ومضة قلم

لماذا تفضلون الأجنبيّ؟!

| محمد المحفوظ

الجلسة‭ ‬البرلمانية‭ ‬يوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬الفائت‭ ‬ليست‭ ‬عادية‭ ‬كبقية‭ ‬الجلسات‭ ‬التي‭ ‬يفرضها‭ ‬النظام‭ ‬البرلمانيّ،‭ ‬لأنها‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬لامس‭ ‬فيها‭ ‬الأعضاء‭ ‬هموم‭ ‬المواطن‭ ‬ومشاعره،‭ ‬لذا‭ ‬ليس‭ ‬مستغربا‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬الموضوع‭ ‬المتداول‭ ‬حول‭ ‬البحرنة‭ ‬حديث‭ ‬المجالس‭ ‬والديوانيات‭. ‬

وفي‭ ‬مداخلته‭ ‬لوزير‭ ‬العمل‭ ‬حول‭ ‬عمليات‭ ‬التوظيف‭ ‬كان‭ ‬النائب‭ ‬صريحاً‭ ‬بكشفه‭ ‬الحقائق‭ ‬وكان‭ ‬شفافا‭ ‬عندما‭ ‬طالب‭ ‬الوزير‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬تم‭ ‬توظيفهم‭ ‬في‭ ‬معارض‭ ‬التوظيف‭ ‬الأربعة‭ ‬التي‭ ‬أقامتها‭ ‬الوزارة،‭ ‬بيد‭ ‬أنّ‭ ‬الوزير‭ ‬للأسف‭ ‬تجاهل‭ ‬الطلب،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬إنّها‭ ‬ليست‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬معارض‭ ‬وهمية،‭ ‬أما‭ ‬المثير‭ ‬للدهشة‭ ‬ما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬النائب‭ ‬بأنّ‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬وظفت‭ ‬29‭ ‬ألف‭ ‬أجنبيّ‭ ‬،‭ ‬فهل‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬للأجانب؟

أما‭ ‬الصدمة‭ ‬الأخرى‭ ‬ما‭ ‬أقدمت‭ ‬عليه‭ ‬وزارة‭ ‬الأشغال‭ ‬والبلديات‭ ‬بتعيين‭ ‬266‭ ‬من‭ ‬الأجانب‭ ‬كخبراء‭ ‬ومهندسين‭ ‬برواتب‭ ‬تناهز‭ ‬الأربعة‭ ‬آلاف‭ ‬دينار‭ ‬بوظائف‭ ‬بإمكان‭ ‬المواطنين‭ ‬البحرينيين‭ ‬شغلها،‭ ‬والأدهى‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬يتقدم‭ ‬مواطنون‭ ‬للتوظيف‭ ‬يأتي‭ ‬الرد‭ ‬لا‭ ‬شواغر‭! ‬وهناك‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬112‭ ‬أجنبيا‭ ‬تم‭ ‬توظيفهم‭ ‬برواتب‭ ‬تصل‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ألفي‭ ‬دينار‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬سكنهم‭! ‬والتساؤل‭ ‬هنا‭ ‬ألا‭ ‬يوجد‭ ‬مؤهلون‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬البحرين‭ ‬لملء‭ ‬هذه‭ ‬الوظائف؟‭ ‬وأمام‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬من‭ ‬التجاوزات‭ ‬والاستهانة‭ ‬بقدرات‭ ‬الكفاءات‭ ‬البحرينية‭ ‬وحقهم‭ ‬في‭ ‬التوظيف،‭ ‬فإنّ‭ ‬المطالبة‭ ‬باستجواب‭ ‬الوزراء‭ ‬ومساءلتهم‭ ‬وحتى‭ ‬سحب‭ ‬الثقة‭ ‬منهم‭ - ‬كما‭ ‬صرّح‭ ‬أحد‭ ‬النواب‭ - ‬تبدو‭ ‬منطقية‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منه‭ ‬إذا‭ ‬أردنا‭ ‬إصلاح‭ ‬الخلل‭ ‬وإعادة‭ ‬الحق‭ ‬للمواطن،‭ ‬وأي‭ ‬وزير‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬الأجنبيّ‭ ‬أجدر‭ ‬من‭ ‬المواطن‭ ‬فعليه‭ ‬أن‭ ‬يتنحى‭ ‬عن‭ ‬منصبه‭.‬

إنّ‭ ‬جميع‭ ‬المواطنين‭ ‬ومن‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬المسؤولية‭ ‬أمام‭ ‬سؤال‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية‭ ‬يتلخص‭ ‬في‭ ‬التالي‭: ‬لماذا‭ ‬يدرس‭ ‬البحرينيّ؟‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الوظائف‭ ‬حكرا‭ ‬على‭ ‬الأجانب‭ ‬ويبقى‭ ‬هو‭ ‬محروما‭ ‬منها؟‭ ‬ألا‭ ‬ينص‭ ‬الدستور‭ ‬على‭ ‬أنّ‭ ‬الوظيفة‭ ‬حق‭ ‬أصيل‭ ‬للمواطن؟‭ ‬“البحرينيون‭ ‬يستحقون‭ ‬كل‭ ‬خير”،‭ ‬جاءت‭  ‬مكاشفة‭ ‬أحد‭ ‬النواب‭ ‬مدوية‭ ‬بأنّ‭ ‬ديوان‭ ‬الخدمة‭ ‬المدنية‭ ‬لا‭ ‬يضع‭ ‬الأولوية‭ ‬للمواطن‭ ‬في‭ ‬التوظيف‭ ‬وهذه‭ - ‬إن‭ ‬صحت‭ - ‬فإنّها‭ ‬كارثة‭ ‬حقيقية‭ ‬بل‭ ‬مدمرة‭ ‬وعواقبها‭ ‬وخيمة‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬البحرينيّ‭ ‬برمته‭ ‬وعلى‭ ‬مستقبل‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭.‬