“همسة” في أذن أردوغان

| صالح القلاب

كان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬فتح‭ ‬الدفاتر‭ ‬“العتيقة”‭ ‬وتذكير‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬أردوغان‭ ‬بأن‭ ‬ماضيه‭ ‬“مُخزٍ”‭ ‬وأنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬القادة‭ ‬والمسؤولين‭ ‬العرب‭ ‬بالطريقة‭ ‬“السوقية”‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬بها‭ ‬طالما‭ ‬أنه‭ ‬معروف‭ ‬أن‭ ‬بلده‭ ‬تركيا‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬إسلامية‭ ‬اعترفت‭ ‬بإسرائيل‭ (‬1949‭) ‬وأنه‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬زار‭ ‬“دولة‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني”‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر،‭ ‬وأن‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬ودولته‭ ‬علاقات‭ ‬صداقة‭ ‬وتبادل‭ ‬مصالح‭ ‬وأيضاً‭ ‬علاقات‭ ‬تنسيق‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الأمنية‭ ‬والعسكرية‭.‬

إن‭ ‬المفترض‭ ‬مادام‭ ‬أنّ‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬أردوغان‭ ‬أصبح‭ ‬مرشداً‭ ‬عاماً‭ ‬للتنظيم‭ ‬العالمي‭ ‬للإخوان‭ ‬المسلمين،‭ ‬أن‭ ‬يغلق‭ ‬الأبواب‭ ‬التركية‭ ‬المفتوحة‭ ‬على‭ ‬“دولة‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني”‭ ‬وأن‭ ‬يقطع‭ ‬علاقات‭ ‬بلده‭ ‬معها‭ ‬وأن‭ ‬يضع‭ ‬إمكانات‭ ‬تركيا‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنها‭ ‬وريث‭ ‬“الخلافة‭ ‬العثمانية”‭ ‬بين‭ ‬أيدي‭ ‬“المجاهدين”‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬تمثلهم‭ ‬حركة‭ ‬المقاومة‭ ‬الإسلامية‭ (‬حماس‭) ‬التي‭ ‬من‭ ‬المعروف‭ ‬أنها‭ ‬أبرمت‭ ‬“اتفاق‭ ‬هدنة‭ ‬طويلة”‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭!‬

وبالطبع‭ ‬فإن‭ ‬الأولى‭ ‬بخليفة‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬أن‭ ‬“يزجي”‭ ‬القوافل‭ ‬إلى‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭ ‬وليس‭ ‬إلى‭ ‬ليبيا‭ ‬الدولة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬لأهلها‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬يحق‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬لغيره‭ ‬أن‭ ‬يرسل‭ ‬إليها‭ ‬كل‭ ‬شذاذ‭ ‬الآفاق‭ ‬هؤلاء‭ ‬وقوافل‭ ‬المرتزقة‭ ‬والمأجورين‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬“شحنهم”‭ ‬من‭ ‬تركيا‭ ‬المتاخمة‭ ‬لسوريا‭ ‬“القطر‭ ‬العربي‭ ‬السوري”‭ ‬وهي‭ ‬بلد‭ ‬المجاهد‭ ‬الأكبر‭ ‬عمر‭ ‬المختار‭ ‬والبلد‭ ‬الذي‭ ‬بقي‭ ‬حاضراً‭ ‬وباستمرار‭ ‬لدعم‭ ‬حركات‭ ‬التحرر‭ ‬العربية‭ ‬وأيضاً‭ ‬الإسلامية‭. ‬

إنه‭ ‬لا‭ ‬يحق‭ ‬للرئيس‭ ‬التركي‭ ‬أن‭ ‬“يتطاول”‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬مسؤول‭ ‬عربي‭ ‬طالما‭ ‬أنّ‭ ‬تركيا‭ ‬كانت‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬“إسلامية”‭ ‬اعترفت‭ ‬بدولة‭ ‬“العدو‭ ‬الصهيوني”‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تحتل‭ ‬فلسطين‭ ‬كلها‭ ‬وتحتل‭ ‬الجولان‭ ‬السوري‭ ‬أيضاً‭ ‬وطالما‭ ‬أن‭ ‬أبواب‭ ‬التواصل‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬أسوأ‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬مصاريعها،‭ ‬ويقيناً‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬“مزايدات”‭ ‬رخيصة‭ ‬وأنه‭ ‬معروف‭ ‬أن‭ ‬الطرق‭ ‬كلها‭ ‬سالكة‭ ‬وآمنة‭ ‬بين‭ ‬أنقرة‭ ‬وبين‭ ‬الدولة‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬أردوغان‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬رئيساً‭ ‬لـ‭ ‬“تركيا”‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬سابقاً‭ ‬ومثل‭ ‬كل‭ ‬الذين‭ ‬سبقوه‭ ‬منذ‭ ‬انهيار‭ ‬الدولة‭ ‬العثمانية‭ ‬وأنه‭ ‬لم‭ ‬يصبح‭ ‬مرشداً‭ ‬عاماً‭ ‬للتنظيم‭ ‬العالمي‭ ‬للإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬يتصرف‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أنه‭ ‬“خليفة”‭ ‬إسلامي،‭ ‬أما‭ ‬وأنه‭ ‬قد‭ ‬بادر‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الانتقالة‭ ‬الهائلة‭ ‬فإن‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يغلق‭ ‬سفارة‭ ‬تركيا‭ ‬في‭ ‬“دولة‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني”‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬تحشيده‭ ‬العسكري‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬إنما‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭... ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬مجرد‭ ‬همسة‭ ‬صِدْقٍ‭ ‬في‭ ‬أذن‭ ‬زعيم‭ ‬“الامبراطورية”‭ ‬التركية‭. ‬“إيلاف”‭.‬