ركاكة الشراكة الروسية التركية الإيرانية في سوريا بأبعادها الإقليمية (3)

| راغدة درغام

طهران‭ ‬تواجه‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬شراكاتها‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬ثبات‭ ‬مبدأ‭ ‬التحالف‭ ‬ميدانيا‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬–‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالبُعد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬افتراق‭ ‬المشروعين‭ ‬الروسي‭ ‬والإيراني‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬التقائهما‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬الأسد‭. ‬روسيا،‭ ‬بحسب‭ ‬مصادر‭ ‬روسية،‭ ‬تثمِّن‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬وتعتبرها‭ ‬شريكاً‭ ‬أساسياً‭ ‬في‭ ‬“مكافحة‭ ‬الإرهاب”‭ ‬كما‭ ‬تراه‭ ‬موسكو،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الانتصار‭ ‬على‭ ‬“داعش”‭ ‬وعلى‭ ‬“جبهة‭ ‬النصرة”‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬أتى‭ ‬جزئِياً‭ ‬“بفضل”‭ ‬إيران‭ ‬و”حزب‭ ‬الله”‭ ‬حسب‭ ‬التفكير‭ ‬الروسي،‭ ‬لكن‭ ‬انفتاح‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬العربية‭ ‬–‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مصر‭ ‬–‭ ‬والذي‭ ‬يُزعج‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الإيرانية‭ ‬لن‭ ‬يتوقف،‭ ‬والكرملين‭ ‬ليس‭ ‬راغباً‭ ‬بتشجيع‭ ‬مشروع‭ ‬“الهلال‭ ‬الفارسي”‭ ‬عبر‭ ‬امتداده‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬وهنا‭ ‬يلتقي‭ ‬مع‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬وكذلك‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭.‬

موسكو‭ ‬تشكك‭ ‬دوماً‭ ‬بالإعلان‭ ‬الأميركي‭ ‬عن‭ ‬انسحاب‭ ‬سوريا‭ ‬وهي‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬“استمرار‭ ‬الوجود‭ ‬الأميركي‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يعرقل‭ ‬خريطة‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬تطبيع‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬سوريا”‭ ‬حسب‭ ‬المصدر‭ ‬المطّلع‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬الروسية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬إن‭ ‬“إمكانية‭ ‬التفاهم‭ ‬مع‭ ‬الأميركيين‭ ‬ضئيلة،‭ ‬وعملياً‭ ‬غير‭ ‬متوفرة”،‭ ‬لكن،‭ ‬إن‭ ‬“التصادم‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وأميركا‭ ‬غير‭ ‬واردٍ”‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬“وهذا‭ ‬أساسي”‭ ‬يقول‭ ‬المصدر‭ ‬ويضيف‭ ‬“الأميركيون‭ ‬موجودون‭ ‬ونحن‭ ‬لن‭ ‬نتصادم‭ ‬معهم”‭.‬

روسيا‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تتصادم‭ ‬مع‭ ‬تركيا‭ ‬أيضاً‭ ‬نظراً‭ ‬للاحتياج‭ ‬لها،‭ ‬لذلك‭ ‬إن‭ ‬صياغة‭ ‬الأوجه‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬موسكو‭ ‬وأنقرة‭ ‬واردة‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬وقوع‭ ‬الاشتباكات‭ ‬العسكرية‭ ‬خلال‭ ‬المعركة‭ ‬على‭ ‬إدلب‭ ‬–‭ ‬المعركة‭ ‬الضرورية‭ ‬والمصيرية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لبشار‭ ‬الأسد‭ ‬وتخوضها‭ ‬روسيا‭ ‬معه،‭ ‬إنما‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬تركيا‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬فوز‭ ‬روسيا‭ ‬بحلب‭ ‬وانتصارها‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المعركة‭ ‬المصيرية‭ ‬لها،‭ ‬فإدلب‭ ‬رئيسية‭ ‬في‭ ‬التجاذبات‭ ‬الروسية‭ ‬–‭ ‬التركية‭ ‬على‭ ‬أنقاض‭ ‬السوريين‭ ‬بمشاركة‭ ‬نظام‭ ‬الأسد،‭ ‬لذلك‭ ‬يعضّ‭ ‬بوتين‭ ‬على‭ ‬شفته‭ ‬أمام‭ ‬استفزازات‭ ‬أردوغان‭ ‬له‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وإنما‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬مواقفه‭ ‬نحو‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ومشاريع‭ ‬توسّعه‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭.‬

ليبيا‭ ‬باتت‭ ‬ساحةً‭ ‬لتصدير‭ ‬المرتزقة‭ ‬والإرهابيين‭ ‬والمقاتلين‭ ‬الخارجين‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬ليكونوا‭ ‬حجارة‭ ‬في‭ ‬لعبة‭ ‬الاستقطاب،‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬أردوغان‭ ‬يستخدم‭ ‬ليبيا‭ ‬اليوم‭ ‬ترويجاً‭ ‬لطموحاته‭ ‬الإقليمية‭ ‬وزعامته‭ ‬لمشروع‭ ‬“الإخوان‭ ‬المسلمين”‭ ‬الذي‭ ‬يريد‭ ‬تنميته‭ ‬وتقويته‭ ‬وتغذيته‭ ‬ليضرب‭ ‬استقرار‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬والدول‭ ‬المجاورة‭ ‬لليبيا‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬مصر،‭ ‬بوتين‭ ‬يعارض‭ ‬توجهات‭ ‬أردوغان‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬إنه‭ ‬أكثر‭ ‬قرباً‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬والدول‭ ‬الخليجية‭ ‬العربية‭ ‬المعنية‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬تركيا‭ ‬ويلعب‭ ‬دوراً‭ ‬بجانب‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬المسألة‭ ‬الليبية‭.‬

من‭ ‬سوريا‭ ‬إلى‭ ‬ليبيا‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬تتعارض‭ ‬أولويات‭ ‬شركاء‭ ‬عملية‭ ‬“أستانا”‭ ‬وتتداخل‭ ‬الاشتباكات‭ ‬بالديبلوماسية‭ ‬والمصالح‭ ‬المتضاربة‭ ‬عبر‭ ‬ضبط‭ ‬إيقاع‭ ‬التفاهمات‭ ‬حيناً‭ ‬وعبر‭ ‬الاضطرار‭ ‬إلى‭ ‬التأقلم‭ ‬مع‭ ‬الفيل‭ ‬الضخم‭ ‬الحاضر‭ ‬الغائب‭ ‬في‭ ‬الغرفة‭. ‬“إيلاف”‭.‬