عهد جديد للعلاقات البحرينية الإيطالية

| مؤنس المردي

عكست‭ ‬الزيارة‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬نائب‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬إلى‭ ‬جمهورية‭ ‬إيطاليا‭ ‬والمباحثات‭ ‬التي‭ ‬أجراها‭ ‬سموه‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإيطالي‭ ‬وكبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬بالحكومة‭ ‬الإيطالية،‭ ‬ما‭ ‬يحظى‭ ‬به‭ ‬سموه‭ ‬من‭ ‬تقدير‭ ‬عميق،‭ ‬وجسدت‭ ‬مدى‭ ‬السمعة‭ ‬الطيبة‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العالمي،‭ ‬وما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬مكانة‭ ‬راسخة‭ ‬اكتسبتها‭ ‬عن‭ ‬جدارة؛‭ ‬نتيجة‭ ‬لما‭ ‬تتسم‭ ‬به‭ ‬سياستها‭ ‬من‭ ‬شفافية‭ ‬وانفتاح‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬واحترام‭ ‬دائم‭ ‬للحوار‭ ‬المتبادل‭ ‬والتعايش،‭ ‬وما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬أدوار‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬بناءة‭ ‬وداعمة‭ ‬لجهود‭ ‬إحلال‭ ‬الأمن‭ ‬والرخاء‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭.‬

والناظر‭ ‬للاتفاقيات‭ ‬ومذكرات‭ ‬التفاهم‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬التوقيع‭ ‬عليها،‭ ‬والتي‭ ‬توجت‭ ‬بها‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬الناجحة،‭ ‬يجد‭ ‬أنها‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬المستوى‭ ‬المتميز‭ ‬لعلاقات‭ ‬الصداقة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬وشمولها‭ ‬مختلف‭ ‬مجالات‭ ‬التعاون‭ ‬الثنائي‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والتجاري‭ ‬والثقافي‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المجالات،‭ ‬والحماس‭ ‬الكبير‭ ‬والإرادة‭ ‬الواضحة‭ ‬لديهما‭ ‬في‭ ‬توسيع‭ ‬هذا‭ ‬التعاون،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تجسد‭ ‬نهج‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬وحرصها‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬متطلبات‭ ‬الحاضر‭ ‬والمستقبل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المواطن‭ ‬الذي‭ ‬يأتي‭ ‬دائما‭ ‬وأبدا‭ ‬في‭ ‬صدارة‭ ‬الاهتمام،‭ ‬ومن‭ ‬أجله‭ ‬تسخر‭ ‬الإمكانات‭ ‬كافة،‭ ‬ولرفاهيته‭ ‬تستثمر‭ ‬علاقات‭ ‬المملكة‭ ‬الوطيدة‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم‭.‬

فقد‭ ‬تم‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬بشأن‭ ‬إعفاء‭ ‬حاملي‭ ‬جوازات‭ ‬السفر‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والخدمة‭ ‬والخاصة‭ ‬من‭ ‬متطلبات‭ ‬التأشيرة،‭ ‬وثانية‭ ‬بشأن‭ ‬الخدمات‭ ‬الجوية،‭ ‬وثالثة‭ ‬للتعاون‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الثقافية‭ ‬والتربوية‭ ‬والعلمية‭ ‬والتقنية،‭ ‬ومذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬للتعاون‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصحة‭ ‬والعلوم‭ ‬الطبية،‭ ‬وإعلان‭ ‬نوايا‭ ‬للتعاون‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الفضاء،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬بيانات‭ ‬مشتركة‭ ‬ومذكرات‭ ‬تفاهم‭ ‬غطت‭ ‬مجالات‭ ‬واسعة‭ ‬وهائلة‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬الثنائي‭ ‬كالسياحة‭ ‬والتجارة‭ ‬والاستثمار‭.‬

الأمر‭ ‬اللافت‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الزيارة‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬الحضور‭ ‬المميز‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الوفد‭ ‬المرافق‭ ‬لصاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬المباحثات‭ ‬ونتائج‭ ‬الزيارة،‭ ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬اتفاقية‭ ‬بين‭ ‬شركتي‭ ‬تطوير‭ ‬للبترول‭ ‬البحرينية‭ ‬وإيني‭ ‬الإيطالية‭ ‬لتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المسال‭ ‬والاستكشاف،‭ ‬والتوقيع‭ ‬على‭ ‬اتفاقيات‭ ‬للتعاون‭ ‬بين‭ ‬شركة‭ ‬ألمنيوم‭ ‬البحرين‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬فلورسيد،‭ ‬وشركة‭ ‬فاتا‭ ‬وشركة‭ ‬تيكمو،‭ ‬واتفاقية‭ ‬للتعاون‭ ‬بين‭ ‬شركة‭ ‬الخليج‭ ‬لصناعة‭ ‬البتروكيماويات‭ ‬“جيبك”‭ ‬وشركة‭ ‬سايبم‭ ‬الإيطالية‭ ‬واتفاقية‭ ‬للتعاون‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬بنك‭ ‬السلام‭ ‬وشركة‭ ‬“أو‭ ‬أم‭ ‬بي‭ ‬ريسنغ”‭.‬

كل‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬ومذكرات‭ ‬التفاهم‭ ‬تؤكد‭ ‬الفرص‭ ‬الواسعة‭ ‬والهائلة‭ ‬المتوافرة‭ ‬في‭ ‬الجانبين‭ ‬لزيادة‭ ‬مساحات‭ ‬التعاون‭ ‬وتعظيم‭ ‬المنافع‭ ‬المتبادلة‭ ‬وإمكان‭ ‬القيام‭ ‬بمشروعات‭ ‬ضخمة‭ ‬في‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مهمة‭ ‬يرتكز‭ ‬عليها‭ ‬أي‭ ‬اقتصاد‭ ‬متقدم‭ ‬وقوي‭ ‬ومتطور‭ ‬كالنفط،‭ ‬والصيرفة،‭ ‬والصناعة،‭ ‬وغيرها‭.‬

كما‭ ‬أنها‭ ‬تعبر‭ ‬أيضًا‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬الدور‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬السياحة‭ ‬في‭ ‬اقتصاد‭ ‬البلدين،‭ ‬وما‭ ‬يوليانه‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬لزيادة‭ ‬حركة‭ ‬التبادل‭ ‬السياحي‭ ‬بينهما‭ ‬وبما‭ ‬يدعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬ويزيد‭ ‬الدخل‭ ‬ويوفر‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭.‬

وتؤكد‭ ‬كذلك‭ ‬حرص‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬تشجيع‭ ‬واستقطاب‭ ‬الاستثمارات،‭ ‬وسياستها‭ ‬في‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل،‭ ‬وإتاحة‭ ‬المجال‭ ‬واسعًا‭ ‬أمام‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬للقيام‭ ‬بدوره‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬كافة،‭ ‬وكلها‭ ‬ميادين‭ ‬تمتلك‭ ‬فيها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬نجاحات‭ ‬كبيرة،‭ ‬وحصلت‭ ‬معها‭ ‬على‭ ‬شهادات‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬اقتصادية‭ ‬مرموقة،‭ ‬وكان‭ ‬أخرها‭ ‬حصول‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬أفضل‭ ‬وزير‭ ‬مالية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬للعام‭ ‬2020،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجلة‭ ‬ذا‭ ‬بنكر‭ (‬THE BANKER‭) ‬العالمية‭ ‬التابعة‭ ‬لمؤسسة‭ ‬الفاينانشال‭ ‬تايمز‭ (‬Financial Times‭)‬؛‭ ‬تقديرا‭ ‬لإسهاماته‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الوضع‭ ‬المالي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭. ‬ولم‭ ‬تغفل‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬أهمية‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬وستكون‭ ‬لها‭ ‬الكلمة‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وإدامة‭ ‬التقدم‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬كالتكنولوجيا‭ ‬والفضاء‭.‬

ويبرز‭ ‬الجانب‭ ‬الإنساني‭ ‬كأكثر‭ ‬الجوانب‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬ومذكرات‭ ‬التفاهم‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬توقيعها،‭ ‬والذي‭ ‬يتعلق‭ ‬بالصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬كونهما‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مقومات‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬ومعيار‭ ‬التقدم‭ ‬الحقيقي‭ ‬لأي‭ ‬دولة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تحرص‭ ‬عليه‭ ‬وتسعى‭ ‬إليه‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬باستمرار،‭ ‬فالمواطن‭ ‬هو‭ ‬هدف‭ ‬التنمية‭ ‬وغايتها‭.‬

وغني‭ ‬عن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬فرص‭ ‬نجاح‭ ‬وتحصيل‭ ‬فوائد‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬ومذكرات‭ ‬التفاهم‭ ‬كبيرة‭ ‬وواسعة؛‭ ‬لاسيما‭ ‬أنها‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬مبدا‭ ‬الاستفادة‭ ‬المشتركة‭ ‬والخبرات‭ ‬المتبادلة‭ ‬وتهدف‭ ‬إلى‭ ‬شراكة‭ ‬حقيقية‭ ‬ومستدامة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬ضرورية‭.‬

وبهذا،‭ ‬فإن‭ ‬زيارة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬هي‭ ‬بمثابة‭ ‬تدشين‭ ‬لمرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬والجمهورية‭ ‬الإيطالية‭ ‬وبداية‭ ‬لعهد‭ ‬سيكون‭ ‬حافلًا‭ ‬بمختلف‭ ‬صور‭ ‬التعاون‭ ‬الوثيق،‭ ‬وزاخرًا‭ ‬بالمكاسب‭ ‬والمنافع‭ ‬للبلدين‭ ‬والشعبين‭ ‬الصديقين‭.‬