ستة على ستة

دفاتر إيران القديمة

| عطا السيد الشعراوي

يقولون‭ ‬في‭ ‬الأمثال‭ (‬التاجر‭ ‬لما‭ ‬يفلس‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬دفاتره‭ ‬القديمة‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬حال‭ ‬إيران‭ ‬الآن،‭ ‬خصوصا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تلقت‭ ‬ضربة‭ ‬موجعة‭ ‬بمقتل‭ ‬قائد‭ ‬فيلق‭ ‬القدس‭ ‬بالحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬وما‭ ‬تبعه‭ ‬من‭ ‬رد‭ ‬خائب‭ ‬جلب‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬الاستهزاء‭ ‬بإيران‭ ‬ما‭ ‬أفقدها‭ ‬توازنها‭ ‬وجعلها‭ ‬تتورط‭ ‬في‭ ‬فضيحة‭ ‬أكبر‭ ‬بالكذب‭ ‬على‭ ‬شعبها‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحادثة‭ ‬إسقاط‭ ‬الطائرة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬التي‭ ‬راح‭ ‬ضحيتها‭ ‬176‭ ‬راكبًا،‭ ‬حيث‭ ‬نفت‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬إصابة‭ ‬الطائرة‭ ‬بصاروخ‭ ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬اعترفت‭ ‬بإسقاطها‭ ‬واعتبرته‭ ‬خطأ‭ ‬بشريا،‭ ‬وأعلن‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬مسؤوليته‭ ‬عن‭ ‬الحادث،‭ ‬زاعمًا‭ ‬أن‭ ‬الصاروخ‭ ‬انفجر‭ ‬قرب‭ ‬الطائرة‭ ‬وأنها‭ ‬حرفت‭ ‬مسارها‭ ‬للعودة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬نفته‭ ‬السلطات‭ ‬الأوكرانية‭ ‬بالأدلة‭ ‬والخرائط‭.‬

حادث‭ ‬الطائرة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وضع‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬مجددًا‭ ‬بمواجهة‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الذي‭ ‬اندفع‭ ‬للشوارع‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬رفضه‭ ‬هذا‭ ‬الكذب‭ ‬في‭ ‬حادث‭ ‬مفجع‭ ‬يمس‭ ‬حياة‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬الإيرانيين‭ ‬ويكشف‭ ‬ثغرات‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬الإيرانية‭ ‬وعدم‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬الطائرة‭ ‬والصاروخ‭.‬

ثم‭ ‬تلقت‭ ‬إيران‭ ‬ضربة‭ ‬أخرى،‭ ‬حيث‭ ‬كشف‭ ‬معهد‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأميركي‭ ‬مؤخرا‭ ‬تكبد‭ ‬ميليشيات‭ ‬إيران‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة‭ ‬في‭ ‬عناصرها‭ ‬جراء‭ ‬المواجهات‭ ‬المسلحة‭ ‬مع‭ ‬الفصائل‭ ‬السورية‭ ‬المعارضة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬مؤخراً،‭ ‬متوقعا‭ ‬التقرير‭ ‬ارتفاع‭ ‬هذه‭ ‬الخسائر‭ ‬بسبب‭ ‬تمسك‭ ‬الفصائل‭ ‬المسلحة‭ ‬والمتشددة‭ ‬بأراضيها،‭ ‬وشنها‭ ‬هجمات‭ ‬مضادة‭ ‬أوقعت‭ ‬عشرات‭ ‬القتلى‭ ‬والجرحى‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬قوات‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬وحلفائه،‭ ‬بينهم‭ ‬قادة‭ ‬عسكريون‭ ‬بارزون،‭ ‬مستعرضا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأسماء‭ ‬ما‭ ‬يثبت‭ ‬دقة‭ ‬وموضوعية‭ ‬التقرير‭.‬

أرادت‭ ‬إيران‭ ‬التغطية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬وتحويل‭ ‬الأنظار‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الضعف‭ ‬الذي‭ ‬تعاني‭ ‬منه‭ ‬والضربات‭ ‬التي‭ ‬تتلقاها‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬فقام‭ ‬النظام‭ ‬بالبحث‭ ‬في‭ ‬دفاتره‭ ‬القديمة‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬واضح‭ ‬عن‭ ‬إفلاسه‭ ‬وأوحى‭ ‬إلى‭ ‬تلفزيونه‭ ‬ببث‭ ‬صور‭ ‬قال‭ ‬إنها‭ ‬لحطام‭ ‬الطائرة‭ ‬الأميركية‭ ‬المسيرة‭ ‬التي‭ ‬أسقطتها‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي،‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬“MQ-4”،‭ ‬مصحوبة‭ ‬بتصريحات‭ ‬لقائد‭ ‬القوة‭ ‬الجوفضائية‭ ‬التابعة‭ ‬للحرس‭ ‬الثوري،‭ ‬أمير‭ ‬حاجي‭ ‬زادة،‭ ‬أكد‭ ‬فيها‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إبطال‭ ‬مفعول‭ ‬هذا‭ ‬الطراز‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬آلاف‭ ‬الكيلومترات،‭ ‬مطالبا‭ ‬بشطب‭ ‬هذه‭ ‬الطائرة‭ ‬غالية‭ ‬الثمن‭ ‬لأنها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬ذات‭ ‬فعالية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإيران‭!.‬