التنمية البشرية

| عبدعلي الغسرة

نشرت‭ ‬جريدة‭ ‬“البلاد”‭ ‬الغراء‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬حلقتين‭ ‬تقريرًا‭ ‬عن‭ ‬تقصير‭ ‬أداء‭ ‬بعض‭ ‬وزارات‭ ‬الدولة‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬بتحقيق‭ ‬البحرنة‭ ‬لديها،‭ ‬وبينت‭ ‬الأرقام‭ ‬أعداد‭ ‬الموظفين‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الوزارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الذين‭ ‬يتوزعون‭ ‬بين‭ ‬الوظائف‭ ‬الاستشارية‭ ‬والإدارية‭ ‬والتعليمية‭ ‬وغيرها‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الموظف‭ ‬أو‭ ‬العامل‭ ‬الأجنبي‭ ‬شريك‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬يمتلك‭ ‬خبرة‭ ‬في‭ ‬مهنته‭ ‬ويتميز‭ ‬بكفاءة‭ ‬في‭ ‬الأداء،‭ ‬وقد‭ ‬استفادت‭ ‬البحرين‭ ‬منهم‭ ‬وتواجدوا‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬واحتاجت‭ ‬لهم‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لهم‭ ‬بديل،‭ ‬وجاءوا‭ ‬أفرادًا‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أو‭ ‬الثقافي‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬ودولهم،‭ ‬لكن‭ ‬إذا‭ ‬وُجد‭ ‬البديل‭ ‬عنهم‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬خبرتهم‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬وظيفتهم‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتقلد‭ ‬البحريني‭ ‬هذه‭ ‬الوظائف‭.‬

إن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالتنمية‭ ‬البشرية‭ ‬الوطنية‭ ‬واجب‭ ‬وطني‭ ‬وإنساني‭ ‬وأساس‭ ‬للتنمية‭ ‬الوطنية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وعلى‭ ‬مدى‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬استطاع‭ ‬أبناء‭ ‬البحرين‭ ‬أن‭ ‬يتعلموا‭ ‬المعارف‭ ‬المتنوعة‭ ‬التي‭ ‬انعكست‭ ‬على‭ ‬تطور‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬وسياسيًا‭ ‬وتربويًا‭ ‬وتعليميًا‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬جوانب‭ ‬النشاط‭ ‬الإنساني،‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬الدور‭ ‬الحاسم‭ ‬في‭ ‬صعود‭ ‬البحرين‭ ‬وصياغة‭ ‬توجهات‭ ‬الحاضر‭ ‬والمستقبل‭.‬

ويتجسد‭ ‬مفهوم‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬الاستغلال‭ ‬الأمثل‭ ‬للطاقات‭ ‬البشرية‭ ‬الوطنية‭ ‬المتاحة‭ ‬لتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬التي‭ ‬أداتها‭ ‬وهدفها‭ ‬الإنسان،‭ ‬فالتنمية‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬فقط‭ ‬زيادة‭ ‬الثروة‭ ‬أو‭ ‬الدخل‭ ‬للمجتمع‭ ‬وأفراده،‭ ‬بل‭ ‬تعني‭ ‬أيضًا‭ ‬النهوض‭ ‬بأوضاع‭ ‬الإنسان‭ ‬الثقافية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والصحية‭ ‬والتعليمية‭ ‬وتمكينه‭ ‬سياسيًا‭ ‬بجانب‭ ‬حُسن‭ ‬توظيف‭ ‬طاقاته‭ ‬وقدراته‭ ‬لخدمة‭ ‬المجتمع،‭ ‬وضعف‭ ‬القدرات‭ ‬البشرية‭ ‬نقيض‭ ‬للتنمية،‭ ‬لذا،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالقوى‭ ‬البشرية‭ ‬الوطنية‭ ‬وتطوير‭ ‬قدراتها‭ ‬دائمًا‭ ‬والاعتماد‭ ‬عليها‭ ‬باستمرار‭.‬

وتوصي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والفكرية‭ ‬بالاهتمام‭ ‬بالتنمية‭ ‬البشرية،‭ ‬ومنها‭ ‬تقرير‭ ‬برنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإنمائي‭ ‬الأول‭ ‬حول‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1990م،‭ ‬وعلى‭ ‬المؤسسات‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالموارد‭ ‬البشرية‭ ‬المحلية‭ ‬والاعتماد‭ ‬عليها‭ ‬وذلك‭ ‬لقدرتها‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬وكفاءتها‭ ‬في‭ ‬الأداء‭ ‬وفي‭ ‬تحقيق‭ ‬الإبداع‭ ‬وزيادة‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وعليها‭ ‬الاتجاه‭ ‬دائمًا‭ ‬للخيار‭ ‬الأفضل‭ ‬وهو‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬العمالة‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬والمعلمين‭ ‬والعمال،‭ ‬فدستور‭ ‬الدولة‭ ‬أكد‭ ‬رعاية‭ ‬المواطنين‭ ‬والاهتمام‭ ‬بهم،‭ ‬فالتوظيف‭ ‬من‭ ‬المهمات‭ ‬الوطنية‭ ‬والتنموية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تنهض‭ ‬بها‭ ‬الدولة‭ ‬تجاه‭ ‬مواطنيها،‭ ‬وعليها‭ ‬أن‭ ‬تحث‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الوظائف‭ ‬للمواطنين‭ ‬وتقليدهم‭ ‬المناصب‭ ‬المتقدمة،‭ ‬فالمؤسسات‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭ ‬والمواطن‭ ‬شركاء‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية‭.‬