مستقبل المقاطعة العالمية لإسرائيل

| رضي السماك

منذ‭ ‬مطلع‭ ‬العقد‭ ‬الحالي‭ ‬نزلت‭ ‬على‭ ‬العرب‭ ‬هبة‭ ‬من‭ ‬السماء‭ ‬تعوض‭ ‬شيئاً‭ ‬من‭ ‬تفريطهم‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬أوراق‭ ‬وأسلحة‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬يمتلكونها‭ ‬بدون‭ ‬الحاجة‭ ‬للدخول‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬عسكرية‭ ‬نظامية‭ ‬مادام‭ ‬ميزان‭ ‬القوى‭ ‬العسكري‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬وحتى‭ ‬السياسي،‭ ‬مختلا‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬الراهنة‭ ‬لصالح‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬مازلنا‭ ‬نفرط‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬استحياء‭ ‬سلاح‭ ‬المقاطعة‭ ‬أو‭ ‬قطع‭ ‬العلاقات‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات،‭ ‬هذه‭ ‬الهبة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬بروز‭ ‬سلاح‭ ‬اقتصادي‭ ‬عالمي‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وتحديداً‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المرتبط‭ ‬بالمستوطنات‭ ‬التي‭ ‬أدانتها‭ ‬قرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬والمعروف‭ ‬بـ‭ ‬BDS،‭ ‬والمخجل‭ ‬أن‭ ‬بروزه‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬ذروة‭ ‬تنامي‭ ‬اختراقات‭ ‬جدار‭ ‬المقاطعة‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يصمد‭ ‬تاريخيا‭ ‬إلا‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود‭ (‬1948‭ - ‬1978‭).‬

وتشير‭ ‬المعطيات‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬أواسط‭ ‬العقد‭ ‬الحالي‭ (‬تحديداً‭ ‬عام‭ ‬2014‭) ‬الموشك‭ ‬على‭ ‬الأفول‭ ‬انخفضت‭ ‬نسبة‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬46‭ % ‬مقارنة‭ ‬بالعام‭ ‬الذي‭ ‬سبقه،‭ ‬وأخذت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تخسر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنوياً‭ ‬منذ‭ ‬أواسط‭ ‬العقد‭ ‬الأول‭ ‬بسبب‭ ‬ضغط‭ ‬المقاطعة‭ ‬العالمية‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬الغربية‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬للاستيطان‭ ‬لسحب‭ ‬مشاريعها،‭ ‬لكن‭ ‬ومنذ‭ ‬وصول‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬ترامب‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬قبل‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬تتكاثف‭ ‬الضغوط‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بالدعم‭ ‬الأميركي‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬تستجيب‭ ‬لحركة‭ ‬المقاطعة‭ ‬العالمية‭ ‬لاقتصاد‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بغية‭ ‬كسر‭ ‬وإفشال‭ ‬هذه‭ ‬الحركة،‭ ‬وتحول‭ ‬دون‭ ‬تقديم‭ ‬أسماء‭ ‬اللائحة‭ ‬السوداء‭ ‬للشركات‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬تستثمر‭ ‬في‭ ‬المستوطنات‭ ‬المحظورة‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وقرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬عشية‭ ‬انعقاد‭ ‬المؤتمر‭ ‬الأخير‭ ‬لانعقاد‭ ‬مجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬الماضي‭.‬

بيد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحركة‭ ‬العالمية‭ ‬المباركة‭ ‬لمقاطعة‭ ‬اقتصاد‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بعد‭ ‬تغوّل‭ ‬الاستيطان‭ ‬في‭ ‬أراضي‭ ‬1967‭ ‬المحتلة‭ ‬بصورة‭ ‬خطيرة‭ ‬لا‭ ‬سابق‭ ‬لها‭ ‬منذ‭ ‬احتلالها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬القمع‭ ‬الوحشي‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬الاحتلال‭ ‬المتصاعد‭ ‬لكسر‭ ‬إرادة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬عن‭ ‬النضال‭ ‬لاستعادة‭ ‬حقوقه‭ ‬المشروعة‭ ‬المقرة‭ ‬دولياً‭ ‬والعدوان‭ ‬المتكرر‭ ‬على‭ ‬غزة‭... ‬نقول‭ ‬هذه‭ ‬الحركة‭ ‬معرضة‭ ‬للانتكاسة‭ ‬فالإجهاض،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مسنودة‭ ‬عربياً‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬المستويات‭ ‬الشعبية‭ ‬والرسمية‭ ‬تماماً‭ ‬مثلها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مثل‭ ‬المحاولات‭ ‬المحمومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬لإفشال‭ ‬الحركة‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬بدعم‭ ‬قوي‭ ‬أميركي‭.‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬الغيث‭ ‬قطرة‭ ‬فغني‭ ‬عن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬أول‭ ‬الغيث‭ ‬عربياً‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭ ‬إعادة‭ ‬الاعتبار‭ ‬الجاد‭ ‬وصادق‭ ‬النوايا‭ ‬للتضامن‭ ‬العربي‭ ‬وصولا‭ ‬لإعادة‭ ‬الاعتبار‭ ‬لسلاح‭ ‬المقاطعة‭ ‬العربية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وتفعيله‭.‬