هل انتهى فعلا الانتقام الإيراني لاغتيال سليماني؟ (2)

| كاثرين شاكدام

يمكن‭ ‬أن‭ ‬نكتشف‭ ‬قريبًا‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬جادة‭ ‬حقًا‭ ‬في‭ ‬سعيها‭ ‬إلى‭ ‬الانتقام؛‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬فعل‭ ‬يضخ‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬شرايينه،‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الضغوط‭ ‬المتزايدة‭ ‬في‭ ‬الداخل،‭ ‬ربما‭ ‬تختار‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإسلامية‭ ‬إعادة‭ ‬توجيه‭ ‬الغضب‭ ‬العام‭ ‬ضد‭ ‬عدوها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬الشعب،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬لفترة‭ ‬قصيرة‭ ‬فحسب،‭ ‬كما‭ ‬شهدنا‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬اغتيال‭ ‬سليماني‭.‬

مع‭ ‬ترك‭ ‬مساحة‭ ‬صغيرة‭ ‬للتنفيس‭ ‬عن‭ ‬الإحباط‭ ‬المتزايد‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬البطالة‭ ‬والمستقبل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الكئيب،‭ ‬فإن‭ ‬النخبة‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬قد‭ ‬تركز‭ ‬رهاناتها‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ ‬لتأمين‭ ‬بقائها‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل،‭ ‬ويعود‭ ‬بنا‭ ‬هذا‭ ‬التحليل‭ ‬إلى‭ ‬الماضي،‭ ‬حيث‭ ‬يجادل‭ ‬البعض‭ ‬بأن‭ ‬نجاح‭ ‬إيران‭ ‬الثوري‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬قرار‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬اختراق‭ ‬دفاعاتها‭ ‬العسكرية،‭ ‬ومع‭ ‬توجيه‭ ‬مدافع‭ ‬العراق‭ ‬حينذاك‭ ‬إلى‭ ‬قرى‭ ‬إيران‭ ‬ومدنها،‭ ‬احتشد‭ ‬الإيرانيون‭ ‬حول‭ ‬روح‭ ‬الله‭ ‬الخميني،‭ ‬متعهدين‭ ‬بالقتال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوطن‭ ‬حتى‭ ‬النهاية‭.‬

وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬المعطيات‭ ‬التي‭ ‬ذكرتها،‭ ‬يمكنني‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬إيران‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التصعيد‭ ‬فحسب،‭ ‬لكن‭ ‬لديها‭ ‬كل‭ ‬الحوافز‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الوكلاء‭ ‬والحرب‭ ‬غير‭ ‬المتماثلة،‭ ‬لتجنب‭ ‬إثارة‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬فوري‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬وتأتي‭ ‬محاولة‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬أرامكو‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬ضمن‭ ‬المنطق‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬الانتقام‭ ‬المريح،‭ ‬حيث‭ ‬أعلنت‭ ‬جماعة‭ ‬أنصار‭ ‬الله‭ ‬الحوثية‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬أنها‭ ‬شنت‭ ‬هجومًا‭ ‬واسعًا‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬جازان‭ ‬السعودية‭ ‬طال‭ ‬منشآت‭ ‬لشركة‭ ‬“أرامكو”‭ ‬النفطية‭ ‬ومطارين‭ ‬وقاعدة‭ ‬عسكرية،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الهجوم‭ ‬تم‭ ‬إحباطه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬نظام‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬المنشآت‭ ‬النفطية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬ممكنة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬التأثير‭ ‬الذي‭ ‬سيحدثه‭ ‬هذا‭ ‬التصعيد‭ ‬على‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أصبحت‭ ‬أقل‭ ‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬الأجنبي‭ ‬مقارنةً‭ ‬بالماضي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الارتفاع‭ ‬المتواضع‭ ‬للأسعار‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حدوث‭ ‬ركود‭ ‬أوسع‭ ‬في‭ ‬اقتصادها،‭ ‬تمامًا‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1990،‭ ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬صدمة‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬ستعزز‭ ‬أرباح‭ ‬منتجي‭ ‬الطاقة‭ ‬الأميركيين،‭ ‬فإن‭ ‬الفوائد‭ ‬ستفوق‭ ‬التكاليف‭ ‬على‭ ‬مستهلكي‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ (‬الأسر‭ ‬والشركات‭). ‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬بديهي‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬اقتصادات‭ ‬العالم‭ ‬ستشعر‭ ‬أيضًا‭ ‬بالضيق،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬دوامة‭ ‬خطيرة‭ ‬من‭ ‬الأزمات،‭ ‬وبشكل‭ ‬عام،‭ ‬سوف‭ ‬يتباطأ‭ ‬الإنفاق‭ ‬والنمو‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وكذلك‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الرئيسية‭ ‬المستوردة‭ ‬الصافية‭ ‬للنفط،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اليابان‭ ‬والصين‭ ‬والهند‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬وتركيا‭ ‬ومعظم‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬لكن‭ ‬النفط‭ ‬ليس‭ ‬سلاح‭ ‬إيران‭ ‬الوحيد،‭ ‬وقد‭ ‬تثبت‭ ‬الهجمات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬قريب‭ ‬أنها‭ ‬عنصر‭ ‬أساس‭ ‬في‭ ‬ذخيرة‭ ‬طهران‭ ‬الانتقامية‭. ‬“إيلاف”‭.‬