ ‬الإمارة‭ ‬برمتها‭ ‬رهينة‭ ‬لدى‭ ‬الأتراك‭.‬

سيأتي‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬سيندم‭ ‬فيه‭ ‬حكام‭ ‬قطر‭ ‬جميعا‭ ‬على‭ (‬جية‭) ‬الأتراك‭ ‬وليس‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬ناصر‭ ‬وحده،‭ ‬وهذا‭ ‬اليوم‭ ‬ليس‭ ‬بعيدا‭.‬