مواقف إدارية

.. وهل بدأت أنت وظيفتك الأولى بخبرة؟

| أحمد البحر

‭   ‬سأل‭ ‬مدير‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬الشاب‭ ‬المتقدم‭ ‬بطلب‭ ‬توظيف‭ ‬قائلاً‭: ‬يبدو‭ ‬أنك‭ ‬لم‭ ‬تقرأ‭ ‬الإعلان‭ ‬بتمعُّن،‭ ‬لقد‭ ‬ذكرنا‭ ‬في‭ ‬الإعلان‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬شروط‭ ‬التقدم‭ ‬لهذه‭ ‬الوظيفة‭ ‬توافر‭ ‬سنتين‭ ‬من‭ ‬الخبرة‭ ‬وأنت‭ ‬حديث‭ ‬التخرج‭ ‬كما‭ ‬تقول‭:‬

‭   ‬بعد‭ ‬لحظات‭ ‬من‭ ‬الصمت‭ ‬رفع‭ ‬الشاب‭ ‬رأسه‭ ‬وطالع‭ ‬المدير‭ ‬في‭ ‬عينه‭ ‬وقال‭: ‬أنا‭ ‬ممتنٌّ‭ ‬لكم‭ ‬كثيرًا‭ ‬سيدي،‭ ‬وأقدّر‭ ‬لكم‭ ‬هذه‭ ‬اللفتة‭ ‬الكريمة‭ ‬فبرغم‭ ‬عدم‭ ‬توافر‭ ‬الشروط‭ ‬المطلوبة‭ ‬لدي‭ ‬قمتم‭ ‬بدعوتي‭ ‬لهذه‭ ‬المقابلة‭. ‬فعلاً‭ ‬أقدّر‭ ‬لكم‭ ‬هذا‭ ‬الاهتمام‭. ‬أمّا‭...‬

‭   ‬قاطعه‭ ‬المدير‭ ‬وبصوت‭ ‬هادئ‭: ‬العفو‭ ‬يا‭ ‬بُني،‭ ‬هذا‭ ‬شيء‭ ‬قليل‭ ‬نفعله‭ ‬مقابل‭ ‬جهودك‭ ‬وإصرارك‭ ‬وتعبك‭ ‬في‭ ‬إكمال‭ ‬دراستك‭ ‬الجامعية‭ ‬ودعم‭ ‬عائلتك‭ ‬لك‭ ‬ولكن‭ ‬وكما‭ ‬أخبرتك‭ ‬بأنه‭ ‬تنقصك‭ ‬الخبرة‭ ‬العملية‭.‬

‭   ‬رد‭ ‬الشاب‭ ‬وبأدبٍ‭ ‬جمّ‭ ‬وبصوت‭ ‬واضح‭ ‬ينم‭ ‬عن‭ ‬الثقة‭ ‬بالنفس‭: ‬اسمحوا‭ ‬لي‭ ‬سيدي‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬شيئًا‭ ‬عن‭ ‬موضوع‭ ‬الخبرة،‭ ‬لقد‭ ‬جعلتني‭ ‬أحس‭ ‬براحة‭ ‬نفسية‭ ‬وأنا‭ ‬أتحدث‭ ‬معك،‭ ‬بل‭ ‬إنك‭ ‬رسّخت‭ ‬الثقة‭ ‬بقدراتي‭.‬

‭   ‬تفضّل‭ ‬يا‭ ‬بني‭ ‬أنا‭ ‬أستمع‭ ‬إليك‭ ‬ولكن‭ ‬أطلب‭ ‬منك‭ ‬مراعاة‭ ‬الوقت،‭ ‬فالوقت‭ ‬كما‭ ‬تعلم‭ ‬ثمين،‭ ‬وعقارب‭ ‬الساعة‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬إيقافها‭ ‬أو‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬دورانها‭.. ‬ورد‭ ‬الشاب‭ ‬قائلاً‭: ‬نعم‭ ‬أعي‭ ‬ذلك‭ ‬تمامًا‭ ‬سيدي،‭ ‬لذا‭ ‬يقول‭ ‬أحد‭ ‬علماء‭ ‬الإدارة‭:.. ‬لطالما‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬تغيير‭ ‬الوقت،‭ ‬يتحتّم‭ ‬علينا‭ ‬تغيير‭ ‬نظرتنا‭ ‬له‭.. ‬وتابع‭ ‬الشاب‭ ‬وبذات‭ ‬الثقة‭:‬

‭   ‬بالنسبة‭ ‬للخبرة‭ ‬اسمحوا‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أتحدّث‭ ‬عن‭ ‬نجاحكم‭ ‬المهني‭ ‬ووصولكم‭ ‬إلى‭ ‬منصبكم‭ ‬الحالي،‭ ‬بالتأكيد‭ ‬سيدي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الرحلة‭ ‬سهلة‭ ‬فقد‭ ‬بذلتم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬والعمل‭ ‬الدؤوب‭ ‬خلال‭ ‬حياتكم‭ ‬العملية،‭ ‬فأنتم‭ ‬وكما‭ ‬الآخرون،‭ ‬بدأتم‭ ‬من‭ ‬الصفر،‭ ‬أقصد‭ ‬التحقتم‭ ‬بالعمل‭ ‬في‭ ‬وظيفتكم‭ ‬الأولى،‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬تخرجكم‭ ‬مباشرة‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬الآن‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬خبرة،‭ ‬ولكن‭ ‬بجهدكم‭ ‬واجتهادكم‭ ‬وإرادتكم‭ ‬تمكنتم‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬اكتساب‭ ‬الخبرة‭ ‬بل‭ ‬عملتم‭ ‬على‭ ‬تحديث‭ ‬هذه‭ ‬الخبرة‭ ‬باستمرار‭ ‬فوصلتم‭ ‬إلى‭ ‬المناصب‭ ‬العليا‭.‬

‭   ‬أنا‭ ‬أطمح‭ ‬سيدي‭ ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬تجربتكم‭ ‬وخبرتكم‭ ‬لكي‭ ‬أتعامل‭ ‬بمهنية‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬المهمة،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الدراسة‭ ‬النظرية‭ ‬وبين‭ ‬التطبيق‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬حصولي‭ ‬على‭ ‬وظيفة‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭.‬

‭   ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬الخبرة‭ (‬كعائق‭) ‬لتوظيف‭ ‬حديثي‭ ‬التخرج؟‭.‬