من جديد

قل خيرا

| د. سمر الأبيوكي

معجبة‭ ‬أنا‭ ‬بحملة‭ ‬قل‭ ‬خيرا‭ ‬التي‭ ‬تبنتها‭ ‬وزارة‭ ‬شؤون‭ ‬الإعلام‭ ‬وكثفت‭ ‬مساعيها‭ ‬في‭ ‬إدراجها‭ ‬كهدف‭ ‬تعمل‭ ‬عليه،‭ ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬المساعي‭ ‬والمقالات‭ ‬التي‭ ‬كتبتها‭ ‬أنا‭ ‬وغيري‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬القلم‭ ‬الحر‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬كنا‭ ‬بحاجة‭ ‬حقيقية‭ ‬لحملة‭ ‬كهذه،‭ ‬حملة‭ ‬توضح‭ ‬مدى‭ ‬أثر‭ ‬الكلمة‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الأشخاص،‭ ‬ومدى‭ ‬أهمية‭ ‬أن‭ ‬نتفوه‭ ‬بالكلمة‭ ‬الطيبة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التذمر‭ ‬وتدني‭ ‬المستوى‭ ‬الحاصل‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الألقاب‭ ‬والمسميات‭ ‬والتجريح‭ ‬وغيره،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬بنا‭ ‬إلى‭ ‬ظاهرة‭ ‬التنمر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬التي‭ ‬راح‭ ‬ضحيتها‭ ‬كثر‭ ‬وباتوا‭ ‬سجيني‭ ‬جدران‭ ‬منازلهم‭ ‬إثر‭ ‬كلمة،‭ ‬أو‭ ‬فقدوا‭ ‬ارتباطا‭ ‬أو‭ ‬وظيفة‭ ‬بسبب‭ ‬كلمات‭ ‬لا‭ ‬تحمل‭ ‬معاني‭ ‬المسؤولية‭ ‬ولا‭ ‬تهدف‭ ‬إلا‭ ‬لتفريغ‭ ‬الطاقات‭ ‬السلبية‭ ‬والكلمات‭ ‬غير‭ ‬المسؤولة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الحر‭ ‬في‭ ‬عنترية‭ ‬غير‭ ‬مفهومة‭ ‬ولا‭ ‬مسؤولة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أصحاب‭ ‬الحسابات‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬للشهرة‭ ‬وجمع‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬اللايكات‭ ‬والتعليقات‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الضحايا‭!‬

يا‭ ‬للعجب‭! ‬“عشنا‭ ‬وشفنا”‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بالحسبان،‭ ‬تصفية‭ ‬حسابات‭ ‬واغتيال‭ ‬شخصي‭ ‬ومعنوي‭ ‬وقلة‭ ‬أدب‭ ‬لا‭ ‬متناهية‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬حق‭ ‬التعبير‭ ‬والرأي‭ ‬وحرية‭ ‬الكلمة‭! ‬أية‭ ‬كلمة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬كتبتها‭ ‬وبسببها‭ ‬جرحت‭ ‬قلبا‭ ‬وفرقت‭ ‬شمل‭ ‬عائلة‭ ‬وهدمت‭ ‬روحا‭ ‬وصلبت‭ ‬جسدا‭ ‬حيا‭ ‬فأصبح‭ ‬خاويا‭! ‬فقط‭ ‬لتدلو‭ ‬بدلوك‭ ‬وتظهر‭ ‬أنك‭ ‬فاهم‭ ‬وأنك‭ ‬موجود‭! ‬المضحك‭ ‬المبكي‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬يزج‭ ‬برأيه‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الإلكتروني‭ ‬حول‭ ‬أية‭ ‬قضية‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬سوى‭ ‬بنصف‭ ‬المعطيات‭ ‬أو‭ ‬أقل،‭ ‬لكنها‭ ‬فرصة‭ ‬حتى‭ ‬يظهر‭ ‬نفسه‭ ‬فارسا‭ ‬مغوارا‭ ‬صاحب‭ ‬فكر‭ ‬وآراء‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬أي‭ ‬كان‭!‬

هي‭ ‬كلمة‭ ‬حقا‭! ‬لكنها‭ ‬كسرت‭ ‬قلوب‭ ‬الكثيرين‭ ‬وأشعلت‭ ‬حقدا‭ ‬وبغضا‭ ‬وشكلت‭ ‬رأيا‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يفقد‭ ‬البعض‭ ‬حياته،‭ ‬فالكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬شهدت‭ ‬مؤخرا‭ ‬حالات‭ ‬انتحار‭ ‬إثر‭ ‬التنمر‭ ‬الإلكتروني‭ ‬وحالة‭ ‬الضغط‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬عاشته‭ ‬الضحية‭ ‬قبل‭ ‬إقدامها‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬حياتها‭! ‬هي‭ ‬كلمة‭ ‬لكن‭ ‬الكلمة‭ ‬رصاص‭ ‬يذبح‭ ‬دون‭ ‬دليل،‭ ‬وأعوذ‭ ‬بالله‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬النار‭ ‬حصاد‭ ‬لساني‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬قدمت‭ ‬يدي،‭ ‬وأعوذ‭ ‬برب‭ ‬العزة‭ ‬من‭ ‬قهر‭ ‬الرجال‭! ‬فأنا‭ ‬أحيا‭ ‬بكلمة‭ ‬والكلمة‭ ‬حياة‭.‬