فجر جديد

قوة الدفاع ومهارة صناعة الرجال

| إبراهيم النهام

في‭ ‬منتصف‭ ‬التسعينات،‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬شرف‭ ‬الانتساب‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬دفاع‭ ‬البحرين،‭ ‬وبعمر‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬الثمانية‭ ‬عشر‭ ‬ربيعا،‭ ‬يومها‭ ‬كُنت‭ ‬أنظر‭ ‬بإبهار‭ ‬للزي‭ ‬العسكري‭ ‬ولهيبته‭ ‬ولجمالية‭ ‬القطع‭ ‬الحديدية‭ ‬اللامعة‭ ‬عليه،‭ ‬وكيف‭ ‬يكون‭ ‬الضباط‭ ‬والأفراد‭ ‬ذو‭ ‬اختلاف‭ ‬ومكانة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وبين‭ ‬الناس‭.‬

بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬منتسبا‭ ‬بها،‭ ‬بسلاح‭ ‬الجو‭ ‬الملكي‭ ‬تحديدا،‭ ‬وبعد‭ ‬سنوات‭ ‬جهيدة‭ ‬من‭ ‬الدراسة‭ ‬بالداخل‭ ‬والخارج،‭ ‬اكتشفت‭ ‬بأن‭ ‬الأمور‭ ‬ليست‭ ‬وردية‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬كنت‭ ‬أتصوره،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬أعمق‭ ‬وأكثر‭ ‬معنى‭ ‬وهدفا‭ ‬في‭ ‬الحياة‭.‬

في‭ ‬قوة‭ ‬الدفاع‭ ‬البحرين،‭ ‬والتي‭ ‬يتصادف‭ ‬ذكرها‭ ‬تأسيسها‭ ‬الثاني‭ ‬والخمسين‭ ‬اليوم،‭ ‬استذكرتُ‭ ‬أيام‭ ‬التمرغ‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬الرجال،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬الكل‭ ‬بها‭ ‬يتحرك‭ ‬تحت‭ ‬راية‭ ‬العلم‭ ‬الوطني،‭ ‬وتحت‭ ‬توجيهات‭ ‬العاهل،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬الفضل‭ ‬بعد‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل،‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يضع‭ ‬اللبنات‭ ‬الأولى‭ ‬لبنائها‭ ‬وللنهوض‭ ‬بها،‭ ‬كمؤسسة‭ ‬عسكرية‭ ‬كُبرى‭ ‬تشرف‭ ‬اليوم‭ ‬كل‭ ‬بحريني‭.‬

انتسابي‭ ‬لقوة‭ ‬دفاع‭ ‬البحرين‭ ‬لفترة‭ ‬تجاوزت‭ ‬الأحد‭ ‬عشر‭ ‬عاما،‭ ‬أوجدت‭ ‬بي‭ ‬الكثير‭ ‬مما‭ ‬لم‭ ‬توجده‭ ‬بي‭ ‬وتيرة‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬والبيت‭ ‬والمدرسة،‭ ‬أوجدت‭ ‬بي‭ ‬النظام،‭ ‬والجأش،‭ ‬والحذر،‭ ‬معاني‭ ‬الولاء‭ ‬للبلد،‭ ‬أوجدت‭ ‬بي‭ ‬أيضا‭ ‬العزيمة‭ ‬والإرادة‭ ‬والجسارة‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬التغيير،‭ ‬وفي‭ ‬رسم‭ ‬الأمل،‭ ‬وفي‭ ‬خدمة‭ ‬أبناء‭ ‬بلدي‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬موضع،‭ ‬وأي‭ ‬مكان‭.‬

قوة‭ ‬دفاع‭ ‬البحرين،‭ ‬وسمت‭ ‬بين‭ ‬منتسبيها‭ ‬دوما‭ ‬بأنها‭ ‬مصنع‭ ‬الرجال،‭ ‬وهي‭ ‬كذلك؛‭ ‬لأن‭ ‬الداخل‭ ‬بها‭ ‬ليس‭ ‬كالخارج،‭ ‬فالقيم‭ ‬التي‭ ‬توجدها‭ ‬في‭ ‬نفوسهم‭ ‬جميعا،‭ ‬تظل‭ ‬متروكة‭ ‬الأثر‭ ‬بداخلهم‭ ‬حتى‭ ‬النهايات،‭ ‬عنوانها‭ ‬الأول‭ ‬والرئيس‭ ‬الولاء‭ ‬والتضحية‭ ‬للبحرين‭ ‬ولشعبها‭ ‬الكريم‭.‬

إنني‭ ‬لأعبر‭ ‬عن‭ ‬شكري‭ ‬وتقديري‭ ‬لعاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬بذله‭ ‬ويبذله‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬لأن‭ ‬تصل‭ ‬قوة‭ ‬الدفاع‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬اليوم،‭ ‬وهو‭ ‬شكر‭ ‬موصول‭ ‬إلى‭ ‬القائد‭ ‬العام‭ ‬لقوة‭ ‬دفاع‭ ‬البحرين‭ ‬المشير‭ ‬الركن‭ ‬الشيخ‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬على‭ ‬مساعيه‭ ‬الخيرة،‭ ‬وعلى‭ ‬يوميات‭ ‬شبابه‭ ‬الذي‭ ‬أفناه‭ ‬لأجلها‭ ‬ولأجل‭ ‬أبنائها‭ ‬ولأجل‭ ‬الوطن،‭ ‬ولا‭ ‬أنسى‭ ‬منتسبيها‭ ‬فردا‭ ‬فردا‭ ‬على‭ ‬محبتهم‭ ‬وولائهم‭ ‬وإخلاصهم‭ ‬وتفانيهم‭.‬