استمرار أزماتنا العربية

| عبدعلي الغسرة

دائما‭ ‬نتمنى‭ ‬أن‭ ‬تحظى‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية‭ ‬بحال‭ ‬أفضل،‭ ‬وتلك‭ ‬أمنياتنا‭ ‬في‭ ‬2017م‭ ‬و2018م‭ ‬و2019م‭ ‬وقبلها‭ ‬من‭ ‬السنوات‭ ‬السالفة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أمتنا‭ ‬لم‭ ‬تحظ‭ ‬بحالة‭ ‬جيدة‭ ‬ولا‭ ‬متوسطة،‭ ‬أعوام‭ ‬وأعوام‭ ‬من‭ ‬النكسات‭ ‬السياسية‭ ‬والتراجع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الشديد‭ ‬لصالح‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تسلب‭ ‬خيراتنا‭ ‬جرعات‭ ‬بعد‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬آبهة‭ ‬بحالة‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭ ‬وشعبه‭.‬

ولو‭ ‬عُدنا‭ ‬لسنوات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬العام‭ ‬2000م،‭ ‬ولنبدأ‭ ‬بانفجارات‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬2001م‭ ‬التي‭ ‬فتحت‭ ‬الباب‭ ‬لواشنطن‭ ‬وأقرانها‭ ‬للتوغل‭ ‬في‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭ ‬هيمنةً‭ ‬واعتداءً‭ ‬تحت‭ ‬ذريعة‭ ‬“ردع‭ ‬الإرهاب”‭ (‬الإرهاب‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭) ‬كما‭ ‬سمته‭ ‬أجهزة‭ ‬المخابرات‭ ‬الأميركية‭ ‬والغربية،‭ ‬ثم‭ ‬عام‭ ‬2003م‭ ‬وهو‭ ‬عام‭ ‬احتلال‭ ‬العراق‭ ‬الذي‭ ‬مثل‭ ‬نكسة‭ ‬شديدة‭ ‬لأمتنا‭ ‬العربية،‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬2011م‭ ‬ــ‭ ‬عام‭ ‬الانتفاضات‭ ‬العربية‭ ‬ــ‭ ‬التي‭ ‬أسفرت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التراجع‭ ‬العربي‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬لصالح‭ ‬الهيمنة‭ ‬الأميركية‭ ‬والغربية‭ ‬والإقليمية‭.‬

جاء‭ ‬عام‭ ‬2020م‭ ‬مُحملًا‭ ‬بمآسي‭ ‬2019م‭ ‬والسنوات‭ ‬السالفة،‭ ‬فقد‭ ‬سجل‭ ‬2019م‭ ‬اندلاع‭ ‬انتفاضات‭ ‬عربية‭ ‬في‭ (‬السودان،‭ ‬العراق،‭ ‬لبنان‭) ‬واستمرار‭ ‬الحروب‭ ‬الأهلية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وليبيا،‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬أزمة‭ ‬دولة‭ ‬قطر،‭ ‬وتصاعد‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وطهران،‭ ‬وتراجع‭ ‬مؤشر‭ ‬الديمقراطية‭.‬

وفي‭ ‬مراجعة‭ ‬للأحداث‭ ‬السابقة‭ ‬حققت‭ ‬السودان‭ ‬عملية‭ ‬انتقالية‭ ‬سياسية‭ ‬تقاسم‭ ‬مشهدها‭ ‬القطاعان‭ ‬السياسي‭ ‬والعسكري،‭ ‬وتعثرت‭ ‬خطوات‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬بعد‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬والبرلمانية‭ ‬الجديدة،‭ ‬ومازالت‭ ‬المواجهة‭ ‬دامية‭ ‬بين‭ ‬جيلٍ‭ ‬ثائر‭ ‬يستند‭ ‬على‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬والقيم‭ ‬المدنية‭ ‬النابذ‭ ‬للطائفية‭ ‬وبين‭ ‬عناصر‭ ‬حكومتي‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان،‭ ‬ومازالت‭ ‬المعارك‭ ‬مشتعلة‭ ‬في‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أية‭ ‬حلول‭ ‬عسكرية‭ ‬أو‭ ‬سياسية،‭ ‬وعجز‭ ‬الوساطات‭ ‬وفشل‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬توقيعه‭ ‬من‭ ‬اتفاقات‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬المتنازعة‭ ‬فيها،‭ ‬وما‭ ‬يؤجج‭ ‬هذه‭ ‬المعارك‭ ‬واستمرارها‭ ‬هو‭ ‬التدخلات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬لذا‭ ‬فما‭ ‬يُحققه‭ ‬هذا‭ ‬الطرف‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬في‭ ‬صراعه‭ ‬الداخلي‭ ‬فهو‭ ‬لصالح‭ ‬تلك‭ ‬التدخلات‭ ‬التي‭ ‬تبحث‭ ‬لها‭ ‬عن‭ ‬مواقع‭ ‬جغرافية‭ (‬قواعد‭) ‬ومكاسب‭ ‬اقتصادية‭ ‬وسياسية‭.‬

ولا‭ ‬نجزم‭ ‬بأن‭ ‬2020م‭ ‬سيكون‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬النزاعات‭ ‬السياسية‭ ‬والميدانية‭ ‬في‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬الاهتمام‭ ‬العربي‭ ‬بمشاكله‭ ‬وتولي‭ ‬الآخرين‭ ‬حلها،‭ ‬فحظوظ‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬التراجع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نجاح‭ ‬مُنتظر‭.‬