وَخْـزَةُ حُب

سنة فأر من أولها!

| د. زهرة حرم

ما‭ ‬إن‭ ‬تُذكر‭ ‬الفئران؛‭ ‬حتى‭ ‬تقفز‭ ‬إلى‭ ‬أذهاننا‭ ‬كلمة‭ (‬طاعون‭) ‬أجاركم‭ ‬الله‭! ‬وباءٌ‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬يتفشى،‭ ‬وينتشر‭ ‬بلا‭ ‬هوادة‭ ‬أو‭ ‬ركود؛‭ ‬فيفتك‭ ‬بالبشر،‭ ‬واحدًا‭ ‬بعد‭ ‬الآخر‭! ‬لذلك؛‭ ‬يعد‭ ‬الطاعون‭ ‬الوجه‭ ‬الآخر‭ ‬للموت؛‭ ‬والموت‭ ‬غير‭ ‬المريح،‭ ‬الذي‭ ‬يسبقه‭ ‬عذاب،‭ ‬ومعاناة،‭ ‬وويلات‭! ‬ومما‭ ‬يميز‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭/ ‬الطاعون؛‭ ‬أنه‭ ‬فُجائي،‭ ‬مُباغت؛‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مقدمات،‭ ‬أو‭ ‬سابق‭ ‬إنذار‭! ‬ولا‭ ‬يمنحك‭ ‬الوقت‭ ‬الكافي‭ ‬لاكتشافه؛‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬ضحاياه،‭ ‬يُقدّمون؛‭ ‬كأنهم‭ ‬قرابين‭ ‬فداء؛‭ ‬حتى‭ ‬يكتشف‭ ‬نفر‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬أو‭ ‬الأطباء‭ ‬لقاحاتٍ‭ ‬مضادة‭ ‬له‭!‬

في‭ ‬عالم‭ ‬الأبراج‭ ‬الفلكية‭ ‬الصينية؛‭ ‬يتصدر‭ ‬هذا‭ ‬العامَ‭ ‬2020‭ ‬برجُ‭ ‬الفأر‭! ‬لذلك‭ ‬يسمى‭ ‬عام‭ ‬الفأر،‭ ‬وهو‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬الترتيب‭ ‬بين‭ ‬بقية‭ ‬الأبراج‭ (‬25‭ ‬يناير‭- ‬11‭ ‬فبراير‭). ‬وفيما‭ ‬يُنظر‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬شرق‭ ‬آسيا؛‭ ‬كالصين‭ ‬واليابان،‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬الإعجاب؛‭ ‬نظرا‭ ‬لبعض‭ ‬صفات‭ ‬الفأر‭ ‬الإيجابية‭ ‬لديهم؛‭ ‬ننظر‭ ‬إليه‭ ‬نحن‭ - ‬وتشاركنا‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ - ‬باشمئزازٍ‭ ‬ونفور؛‭ ‬فهو‭ ‬رمز‭ ‬للمرض،‭ ‬والقذارة‭ ‬–‭ ‬أعزكم‭ ‬الله‭ ‬–‭ ‬وحيثما‭ ‬يحلّ؛‭ ‬يكون‭ ‬التخريب،‭ ‬والدمار،‭ ‬والفوضى‭!‬

وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الطبيعة‭ ‬الخاصة‭ ‬ببرج‭ ‬الفأر‭ ‬الصيني؛‭ ‬فإن‭ ‬استهلال‭ ‬هذه‭ ‬السنة،‭ ‬بوباء‭ ‬فيروسيّ‭ ‬صينيّ‭ ‬المصدر‭ ‬بامتياز؛‭ ‬يقلب‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬المعادلات،‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬صعيد،‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬الصين‭ ‬وحدها،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬أجمع،‭ ‬فمن‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬الفلكية‭ ‬لمشتغلين‭ ‬في‭ ‬المجال‭: ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬البرج‭ ‬يحلّ‭ ‬كل‭ ‬12‭ ‬عامًا،‭ ‬ويقابله‭ ‬من‭ ‬الأبراج‭ ‬الغربية‭ ‬الدلو،‭ ‬والتاريخ‭ ‬يشهد‭ ‬بمرور‭ ‬العالم‭ ‬بكوارث‭ ‬طبيعية،‭ ‬وأزمات‭ ‬مالية‭ ‬اقتصادية،‭ ‬وحروب‭ ‬واضطرابات؛‭ ‬كلما‭ ‬حل‭ ‬هذا‭ ‬البرج‭! ‬هذا‭ ‬ونحن‭ ‬–‭ ‬يا‭ ‬سادة‭ - ‬في‭ ‬أول‭ ‬العام‭! ‬الله‭ ‬يستر‭ ‬من‭ ‬القادم‭.‬

في‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي؛‭ ‬هي‭ ‬سنة‭ ‬فأر‭ ‬من‭ ‬أولها،‭ ‬“داخلة‭ ‬على‭ ‬ثقيل‭!‬”،‭ ‬وكلنا‭ ‬يشاهد‭ ‬ما‭ ‬يحصل؛‭ ‬مفاجآت‭ ‬لا‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نصفها‭ ‬بالصادمة‭! ‬فمن‭ ‬الواضح‭ ‬لأي‭ ‬متتبع‭ ‬للأحداث‭ ‬–‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬الفلك‭ ‬وحسابات‭ ‬الطوالع‭ - ‬أنها‭ ‬سنة‭ ‬تحولات‭ ‬كبيرة،‭ ‬وقلب‭ ‬طاولات‭ ‬حادّ،‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬لتغييرات‭ ‬جذرية؛‭ ‬لا‭ ‬تُعنى‭ ‬بالتدريج،‭ ‬أو‭ ‬التساهل‭!‬

هل‭ ‬سيؤثر‭ ‬ذلك‭ ‬علينا‭ ‬نحن‭ ‬–‭ ‬شخصيًا‭ - ‬أم‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الآمنة،‭ ‬مرتاحين،‭ ‬بعيدين‭ ‬عن‭ ‬وجع‭ ‬الدماغ‭!‬؟‭ ‬لاشك‭ ‬أننا‭ ‬نشارك‭ ‬المجتمعات‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬العالم؛‭ ‬الهواء‭ ‬والماء‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭! ‬فما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬أقصاها،‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬أدناها‭! ‬والله‭ ‬يحفظ‭ ‬التكنولوجيا؛‭ ‬من‭ ‬قرية‭ ‬واحدة‭ ‬إلى‭ ‬جيبٍ‭ ‬واحد‭! ‬هلع‭ ‬وذعر‭ ‬بسبب‭ ‬خبر‭ ‬على‭ ‬هاتفك‭! ‬ومحاولات‭ ‬بحثك‭ ‬عن‭ ‬كيفيات‭ ‬الوقاية‭! ‬ولغط‭ ‬يدور‭ ‬عن‭ ‬مؤامرات‭ ‬مُدبّرة،‭ ‬ونهايات‭ ‬الزمان،‭ ‬وأنت‭ ‬ترتعد‭ ‬وترجف‭! ‬هذه‭ ‬بوادر‭ ‬سنة‭ ‬الفأر،‭ ‬كم‭ ‬تمنينا‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬سنة‭ ‬الأرنب‭.‬