السلوك الإيراني في سوريا بعد سليماني (2)

| منذر محمد

إن‭ ‬السلوكيات‭ ‬الإيرانية‭ ‬تجاه‭ ‬جميع‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬بداية‭ ‬الحدث‭ ‬السوري‭ ‬تؤكد‭ ‬سيطرة‭ ‬الفكر‭ ‬الإقصائي‭ ‬نحو‭ ‬الآخرين‭ ‬دون‭ ‬اكتراث‭ ‬لمصالح‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‭ ‬وسيادتها،‭ ‬والتعمق‭ ‬في‭ ‬الحسابات‭ ‬والنتائج‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تترتب‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬التصرفات،‭ ‬وإهمال‭ ‬الجانب‭ ‬الحقيقي‭ ‬للصراع‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الذي‭ ‬سينعكس‭ ‬سلباً‭ ‬عليها،‭ ‬حقيقة‭ ‬المنطقة‭ ‬وشعوبها‭ ‬رغم‭ ‬الصراع‭ ‬المرير‭ ‬المعاش‭ ‬فيها‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬عدم‭ ‬إيلاء‭ ‬الأهمية‭ ‬للجوانب‭ ‬السياسية‭ ‬والفِكرية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬الخاصة‭ ‬بهم،‭ ‬والضخ‭ ‬الديني‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬إخضاع‭ ‬جميع‭ ‬الهويات‭ ‬والثقافات‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطية‭ ‬سواء‭ ‬بالقوة‭ ‬الناعمة‭ ‬أو‭ ‬الصلبة‭ ‬للون‭ ‬واحد‭ ‬أو‭ ‬نمط‭ ‬واحد،‭ ‬لذلك‭ ‬عانى‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬القوى‭ ‬التي‭ ‬تدخلت‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬لكن‭ ‬اليوم‭ ‬وما‭ ‬يجري‭ ‬من‭ ‬غضب‭ ‬شعبي‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬الإيرانية‭ ‬هناك‭ ‬أسس‭ ‬معركة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعادة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬هوية‭ ‬سوريا‭ ‬الحقيقية‭.‬

وضمن‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬فالمَزِيَّة‭ ‬العامة‭ ‬للخطاب‭ ‬الإيراني‭ ‬استناده‭ ‬إلى‭ ‬منظومته‭ ‬المتوارثة‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬تاريخه‭ ‬الإسقاطي‭ ‬للآخرين،‭ ‬ولا‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬حسابات‭ ‬المنظومة‭ ‬للمستجدات‭ ‬العالمية‭ ‬والتوازنات‭ ‬المبينة‭ ‬عليها‭ ‬والتي‭ ‬بدون‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬الطرف‭ ‬المضاد‭ ‬للأهواء‭ ‬الإيرانية‭ ‬المناقضة‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬للطبيعة‭ ‬الثقافية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬لمنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وستتأثر‭ ‬تلك‭ ‬الأهواء‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر‭ ‬بالتطورات‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬بعد‭ ‬سليماني،‭ ‬وقد‭ ‬يؤدي‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬التغييرات‭ ‬التي‭ ‬تحصر‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬زاوية‭ ‬وتحد‭ ‬من‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬التغلغل‭ ‬في‭ ‬النسيج‭ ‬السوري،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬سوء‭ ‬الأوضاع‭ ‬المعيشية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬نتيجة‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬ستؤثر‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التوغل‭ ‬المؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬إطالة‭ ‬الأزمة‭ ‬السورية،‭ ‬وإطالة‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬سوريا،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬المشهد‭ ‬القادم‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬فكرة‭ ‬ومبدأ‭ ‬عدم‭ ‬الخضوع‭ ‬والمطالبة‭ ‬بالخروج‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬إيران‭ ‬محصورة‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الحدودية‭ ‬مع‭ ‬العراق‭. ‬“إيلاف”‭.‬